بعد إخفاقه في اختبارين سابقين من عودته لقيادة المنتخب البرازيلي لكرة القدم في 2014، قد تصبح بطولة كأس أمم أميركا الجنوبية (كوبا أميركا 2016) الفرصة الأخيرة للمدرب البرازيلي الشهير كارلوس دونغا.
وسبق لكارلوس كايتانو بليدورن فيري، الشهير بلقب "دونغا"، أن توج مع المنتخب البرازيلي بلقب كأس العالم 1994 بالولايات المتحدة عندما كان لاعبا وقائدا للفريق.
ولكن دونغا سيواجه الاختبار الأصعب له مع راقصي السامبا من خلال النسخة المئوية لبطولات كوبا أميركا والتي تستضيفها الولايات المتحدة من الثالث إلى 26 يونيو المقبل.
وبعد 22 عاما من حمل كأس العالم بين يديه في الولايات المتحدة، يعود دونغا لنفس البلد وحبل الإقالة يلتف حول عنقه.
وخلال فترته الأولى في تدريب المنتخب البرازيلي بين عامي 2006 و2010، توج دونغا مع الفريق بلقبي كوبا أميركا 2007 وكأس القارات 2009 لكنه خرج من دور الثمانية في مونديال 2010 بجنوب أفريقيا.
ومع عودته لتدريب المنتخب البرازيلي في 2014 ، بعد سقوط الفريق المدوي بقيادة مدربه السابق لويز فيليبي سكولاري في المربع الذهبي لمونديال 2014 بالبرازيل، استهل دونغا عمله مع الفريق بسجل رائع حيث حقق الفوز في جميع المباريات الودية ال12 التي خاضها مع الفريق.
ولكن هذا لم ينقذه من الانتقادات بعدما أخفق في أول اختبارين له مع الفريق على المستوى الرسمي حيث ودع كوبا أميركا 2015 في تشيلي من دور الثمانية على يد منتخب باراجواي كما قدم الفريق نتائج متذبذبة وهزيلة في المباريات الست الأولى له بتصفيات كأس العالم 2018 ليحتل المركز السادس حاليا في جدول التصفيات.
ورغم السقوط في كوبا أميركا 2015 ، قرر الاتحاد البرازيلي للعبة منح "الجنرال" دونغا فرصة إضافية تتمثل في كوبا أميركا 2016 إضافة لقيادة المنتخب الأولمبي في مسابقة كرة القدم بدورة الألعاب الأولمبية القادمة (ريو دي جانيرو 2016).
وذكرت صحيفة "أوستادو دو ساو باولو" البرازيلية الرياضية ، على موقعها بالانترنت عشية اجتماع مسؤولي الاتحاد البرازيلي للعبة مع دونغا في أبريل الماضي، "الفكرة هي منح دونغا فرصة واحدة أخيرة في كوبا أميركا. إذا أدى الفريق بشكل جيد في الملعب ووصل للنهائي على الأقل. سيظل دونغا في منصبه".
كما ذكرت صحيفة "لانس" الرياضية ، على موقعها بالانترنت ، أن الاتحاد البرازيلي للعبة جدد الثقة في دونغا لأنه لا يمتلك اسما قويا كمرشح لخلافته في هذا المنصب حاليا.
وذكرت وسائل إعلام أخرى أن الاتحاد البرازيلي لا يمتلك بديلا لدونغا وأن هذا كان من العوامل التي أدت لاستمرار دونغا حتى الآن في منصبه ومنحه الفرصة حتى كوبا أميركا 2016 .
وعلى النقيض تماما مما حققه دونغا من شهرة وشعبية وما ناله من إشادة كأحد أفضل اللاعبين خلال مونديال 1994، كانت ردود الفعل قاسية للغاية على دونغا بعد فشله كمدرب في قيادة الفريق للمربع الذهبي بمونديال 2010.
وكانت أكثر الإهانات، التي وجهت إليه، تهذيبا هي وصفه "بالحمار" حيث وجهت إليه انتقادات بسبب أساليبه الخططية الصارمة و"الجامدة" التي تتناسب مع الالتزام والحزم الذي يتسم به دونغا خارج الملعب ولكنها لا تتفق مع أسلوب اللعب الجمالي "جوجو بونيتو" الذي تميزت به الكرة البرازيلية في الماضي.
ولهذا، ومع إعادة دونغا لقيادة المنتخب البرازيلي خلفا لسكولاري في أعقاب الخروج المهين من المونديال البرازيلي، كان الشعور السائد هو التشكك أكثر من الشعور بالأمل في قدرة دونغا على استعادة كبرياء أو بريق راقصي السامبا.
ولكن دونغا (52 عاما) تعامل مع الواقع بهدوء خاصة وأنه اعتاد على مثل هذه الانتقادات والتحديات.
ومر دونغا بموقف مشابه قبل أكثر من ربع قرن حيث حملته وسائل الإعلام البرازيلية المسؤولية أكثر من باقي زملائه عندما خرج المنتخب البرازيلي بقيادة المدرب سيباستياو لازاروني من الدور الثاني لمونديال 1990 بإيطاليا أمام منافسه التقليدي العنيد المنتخب الأرجنتيني حيث قدم المنتخب البرازيلي في تلك النسخة من المونديال أسوأ عروض له منذ مونديال 1966.
واستمرت الانتقادات بعد المونديال الإيطالي حيث وصف الإعلام البرازيلي تلك الفترة بأنها "حقبة دونغا" في إشارة إلى أن أداء الفريق اتسم بالابتعاد عن الفن الكروي الذي اعتاد المنتخب البرازيلي تقديمه فيما مال الأداء لأسلوب اللعب الخشن والفظ.
ولكن دونغا رد عمليا على الانتقادات عندما حمل شارة قائد المنتخب البرازيلي في مونديال 1994 بالولايات المتحدة وساهم بقدر رائع في فوز الفريق بلقبه العالمي الرابع بعد 24 عاما من الفوز باللقب الثالث.
والآن، يواجه دونغا، الذي لعب في الماضي لأندية عدة منها شتوتجارت الألماني وفيورنتينا الإيطالي وانترناسيونال وكورينثيانز وسانتوس وفاسكو دا جاما البرازيلية، حلقة جديدة من سلسلة الجدل الذي يحيط به دائما.
ولكن دونغا سيخوض هذا التحدي بدون ورقته الرابحة حيث يغيب المهاجم نيمار دا سيلفا عن صفوف الفريق في هذه البطولة بعدما وافق ناديه برشلونة الأسباني على مشاركة نيمار في أولمبياد 2016 فحسب وعدم المشاركة في مسابقتين دوليتين خلال صيف هذا العام.
ولهذا، ستكون كوبا أميركا 2016 هي أصعب فترة في مسيرة دونغا منذ عودته إلى تدريب الفريق في 22 يوليو 2014 عقب الخروج المهين للسامبا من المونديال البرازيلي بالهزيمة المخزية 1/7 أمام نظيره الألماني في المربع الذهبي للبطولة.
ورغم الذكريات السيئة التي خلفها خروج الفريق بقيادة دونغا من دور الثمانية في مونديال 2010، يفضل دونغا استدعاء ذكريات النتائج الجيدة التي حققها مع الفريق قبل تلك البطولة ومنها الفوز بكوبا أميركا 2007 وكأس القارات 2009.
ولكن مدرب السامبا البرازيلية سيكون عليه أن يرد عمليا بنتائج إيجابية وعروض جيدة خلال كوبا أميركا 2016 خاصة وأن إخفاقه في النسخة الماضية من كوبا أميركا، والتي لم تعكس النتائج الرائعة في المباريات الودية التي سبقتها، ساهم في فقدان الثقة بقدرات دونغا ليتولد لدى المشجعين ووسائل الإعلام شعور بالقلق من الغياب عن المونديال للمرة الأولى في التاريخ.