كتبت خلال هذا الأسبوع ثلاثة مقالات متتابعة عن الزراعة التي تواجه مصيراً صعباً يهدّد وجودها، ومازلت أشعر بالتقصير وعدم الوفاء بعد للنخلة والأرض.
من حسن حظّي أني ابن منطقةٍ ممتدةٍ في عمق التاريخ، تحمل اسماً معتقاً يعبق بأصالة العطر والبخور، «البلاد القديم»، التي كانت عاصمةً للبحرين قبل ثلاثة قرون، وكانت مرفأً بحرياً تحط فيه السفن القادمة من بعيد.
هذه المنطقة تحيطها المزارع من ثلاث جهات، شرقاً وغرباً وجنوباً، أما الناحية الجنوبية فتنفتح على العاصمة المنامة، وفي رأسها الغربي تقع أشهر عين طبيعية في منطقة الخليج على الإطلاق: عذاري. هذه العين الفخمة التي ارتبطنا بها كأبناء قرى مجاورة، كما ارتبط بها الكثير من أبناء المناطق البعيدة، حيث يأتونها سعياً.
في عين «العذارى» هذه تعلّمنا السباحة، حيث كنا نذهب إليها مشاةً على أقدامنا، متجازين الحقول والمزارع قبيل الضحى، خوضاً في الجداول و»السيبان». وكنّا نقضي فيها قرابة الثلاث ساعات يومياً طوال أشهر الصيف، ولا نخرج من الماء إلا حين يقترب موعد أذان الظهر، وفي طريق العودة إلى منازلنا ونحن جياع، نقتلع نبات «القُلّمان» من الطريق الزراعي، حيث نتلمظ بطعمه الخاص، الخليط بين الحامض والمالح، فنأكله بغباره دون غسلٍ بالماء.
كتابتي عن الزراعة والبيئة ليس تطفلاً على موضوعٍ أجهله، ولا مناكفةً للحكومة أو البرلمان المشلول، وإنّما دفاعٌ عن الأرض التي تضيع بسبب السياسات الخاطئة وتضييع الأولويات والإهمال.
في هذه الأرض، تفتّحت أعيننا في أيام طفولتنا الأولى على «السيبان»، حيث كنا نسبح وتسبح معنا الحراسين (الأسماك الصغيرة جداً)، وتحتفظ الذاكرة في أولى إشعاعاتها بصور الأمهات يغسلن الثياب والأواني، في الكواكب القريبة على حواف المزارع والبساتين، قبل دخول المياه للمنازل أواخر الستينيات. في هذه البساتين كنا نذهب إلى الأحواض التي تضخ فيها المضخات المستخدمة حديثاً في العيون الارتوازية آنذاك، فيقذفنا تيار الماء بقوةٍ إلى آخر البركة. ً
في هذه البساتين حملنا «المحش» وتعلّمنا كيف نجزّ البرسيم من مستوى معين، يرتفع عن التربة بمقدار بوصتين تقريباً، لينمو العشب من جديد. وفيها تعلّمنا كيف نقتلع «الرويد» وننفض التراب العالق بجذوره، ثم نأخذه إلى الساب أو البركة لننفضه مرتين أو ثلاث مرات، وتكون تلك هي كامل عملية التنظيف!
هذه البساتين تشكل جزءًا من حياتنا وذاكرتنا، في هذه الأراضي الخصبة المعطاء، كما كانت تشكّل جزءًا من تراثنا وثقافتنا ووجداننا الوطني، وحين خرج الباحث والشاعر علوي الهاشمي بدراسته النقدية الكبيرة، أسماها «ما قالته النخلة للبحر»، حيث لخّص قصة البحرين في هذين الرمزين، النخلة والبحر، اللذين قام عليهما اقتصاد حياة معيشة الناس لقرون، قبل أن تدفق النفط في الثلاثينات، والذي وصف البحريني يوماً بأنه «نخلة غطيت بلحم ودم».
حين كتبت «روافد من بلادي» وأودعت فيه قطعاً من قلبي، كان هاجسي الأكبر أن أسجّل ملامح القرية التي تتغيّر ويتغيّر ما حولها؛ والبيئة الجميلة التي عشتها وتتعرّض صورتها اليوم إلى المحو والضياع والتضييع.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 5011 - الخميس 26 مايو 2016م الموافق 19 شعبان 1437هـ
لقد أوجعت قلوبنا يا سيد ... . كلما نمر على بقايا مزرعة أو بستان من أيام الزمن الجميل. تطيل النظر فيه و ترجع بنا الذكريات لذلك الزمن الذي أريد له أن يمحى من ذاكرتنا ، تطيل النظر لأننا لا ندري هل سنراه ثانيا أم لا... ، فقد اقتلعوا كل شي جميل في بلدي ، اقتلعوا النخلة و البحر و الإنسان ولم تبقى إلا بقايا صور ... آه يا بلد المليون نخلة ... آه
احنا خلاص ٢٠١٦ ، الهايدروبونك والزراعة بدون تربة فوق السطوح والتشجيع والتوعية عليها ، أكثر إنتاجية من البكاء على الأطلال ، بإمكان الصحيفة عمل ملحق او صفحة لخبير زراعي يعلم الهواة كيف استخدام هذة التقنيات الرخيصة نسبيا فهي متوفرة بصفة عامة للجميع وأكثر إنتاجية
تذكرنا بالزمن وذكريات العيون والنخيل والربوع الجميلة
تذكرنا بعين ريا والمنخيلة ودالية الشركة والغربية والبستان واليوسفية ودالية تنة وغيرها من العيون التي تفيض بالماء العذب الرقراق والمزدانة بالرطب واللوز والتين والرمان والجيكو والماجو والصبار والموز و الطماطم والبطيخ البحراني وذو الطعم والرائحة العجيبة المميزة والظلال واصوات الطيور والمياه الجارية في السيبان ،( اه ثم اه ) يا سيد هيجت القلوب والاحزان والحنين لتلك الايام التي لم نعشها من بعد ولا اولادنا اليوم .
ليت الشيا يعود يوما .... لاخبره بمافعلت الراسمالية الوحشية الجشعة ، وعذرا للشاعر .
سيد الناس كثروا ولاسره الممتده تكنسلت بسبب الرجال الي اصبحوا سكان زوجاتهم شفايده لزراعه ورجالنا صارو سكان
هي جنّة دلمون يعشقها أهلها لذلك لا تلام يا ابن دلمون واوال ولكن للأسف جنة دلمون وتحوّلت لجحيم
الزمن الجميل
آه آه على الزمن الجميل
لا يحسون به يا سيد ﻷنهم لم يعيشوه
سلام سيد
سيد اكتب الاسكان افضل اولادنا تزوجت و ما زلنا ننتظر وحدة سكنية