(رسالة المديرة العامة لليونسكو إيرينا بوكوفا بمناسبة اليوم الدولي للتنوع البيولوجي المصادف 22 مايو/ أيار 2016)
يتمثل موضوع اليوم الدولي للتنوع البيولوجي للعام 2016 في «تعميم مراعاة التنوع البيولوجي لمساعدة الناس وتوفير سُبل العيش المستدامة لهم». ويعبّر هذا الأمر تعبيراً قوياً وجلياً عن الرؤية المبيّنة في خطة التنمية المستدامة للعام 2030، وكذلك في اتفاق باريس بشأن تغير المناخ. وترمي هذه الرؤية إلى وضع برنامج واحد لرسم مسار جديد للناس والسلام والكوكب للسنوات الخمس عشرة المقبلة. وسيتطلب المضي قدماً في هذا المسعى بذل جهود عالمية هائلة لا نظير لها فيما مضى للحدّ من تغير المناخ والتكيف معه والتخفيف من عواقبه على الناس وسُبل عيشهم، وإيجاد وسائل للانتفاع بموارد الأرض بطريقة تضمن استدامتها.
وتضطلع اليونسكو بدور ريادي في السعي إلى وضع حلول فعالة وشاملة. وتساهم اليونسكو، عن طريق اتفاقية التراث العالمي والشبكة العالمية لمعازل المحيط الحيوي وبرنامج الحدائق الجيولوجية العالمية، في صون مواقع ذات قيمة عالمية فريدة وفي المحافظة على ثراء تنوعها البيولوجي. وتُعتبر المواقع الطبيعية المدرجة في قائمة التراث العالمي لليونسكو، وعددها 197 موقعاً، وكذلك المحميات التي تضمّها الشبكة العالمية لمعازل المحيط الحيوي، وعددها 669 محمية، أماكن للتعلّم تشمل جميع النُظم الإيكولوجية الرئيسية وتتيح إيجاد حلول محلية لتحقيق التنمية المستدامة. وتساهم الحدائق الجيولوجية العالمية لليونسكو، وعددها 120 حديقة موجودة في 33 بلداً، مساهمة كبيرة في حماية التراث الجيولوجي ونشر المعرفة به، وتساهم عن طريق ذلك في صون التنوع البيولوجي.
وتبيّن هذه المواقع كيف تستفيد المجتمعات المحلية استفادة مباشرة من خدمات النُظم الإيكولوجية في ظل الجمع بين المحافظة على الطبيعة والتنمية المحلية، وتقدّم في هذا الصدد نماذج قيّمة لتنمية مستدامة تتفاعل فيها العوامل الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الجديدة بانسجام. وتبيّن هذه المواقع أيضاً أهمية الشراكة في كل المستويات والمجالات للمساعدة على نشوء مجتمعات خضراء أكثر عدلاً في توزيع المنافع، وأكثر حكمةً في استخدام الموارد، وأكثر حرصاً على الاستدامة في سعيها إلى إيجاد سُبل العيش.
وتعمل اليونسكو في جميع ميادين العلوم الاجتماعية والطبيعية في آن معاً، وتستعين بالمعارف المحلية ومعارف السكان الأصليين في هذه الميادين، من أجل مد يد العون للمجتمعات المحلية، وتعزيز التعليم من أجل التنمية المستدامة، وبناء القدرات اللازمة للإدارة المستدامة، وتشاطر أفضل الممارسات، وإقامة شبكات جديدة لحماية التنوع البيولوجي.
وقد استغرق نشوء المحيط الحيوي الذي ننعم به في الوقت الحاضر، بكل ما يزخر به من تنوع هائل في النباتات والحيوانات وسائر الكائنات الحية، مليارات السنين. وينبغي لنا، بل يجب علينا أن نعمل الآن على صونه من أجل الأجيال المقبلة. وهذه هي الرسالة التي تودّ اليونسكو تبليغها في هذا اليوم الدولي للتنوع البيولوجي.
إقرأ أيضا لـ "إيرينا بوكوفا"العدد 5009 - الثلثاء 24 مايو 2016م الموافق 17 شعبان 1437هـ