لنتائج التحصيل في المرحلة الثانوية بصورة خاصة أهمية كبيرة، وذلك لارتباطها بالحصول على البعثات والمنح الدراسية، وبالتالي تحقيق الأحلام فيما يخص التخصصات الجامعية، ومن ثم الخوض في معترك الحياة العملية، ومواصلة الدراسات العليا والتخصصات الدقيقة، التي يطمح إليها الطلبة وخاصة المتفوقين منهم.
من المُسلَّم به أنَّ الدول التي تريد أن يكون لها موقع قدم في هذا العالم، الذي من أهمّ صفاته هو سرعة التغير، والاعتماد فيه على المهارات الفنية العالية، والذي تتعاظم فيه المنافسة بشكل غير مسبوق في تاريخ البشرية، لا تسير أمور حياتها بصورة اعتباطية أو عشوائية وفق الأمزجة والأهواء، وخاصة فيما يتعلق ببناء العنصر البشري المؤهل، والذي تعقد عليه الآمال المختلفة، حتى يسهم بعد تأهيله في مسيرة الوطن بمختلف المواقع.
فالثروة الحقيقية للأوطان هي في الاستثمار الحقيقي في العنصر البشري وتأهيله تأهيلاً عالياً. وكما هو مثبت علميّاً من قبل علماء التربية وعلم النفس بأن القدرات العقلية العالية High cognitive abilities للأفراد يبدأ من نحو سن 16 عاماً، حيث يستطيع المراهقون التفكير المجرد، وحل المسائل الرياضية المعقدة، كما يصبحون قادرين على التفكير الناقد،... الخ، كما تتفق مواهبهم، وعليه صممت المناهج الدراسية لتتناسب مع هذه القدرات العقلية لطلبة المرحلة الثانوية، حيث تتميز هذه المرحلة من حياة المراهقين بتزايد ملحوظ في الذكاء، وخاصة إذا ما استثمر من الوسط الذي يعيشه فلذات الأكباد من أولياء أمور ومعلمين، وبقية فئات المجتمع المختلفة.
ولكن بالطبع هم لايستغنون عن التوجيه والإرشاد، لنقص المعرفة والخبرة، ولكن يجب أن يتم من جهات مستقلة، أي بعيدة عن الجهات التي تتخذ القرار، فيما يخص البعثات الدراسية!
وعليه فإن نتائج الثانوية العامة تعكس إلى حد كبير القدرات العقلية والمميزات المختلفة للأفراد. هذا وتتخذها الدول كمعيار متعارف عليه عالميّاً للحصول على الاستحقاقات الوطنية من بعثات ومنح دراسية. وخصوصاً أن نتائج الثانوية العامة في بلدنا العزيز ليست معتمدة على نتائج السنة الأخيرة من المرحلة الثانوية، كما كان متبعاً قبل عقود، بل إنها تعتمد على نتائج جميع سنوات المرحلة الثانوية الثلاث. وهو مؤشر ذو صدقية كبيرة وعالية.
بلا شك أن للتعليم الجامعي في التخصصات التي يرغب فيها الفرد، وتناسب قدراته المختلفة من عقلية واستعدادات نفسية... الخ، لها أهميتها البالغة على مستوى الأفراد والأسر والوطن بأسره. فعلى مستوى الأفراد يكونون قادرين على التفاعل والتفوق والإبداع في التخصصات التي يرغبون في دراستها، وتتوافق مع قدراتهم واهتماماتهم. وعليه يكون عامل النجاح والتفوق فيها كبيراً. أما فيما يخص الأسر، فهي تتشوق لترى فلذات أكبادها يتلقون أرقى التعليم في التخصصات التي يرغب أبناؤهم في دراستها، وعليه يعقدون الآمال الكبيرة عليهم في الحصول على وظائف تناسب تخصصاتهم وقدراتهم، لكي يسهموا في مسيرة الوطن الغالي. أما فيما يخص الوطن، فإنه بحاجة إلى العناصر البشرية المؤهلة في مختلف التخصصات والتي نالت الدرجات العليا بجدارة واستحقاق، فهي من يُعوّل عليها بناء الوطن والأخذ به إلى أفق ومستويات عالية من التقدم في مختلف مناحي الحياة.
الشفافية والعدالة والإنصاف هو جلُّ ما ينشده المتفوقون من أبناء وبنات الوطن! فهل هذه المطالب غير منطقية أو غير وطنية؟ّ! في مقال سابق نشرته في هذه الصحيفة الغراء حمل عنوان: «مجزرة البعثات جريمة في حق الوطن والمواطنين»، تناولت فيه بشيء من التفصيل الآلية المتبعة بعد العام 2011 في توزيع البعثات من قبل وزارة التربية والتعليم، حيث لم يعد المعدل التراكمي هو المعيار الأوحد في توزيع البعثات، بل تم إعطاء المقابلة الشخصية 40 في المئة، وهو إجراء غير علمي ولا تربوي ويشوبه العوار في مختلف مفاصله، وما بني على باطل، فهو باطل! وعليه فسوف لن أكرر ما ذكرته من تفاصيل، ذكرتها في المقال السابق.
لقد اعتاد شعب البحرين على سماع وقراءة عبارة «جميع المتفوقين حصلوا على بعثات ومنح دراسية»، وهي عبارة عادة ما يتغنى بها كبار مسئولي وزارة التربية والتعليم، وتكون مصاحبة لنتائج الثانوية العامة. وهي عبارة ضبابية ومضللة، ولا تعكس المشكل الحقيقي الذي عانى منه جل المتفوقين. وهي بالتأكيد بعيدة عن الشفافية والعدالة الإجتماعية، وتعكس الكثير من الاستخفاف بعقول وقلوب المواطنين، حيث إن الجميع يدرك أنه ليس المطلوب فقط إعطاء بعثات أيًّا تكن حتى لوكانت بعيدة كل البعد عن رغبات الطلبة. وإن ما ينشده الطلبة المتفوقون وأهلهم وجل المجتمع البحريني هو أن يحصلوا على رغباتهم الأولى وفق ما هو مطروح من بعثات وتخصصات وبحسب معدلات نجاحهم، وبدون احتساب أية أداة أخرى تؤثر على النسب المئوية التي حققوها في نتائج الثانوية العامة لمدة ثلاث السنوات. ومن منطلق الشفافية والعدالة الاجتماعية أن تنشر الأسماء بالمعدلات والبعثات التي حصلوا عليها، كما هو متبع في نظام بعثات صاحب السمو ولي العهد، والتي من الواضح أنها مبنية على أسس علمية سليمة.
فعلى سبيل المثال، هل تتساوى رسوم دراسة الطب ومصاريفها السنوية الأخرى، مع البعثات الأخرى؟! طبعاً الإجابة لا. وعليه فعبارة «كل المتفوقين حصلوا على بعثات أو منح دراسية» مضللة بكل ما تحمل الكلمة من معنى.
أما فيما يخص المنح الدراسية، فهي الطامة الكبرى، حيث إنها عبارة عن مبلغ سنوي محدد، قيمته 400 دينار بحريني، فقط لا غير!
إن الآلية التي استخدمت في السنوات الأخيرة في توزيع البعثات الدراسية هي غير وطنية، ومن الواضح أنها لا تخدم إلا أجندات ضيقة لا تمت إلى المواطنة بصلة، بل هي تضرب المواطنة الحقة في مقتل، وتخلق فجوة وجفاء بين المواطنين وبين الدولة، كما تبتعد بمسافات كبيرة عن تحقيق ما ينادى به من إصلاح سوق العمل، بسبب انحراف البوصلة، حيث التدخل السلبي في توزيع البعثات.
ليس الحديث هنا عن رفض التطور في إيجاد آليات علمية وشفافة وواضحة وذات صدقية فيما يخص توزيع البعثات. ولكن المشكلة تكمن في الآلية الحالية التي لا تستند إلى أسس علمية أو تربوية، كما تفتقد الشفافية، والتضليل الذي يفقد العملية أدنى مستويات العدالة. فلماذا لا تتبع الآلية المتبعة في بعثات صاحب السمو ولي العهد؟!
من المؤكد أن السير في استغفال المواطنين والتلاعب بالألفاظ، التي لا تعكس جوهر المشكل، وهو عدم إعطاء البعثات وحسب التخصصات وبشكل تنافسي، بناءً على معدل التحصيل الدراسي، وبشكل شفاف، لهو استهداف مع سابق إصرار وترصد للمتفوقين المنتمين إلى فئة معينة من الشعب. وهو لعمري سرقة لأحلام المتفوقين، الذين تعقد عليهم الآمال في بناء بحريننا الحبيبة.
المتفوقون ينشدون آلية وطنية واضحة المعالم وشفافة، تنصفهم وتحقق لهم العدالة الاجتماعية، حتى يشعروا بأنهم مقدرون في وطنهم الغالي، وأن الدولة هي من ترعاهم، وليس هناك من يستهدفهم، ويسرق أحلامهم!
إقرأ أيضا لـ "محمد عباس علي"العدد 5008 - الإثنين 23 مايو 2016م الموافق 16 شعبان 1437هـ
لﻻسف في بلديسرقة احﻻم المتفوقين مستمرة... فهناك من يحصل على بعثات من كل جهة ... وهناك من يضيق عليهم حتى ﻻ يخرجوا من عنق الزجاجة. فأين العدالة؟
الوطنية تقتضي وضع معايير ثابته وتطبق بعدالة. من خﻻل التجارب وزارة التربية يجب أن ﻻ تكون هي الجهة التي توزع البعثات الدراسية. المطلوب لجنة وطنية محايدة
لا حياة لمن تنادي
يا دكتور
تضييع استحقاقات المتفوقين
لا أحد من المسئولين في وزارة التربية والتعليم يستطيع أن يبدي إستعداد الوزارة لتطبيق الشفافية في توزيع البعثات والرغبات على متفوقي البحرين ،أليس هذا التوجه دليل على أن الوزارة ليس لها النية في إنصاف المتفوقين ،وإلا بإمكانها نشر أسماء الطلبة والطالبات المتفوقين ومعدلاتهم التراكمية والبعثات والرغبات التي حصلوا عليها
الشفافية والأدلة في البعثات مفقودة والجميع يعرف ذلك. المتفوقون ينشدون الدالة! ﻻ أكثر وﻻ أقل. شكرا لكم
ال 400 دينار هي طنازة
خصوصا للطلبة الذين يدرسون في جامعات اجنبية لا تغطي حتى 1% من المصاريف