افتتح الممثل الشخصي لجلالة الملك سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة،أمس، معرض سبيت فاير والذي يقام تحت رعاية كريمة من سموه وبتنظيم من هيئة البحرين للثقافة والآثار بمناسبة مرور 200 عام على العلاقات البحرينية البريطانية، وذلك في متحف البحرين الوطني، حيث يستعرض من خلاله أهم المحطّات في تاريخ العلاقات التي تجمع مملكة البحرين بالمملكة المتحدة الصديقة في مجال الطيران العسكري والمدني.
ولدى وصول سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة إلى موقع الاحتفال بمتحف البحرين الوطني يرافقه دوق ويستمنستر جيرالد كافينديش قروز فينور، كان في الاستقبال رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة وعدد من النواب وسفير المملكة المتحدة لدى مملكة البحرين وعدد من السفراء بالمملكة وكبار المسئولين والمدعوين.
وبهذه المناسبة ألقى الممثل الشخصي لجلالة الملك كلمة نقل فيها سموه تحيات عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة للحضور وللقائمين على هذا المعرض المتميز، معرباً سموه عن سعادته بافتتاح المعرض الذي يعبر عن عمق العلاقات بين البلدين الصديقين، كما يوثّق أهم المحطّات المضيئة التي جمعت البلدين في مجال الطيران الحربي والمدني على مدى القرنين الماضيين.
وتقدم سموه بالشكر للشيخة مي بنت محمد آل خليفة على دعوتها لسموه لرعاية افتتاح المعرض، كما اشاد سموه بالكلمات الطيبة التي ألقاها سفير المملكة المتحدة لدى مملكة البحرين سايمون مارتن والتي عبرت عن عمق العلاقات الثنائية بين البلدين الصديقين، منوهاً سموه بهذا الحدث الهام لإحياء ذكرى العلاقات التاريخية بين البلدين.
وقال سموّه «يصادف هذا العام الذكرى السنوية الـ 200 لتأسيس العلاقات بين مملكة البحرين والمملكة المتحدة، وهذه المناسبة فرصة للاحتفال بالعلاقات القوية والتاريخية بين بلدينا واستذكار العديد من اللحظات المفصلية عبر قرنين وقفت خلالها البحرين والمملكة المتحدة جنباً إلى جنب للتغلب على التحديات التي كانت تبدو عصية على التجاوز». بعد اندلاع الحرب العالمية الثانية ودخول المملكة المتحدة في الحرب مباشرة، بعث سمو الشيخ حمد بن عيسى بن علي آل خليفة حاكم البحرين آنذاك برقية لجلالة الملك جورج السادس تعهد فيها بدعم البحرين للمملكة المتحدة في المجهود الحربي، وعبر عن التعاطف الكامل مع بريطانيا العظمى في حربها ضد قوى الشر، والذي يعكس التزام البحرين الدائم بالحفاظ على السلام والأمن.
وأشار سموه إلى أن دعم البحرين للمجهود الحربي تمثل في تخصيص قاعدة لسلاح الجو الملكي البريطاني في المحرق وتجنيد ما يقرب من 250 من الرجال البحرينيين لتشكيل قوة للدفاع عن البحرين في حال وصلت الحرب إلى شواطئها.
وقال سموّه: «إن البحرينيين مثلهم مثل أصدقائهم في المملكة المتحدة، تحملوا نوعاً من الصعوبات الاقتصادية خلال الحرب لعدة سنوات بدءاً من العام 1942، حيث أدت الحرب إلى نقص في المواد الغذائية، وهو ما نتج عنه اللجوء للحصص الغذائية التي حدت من إمدادات الغذاء لمعظم الأسر البحرينية، غير أن أبرز مساهمة للبحرين في المجهود الحربي، وسبب تجمعنا هنا اليوم هو إنشاء المجتمع البحريني لصندوق لجمع الأموال لشراء طائرات مقاتلة لسلاح الجو الملكي البريطاني، وبحلول العام 1943، جمع الصندوق ما يكفي من المال لشراء عشر طائرات مقاتلة بما في ذلك طائرة «سبيت فاير» الشهيرة التي كان يقودها الراحل فرانسيس سكوت مالدن، وقد كتب اسم «البحرين» تحت قمرة القيادة باللغتين العربية والإنجليزية».
وأشاد سمو الممثل الشخصي لجلالة الملك في كلمته بما يربط البلدين الصديقين من علاقات متينة ومتميزة وما وصلت إليه هذه العلاقات من تعاون وتطور ونماء في شتى المجالات في ظل التوجيهات السديدة لعاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة وجلالة الملكة إليزابيث الثانية ملكة المملكة المتحدة وشمال أيرلندا والوصول بها إلى أفضل المستويات حتى أصبحت نموذجاً متميزاً للصداقات والشراكة بين البلدين.
من جانبها ألقت رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة كلمة بالمناسبة أكدت فيها أن هذا المعرض يأتي تزامناً مع الاحتفال بـ 200 عام من العلاقات مع المملكة المتحدة، ويسرّنا أن نطلق معرض طائرة «سبيت فاير» المميز الذي يستعرض لمحاتٍ من هذه العلاقة الطويلة والمتينة التي تربطنا بالمملكة المتحدة في مجال الطيران العسكري والمدني، ويأتي كثمرة تعاونٍ بين شركة «بي أيه إي سيستمز» وهيئة البحرين للثقافة والآثار، والذي سيوفر للجمهور فرصةً للتعرّف عن كثبٍ على الطائرات المختلفة التي تجسّد التعاون المهم بين البلدين الصديقين.
وأضافت الشيخة مي بنت محمد آل خليفة: «نحن نؤمن أن العلاقات البحرينية البريطانية هي علاقةٌ ذات أبعادٍ تاريخيةٍ متعددة المستويات، ونفخر بأن يقام هذا الحدث تحت رعاية كريمة من قبل سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة الممثّل الشخصي لصاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه، وذلك إذ يدلّ على حرص سموه على الاهتمام بمثل هذه الفعاليات التي تسلّط الضوء على الثقافة الغنية والتي تتميز بها مملكة البحرين».
وأشارت إلى أن طائرة الـ «سوبر مارين سبيت فاير» الأيقونية ستكون محطّ أنظار زوار المعرض كونها تعتبر أشهر طائرة مقاتلة في التاريخ، حيث إن هذه الطائرة التي سجّلت أولى رحلاتها قبل 80 عاماً هي التي حمت الأجواء أثناء الحرب العالمية الثانية، بما في ذلك أجواء مملكة البحرين، كما قام متحف سلاح الجو الملكي البريطاني بالشراكة مع شركة «بي أيه إي سيستمز» بإعارة نموذج الطائرة إلى متحف البحرين الوطني.
من جهته أعرب سفير المملكة المتحدة لدى مملكة البحرين سايمون مارتن عن سروره لحضور هذا المعرض والمشاركة في الاحتفال بالعلاقات الثنائية التي تربط مملكة البحرين والمملكة المتحدة وفي هذا العام التاريخي الذي نحتفل فيه بالذكرى المئوية الثانية على هذه العلاقة الوطيدة والغنية، مشيراً إلى أن الدفاع والأمن لطالما كانا من المجالات الرئيسية التي تعاونّا فيها لتحقيق المصالح المشتركة بين البلدين، ويتجسّد هذا الأمر بوجود طائرة الـ»سوبر مارين سبيت فاير» الأيقونية التي ستُعرض طوال موسم الصيف في متحف البحرين الوطني ويتسنّى لأكبر عددٍ ممكنٍ من الزوار رؤية هذه الطائرة الجميلة والتاريخية والتعرف على الدعم المهم الذي قدمته مملكة البحرين للمملكة المتحدة أثناء الحرب العالمية الثانية.
إلى ذلك قال كبير المستشارين العسكريين في «بي أيه إي سيستمز» ورئيس مجلس أمناء متحف سلاح الجو الملكي البريطاني السير جلين تروبي: «هذا يومٌ حافلٌ بالإثارة للبحرين وقطاع الطيران على حد سواء، ولطالما كانت العلاقة بين المملكة المتحدة والبحرين علاقة وثيقة، كما يشير إلى ذلك الاحتفال بالذكرى المئوية الثانية على تأسيس هذه العلاقة، وإن إحضارنا طائرة الـ «سبيت فاير» إلى البحرين لدعم المعرض والاحتفالات المقامة في إطار هذه الذكرى أمرٌ نسعد به، فقد مثّل شراء البحرين 6 نماذج من هذه الطائرة لصالح سلاح الجو الملكي البريطاني أثناء الحرب العالمية الثانية مؤشراً مهماً على دعمها للمملكة المتحدة، وقد حظيت هذه الخطوة التي جاءت في فترةٍ بالغة الخطورة بتقديرٍ كبيرٍ من قبل سلاح الجو الملكي البريطاني.
وقال «إن هذا العام يصادف الذكرى السنوية الثمانين لأول رحلةٍ قامت بها طائرة الـ «سبيت فاير» وكذلك الذكرى الأربعين لتسيير أول رحلةٍ لطائرة الكونكورد التي تفوق سرعتها سرعة الصوت والتي حطّت في البحرين، وبالتالي فهي ذكرى طيبة لهاتين الطائرتين الأيقونيتين وكذلك للعلاقة بين مملكة البحرين والمملكة المتحدة».
كما أعرب دوق ويستمنستر جيرالد كافينديش قروز فينور في كلمة له عن بالغ سعادته بحضور افتتاح معرض سبيت فاير في متحف البحرين الوطني برعاية الممثل الشخصي لجلالة الملك سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة وحرصه الدائم على رعاية مثل هذه الفعاليات التي تهتم بإبراز العلاقات الثنائية بين مملكة البحرين والمملكة المتحدة، مشيراً إلى عمق العلاقات التاريخية بين البلدين الصديقين والتي سارت عبر مرور 200 عام بخطى وثيقة وعلاقات متميزة بين البلدين الصديقين، موضحاً أن مملكة البحرين تتميز بعمقها التاريخي والثقافي والاقتصادي ورؤية قيادتها الاستراتيجية والثاقبة بقيادة عاهل البلاد.
وأعرب سعادته عن اهتمام المملكة المتحدة بتنمية هذه العلاقات التاريخية والوطيدة وتعزيز التعاون بينهما في كافة المجالات، متمنياً للقائمين على هذا المتحف المتميز برئاسة الشيخة مي بنت محمد آل خليفة التوفيق والسداد.
بعد ذلك قام سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة ودوق ويستمنستر بجولة في أنحاء المعرض اطلع خلالها على عدد من الطائرات التاريخية المشاركة في المعرض والتي تتمتع بسمعة شهيرة كونها تعتبر من أشهر الطائرات المقاتلة في التاريخ، كما استمع إلى شرح حول ما تميزت به هذه الطائرات من تقنية في ذلك العهد، مبدياً سموه إعجابه بهذه الطائرات وما قدمته من مستوى في الطيران العسكري آنذاك، مؤكداً سموه بالمستوى والسمعة الطيبة التي تتمتع بها بريطانيا في صناعة الطائرات، مشيداً سموه بالعلاقات التاريخية والمتميزة التي تربط مملكة البحرين والمملكة المتحدة.
وخلال الجولة تبادل سمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة والمدعوين الأحاديث الودية واستعرض معهم العلاقات البحرينية البريطانية وما شهدته هذه العلاقات الوطيدة من تعاون ونماء في مختلف النواحي السياسية والتنموية والاقتصادية.
وفي نهاية الجولة قدمت هدية تذكارية لسمو الشيخ عبدالله بن حمد آل خليفة قدمها رئيس المشاريع الدولية يوسف صلاح الدين.
كما قدم دوق ويستمنستر جيرالد كافينديش قروز فينور هدية تذكارية لمتحف البحرين الوطني تسلمتها رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة.
تجدر الإشارة إلى أن المعرض سيتضمن عدداً من الطائرات الأخرى وهي:
طائرة الـ «آنسون» التي تم تصميمها وبناؤها في شمال غرب إنجلترا من قبل شركة «آفرو»، والتي استخدمتها شركة «جلف أفييشن» في العام 1950، التي أصبحت لاحقاً شركة طيران الخليج الناقل الوطني لمملكة البحرين.
وطائرة الـ «فيكرز في سي 10» التي استُخدِمت للرحلات التجارية إلى البحرين من قبل شركة الخطوط الجوية البريطانية بدءاً من العام 1964 ومن قبل «طيران الخليج» بدءاً من سبعينات القرن العشرين، وكانت النماذج التابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني تتخذ من البحرين قاعدةً لها أثناء حرب الخليج في العام 1991.
وطائرة الـ «بلاكبيرن باكانير» التي استخدمها سلاح الجو الملكي البريطاني في قاعدة المحرّق الجوية، وقد تم تصميم وبناء هذه الطائرة في مصنع بمدينة برُوْه في إنجلترا، وهو ذات المصنع الذي تم فيه بعد 40 سنة بناء أسطول طائرة الـ «هوك» التدريبية لصالح سلاح الجو الملكي البحريني.
وطائرة الـ «كونكورد» التي احتفلت في شهر يناير/ كانون الثاني الماضي بالذكرى الأربعين لتسيير أولى رحلاتها إلى البحرين وكان ذلك في 21 يناير من العام 1976، وكانت تلك الرحلة علامة فارقة في تاريخ الطيران كونها أول رحلة جوية تجارية فاقت سرعتها سرعة الصوت. ولم تستغرق تلك الرحلة التي انطلقت من مطار لندن هيثرو وحطّت في البحرين سوى 3 ساعات و17 دقيقة فقط.
ومن بين السابقات التي سجلتها هذه الطائرة أيضاً أن المغفور له بإذن الله تعالى صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة كان أول زعيم دولةٍ عربيةٍ يطير بسرعة تفوق سرعة الصوت. ويذكر أن هذه الطائرة تم تصميمها وبناؤها من قبل شركة الطائرات البريطانية التي أصبحت لاحقاً شركة «بي أيه إي سيستمز»، وهذه الطائرات مجتمعة تحكي قصة التطور والإبداع التي شهدتها صناعة الطيران في المملكة المتحدة وكيف كانت ومازالت مملكة البحرين سبَّاقةً في دعم وتبنّي أحدث التقنيات الجديدة.
ويقام هذا المعرض الذي يستمر حتى 23 أكتوبر/ تشرين الأول المقبل، وسيكون فرصة للجمهور للتعرف على هذا النوع من الطائرات والذي واكب حقبةً في تاريخ مملكة البحرين، كما سيقام على هامش المعرض برنامجٌ خاصٌ يمنح طلاب المدارس في البحرين الفرصة لمعرفة المزيد عن عالم الطيران ومملكة البحرين عبر وسائل تعليمية ممتعة.
العدد 5008 - الإثنين 23 مايو 2016م الموافق 16 شعبان 1437هـ