دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أمس الإثنين (23 مايو/ أيار 2016) إلى تقاسم أفضل «لعبء» الأزمات العالمية، وذلك خلال قمة غير مسبوقة عقدت في إسطنبول لدرس سبل التعاطي بشكل أفضل مع الأزمات الإنسانية.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون نحو ستة آلاف مشارك إلى العمل على «بناء مستقبل مختلف»، لمواجهة أخطر أزمة إنسانية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث يوجد حالياً نحو 60 مليون لاجىء ومهجر و125 مليون شخص بحاجة إلى مساعدات.
وأضاف «إن المهمة ليست سهلة ولا بد من إرادة سياسية واسعة افتقدناها خلال السنوات القليلة الماضية».
وقرارات هذه القمة لن تكون ملزمة بأي حال الأمر الذي أثار شكوك الكثير من العاملين في المجال الإنساني حول ما سيتحقق خلال هذه القمة. حتى أن منظمة «أطباء بلا حدود» رفضت تلبية الدعوة التي وجهت إليها متوقعة الاكتفاء بإصدار «إعلان حسن نوايا» من دون أي خطوات ملموسة.
وتسعى هذه القمة التي ستستمر يومين إلى إطلاق سلسلة مبادرات والتزامات لتجنب النزاعات وفرض احترام القوانين الدولية الإنسانية وضمان مصادر تمويل ثابتة للمشاريع الإنسانية.
وناشد مضيف القمة أردوغان المجتمع الدولي «تحمل مسئولياته»، مضيفاً أن «النظام الحالي غير كاف (...) فالعبء يقع حصراً على عدد من الدول. اليوم على الجميع تحمل مسئولياتهم»، مذكراً باستقبال بلاده حوالى ثلاثة ملايين لاجئ، بينهم 2,7 ملايين سوري.
وأضاف الرئيس التركي أن «الحاجات تتزايد يومياً، لكن الموارد لا تتبعها بالضرورة» وأضاف «تركيا تدرك ذلك بمرارة» مذكراً بإنفاق بلاده 10 مليارات دولار على استقبال لاجئين سوريين، ومندداً «بتهرب عدد من أفراد المجتمع الدولي من مسئولياتهم».
أما المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فدعت في الافتتاح إلى التوقف عن قطع الوعود الفارغة بالمساعدة. وقالت «قطعت وعود فضفاضة وأموال المشاريع لا تصل. يجب أن يتوقف ذلك».
وأضافت أن العالم ما زال يفتقد إلى أنظمة مساعدات إنسانية «تناسب المستقبل».
وصرح نائب الأمين العام للأمم المتحدة، يان الياسون أن الجلسة الأولى أحرزت تقدماً في الاتفاق على الحاجة إلى تجنب النزاعات عوضاً عن التعامل مع تبعاتها الدامية.
وقال «الأجدى أن ندرك الحاجة إلى الانتقال من معالجة الأعراض إلى معالجة الأسباب الجذرية. أعتقد أن هذه هي الخلاصة الرئيسية لتلك الجلسة»، مضيفاً أن الإنفاق على تجنب النزاعات ضئيل مقارنة بنفقات الإغاثة.
«إجماع عالمي جديد»
انطلقت القمة التي يحضرها بينهم أكثر من ستين رئيس دولة وحكومة، بالصورة الجماعية المعهودة، تلتها مراسم افتتاح شارك فيها الممثل دانيال كريغ، الذي لعب دور الجاسوس البريطاني الشهير جيمس بوند.
وقال كريغ إن هذه القمة قادرة على «إطلاق أهم حركة إنسانية في تاريخنا» محذراً من إصدار «كلام فارغ» لن يستتبع بأفعال.
من جهتها قالت وزيرة البيئة الفرنسية، سيغولين رويال لـ «فرانس برس» إن «مكافحة الأزمة المناخية تعني التحرك لتجنب النزاعات».
ويشكل اختيار إسطنبول لعقد المؤتمر بادرة رمزية بقدر ما هي مثيرة للجدل. ويتهم عدد من المنظمات غير الحكومية تركيا بإعادة أعداد من السوريين إلى بلادهم، وهو ما تنفيه إسطنبول.
وتشهد المنطقة نزاعات كثيرة ولا سيما في سورية حيث أفيد عن مدنيين قضوا من الجوع في مدن محاصرة، وهو ما يصور بشكل صارخ عجز النظام الإنساني الحالي عن التصدي للأوضاع.
وأضافت ميركل «نحن بحاجة إلى إجماع دولي جديد لصالح احترام القانون الإنساني الدولي» متابعة «سواء في سورية أو غيرها إننا نشهد تعرض مستشفيات ومرافق صحية للقصف المنهجي».
وقالت وكالة الأمم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين - أونروا في تقرير إن نصف مدارسها تقريباً طالتها النزاعات في السنوات الخمس الأخيرة.
كما أضاف امين عام منظمة العفو الدولية، سليل شيتي في بيان «من العبثي توقع تحسن الاستجابات الإنسانية فيما تمر أعمال القصف المتكررة لمستشفيات ميدانية والاستهداف الروتيني للمدنيين بلا محاسبة».
وأعلنت منظمة أطباء بلا حدود التي تعرضت 75 من مستشفياتها لهجمات العام الماضي، مقاطعة القمة بسبب غياب أي مبادرات ملموسة للحد من «القيود الخطيرة التي تفرضها بعض الدول» على صعيد إيصال المساعدات الإنسانية.
وقال الياسون في هذا الإطار «يؤسفني جداً اتخاذهم هذا القرار» مضيفاً أن «أحد الدوافع الرئيسية لهذه القمة هو غضبنا العارم إزاء انتهاكات القانون الإنساني الدولي» مشدداً على أمله في أن تنعكس «قناعات» المنظمة في نتائج اللقاءات.
ورغم ذلك، يأمل المشاركون وبينهم العديد من المنظمات غير الحكومية المتوسطة والصغيرة الناشطة على الخطوط الأمامية لمواجهة الأزمات الإنسانية، في أن تعطي القمة دفعاً في الاتجاه الصحيح.
وقال مدير الهلال الأحمر التركي، كرم كينيك لوكالة «فرانس برس» إن قمة إسطنبول يجب أن تكون «مرحلة أساسية» عبر تحديد أهداف تنموية وتعزيز نظام التمويل.
وقال أردوغان «نحن نقطع الوعود هنا اليوم، لكن علينا إرفاق القول بالفعل» متابعاً «عندئذ تصبح مشاكلنا كلها محلولة».
العدد 5008 - الإثنين 23 مايو 2016م الموافق 16 شعبان 1437هـ