في سياق الجلسة النقاشية التي نظّمتها كلية تمويل الشركات التابعة لمعهد المحاسبين القانونيين في انجلترا وويلز ICAEW حول متطلبات التمويل الرأسمالي بدول مجلس التعاون الخليجي، أفاد معهد المحاسبين القانونيين ICAEW، المؤسسة العالمية الرائدة والمتخصصة في مجال المحاسبة والتمويل، أنه ينبغي لدول مجلس التعاون الخليجي أن تُنشئ نموذجاً اقتصاديّاً جديداً لتُنهي بنجاح اعتمادها على النفط.
واجتمع أعضاء وضيوف معهد المحاسبين القانونيين ICAEW في فندق «جيه دبليو ماريوت ماركيز» بدبي، يوم الأربعاء (18 مايو/ أيار 2016)، لمناقشة ما إذا كان باستطاعة التكتلات الاستثمارية للقطاع الخاص أن تردم الفجوة في متطلبات التمويل الرأسمالي بدول مجلس التعاون الخليجي. وقد أقيم الحدث بتنظيم من كلية تمويل الشركات التابعة لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW في دولة الإمارات العربية المتحدة. وبحسب ما أفاد به المتحدثون، فإن دول مجلس التعاون الخليجي بحاجة إلى تنويع إيراداتها واقتصاداتها، لكن لتحقيق ذلك لا بد من تغيير سياساتها الاقتصادية. وسيتطلب ذلك مشاركة أكبر من القطاع الخاص، واستبقاء الموارد البشرية في المنطقة، من أجل الحفاظ على آفاق النمو المستدام والتنمية الاقتصادية على المدى البعيد.
وتضمنت قائمة المتحدثين كلاًّ من: رئيس ومؤسس شركة ناصر السعيدي ناصر السعيدي وشركاؤه، وكبير الاقتصاديين السابق في مركز دبي المالي العالمي؛ المدير العام الأول لدى «غلف كابيتال» وريتشارد دالاس، والشريك من المملكة المتحدة، ورئيس قسم التمويل المؤسسي للخصخصة في «برايس ووترهاوس كوبرز» PwC مارتن جاكوبس، ومدير قسم الاستشارات الاقتصادية في «ارنست ويونغ» فيليب ماكورم. وقد أدار الجلسة المدير العام ورئيس أسواق الشرق الأوسط في «روتشيلد»كريس هاولي.
وبعد الكلمة التعريفية التي ألقاها المدير العام لشركة «ألبن كابيتال»سانجاي فيج، ناقش المتحدثون والضيوف ما يمكن لدول مجلس التعاون الخليجي أن تقوم به من أجل تنويع اقتصاداتها بعيداً عن النفط. وأعرب المتحدثون على أن السياسة الاقتصادية في دول مجلس التعاون الخليجي يجب أن تتحرّك نحو إرساء سياسة مالية وأخرى نقدية لمواجهة التقلبات الدورية. ويمكن للسياسة المالية أن تشمل إزالة مخصصات الدعم، وتفعيل الخصخصة والشراكات بين القطاعين العام والخاص، والإصلاحات الهيكلية لتذليل العقبات الحالية أمام الاستثمار، وأيضاً تحفيز القطاع الخاص ليصبح أكثر نشاطاً.
وفي الوقت نفسه، ينبغي دعم هذه الجهود من خلال إحداث تغييرات في السياسة النقدية لمواجهة التقلبات الدورية، والتي تضع حدّاً لارتباط عملات دول مجلس التعاون الخليجي بالدولار الأميركي فقط، ولاسيما أن قيمة الدولار ارتفعت على مدار السنوات الثلاث الماضية بنسبة 20 في المئة. وتحتاج دول مجلس التعاون الخليجي إلى المضي قدماً باعتماد «سلة للعملات» تتضمن الدولار الأميركي، واليورو، والين الياباني، والرنمينبي الصيني. وسيتيح ذلك لكل دولة أن تحظى بنظام أكثر مرونة لسعر الصرف.
وقال المحاسب القانوني المعتمد والمدير الإقليمي لمعهد المحاسبين القانونيين ICAEW في الشرق الأوسط وإفريقيا وجنوب آسيا مايكل آرمسترونغ: «شرعت دول مجلس التعاون الخليجي بتنفيذ الإصلاحات المالية مثل طرح الضرائب وتقليل مخصصات الدعم. لكن للحصول على مشاركة أكبر من القطاع الخاص وجذب المستثمرين الأجانب، يجب أن يكون هناك المزيد من الإصلاحات الهيكلية، والتي تشكل عدة مبادرات مثل الملكية الأجنبية الكاملة بنسبة 100 في المئة، والإقامة لمدة طويلة، وأطر العمل الاستثمارية، وأطر العمل المتعلقة بالشراكات بين القطاعين العام والخاص، وتحسين الشفافية، وحوكمة الشركات. وإذا تم تنفيذ هذه الإصلاحات، فستتمكن دول مجلس التعاون الخليجي من تنمية مواردها البشرية والاحتفاظ بها في المنطقة». وأشار المتحدثون إلى أن التحدي الاقتصادي الرئيسي الذي تواجهه دول المنطقة يتمثّل في استحداث فرص العمل. فالمنطقة تحتاج إلى تحقيق نمو اقتصادي بنسبة 6-7 في المئة لإبقاء معدلات البطالة كما هي الآن. وبحلول العام 2020، سوف يتحتّم على المنطقة استحداث نحو 130 مليون وظيفة جديدة، وقد يؤدي الفشل في بلوغ ذلك إلى تفاقم المخاطر المرتبطة بالتطرّف والفقر. وقد اتفق المتحدثون على أنه لابد لدول المنطقة أن تستثمر في مشاريع البنى التحتية، إذ من شأنها أن توفر عدداً كبيراً من الوظائف.
واتفق المتحدثون أيضاً على أن النموذج الاقتصادي الجديد يعني إنشاء منظومة اجتماعية جديدة، بحيث يمكنها المساهمة في خلق فرص للعمل في القطاع الخاص، وتوفير خدمات نوعية عامة للمواطنين.
العدد 5008 - الإثنين 23 مايو 2016م الموافق 16 شعبان 1437هـ