عادة لا يلتفت أحد إلى تفاصيل حياة ركّاب الطائرات المدنية (ولا غيرها من وسائل النقل) عندما لا يقع مكروه، ويلتقي الأحباب ويتعانقون في قاعة وصول المسافرين بالمطار. لكن مثل تلك التفاصيل تُصبح مساوية في التداول من حيث الأهمية مع ظروف سقوط طائرة بشكل مأساوي، كالذي حصل للطائرة المصرية المنكوبة (إيرباص إيه - 320) التي اختفت وتحطمت جنوبي جزيرة كريت اليونانية بعد دخولها المجال الجوي المصري في ساعة مبكّرة من صباح الخميس الماضي.
وقد أعلنت السلطات المصرية فور علمها بالحادث أن 30 مصريّاً و15 فرنسياً وعراقيين وبريطانيّاً وبرتغاليّاً وجزائريّاً وتشاديّاً وسعوديّاً وكويتيّاً وسودانيّاً وكنديّاً كانوا على متن الطائرة المنكوبة، ما يعني أن ستّ دول عربية من قارتين رَفَعَت المِجْلَد على مواطنيها.
ففي بغداد، قالت وزارة الخارجية إن العراقيّيْن اللذين كانا على متن الطائرة المنكوبة والتي كانت متجهة من باريس الى القاهرة، هما نجلاء الصالحي وحسين خالد محمود. وأضاف بيان الخارجية العراقية أن الصالحي ومحمود كانا سيُكمِلان رحلتيهِما إلى بغداد على متن طائرة أخرى بعد هبوطهما في مطار القاهرة، إلاّ أن القَدَر عاجلهما قبل الوصول إلى أرض الوطن.
وفي الجزائر أفاد موقع «الشروق نيوز» أن عائلة جزائرية تنحدر من مدينة «ميلة» الشرقية قَضَتْ في الحادث، مشيرة إلى أن العائلة تتألف من 4 أفراد، هم: فيصل بطيش، وزوجته نهى سعودي وابناهما محمد ذو العامين ونصف العام وجمانة ذات السبعة أشهر، وأن العائلة تمتلك الجنسيتين الجزائرية والفرنسية. لكن الناطق باسم الخارجية الجزائرية عبدالعزيز بن علي الشريف قال إنه «تم تسجيل رعية جزائرية بين ضحايا» الطائرة المصرية و»أنّ الأمر يتعلق بنهى سعودي زوجة بطيش». وربما اعتُبِرَ زوجها وابناها على أنهم فرنسيون وليسوا جزائريين.
أما الضحية التشادية فقد نقل مكتب صحيفة «الشرق الأوسط» في القاهرة نقلاً عن السفارة التشادية في باريس وكذلك صحيفة «إكاثيميريني» اليونانية أن المواطن التشادي الذي كان على متن الطائرة المصرية هو «طالب في الكلية العسكرية الفرنسية في سان سير» وأنه كان «عائداً لحضور مأتم والدته» في بلده تشاد لكن قضاء السماء جعله يلحق بها وثراها لم يجف بعد.
وفي مصر قال السفير السعودي بالقاهرة أحمد قطان إن الراكبة السعودية في الطائرة المصرية المنكوبة هي إحدى موظفات السفارة السعودية في القاهرة، وأنها كانت برفقة ابنتها التي تعالَج في فرنسا. ونقلت صحيفة «المدينة» عن السفير قطان أنه اتصل بابن الفقيدة وأبلغه أنه سيكون مسئولاً عنه «حتى يتخرج في الجامعة التي يدرس فيها».
وفي الكويت نقلت صحيفة «الأنباء» أن الأكاديمي عبدالمحسن محمد السهيل المطيري كان على متن الطائرة المصرية وأنه كان في فرنسا منذ أسابيع مع زوجته لعلاج ابنيه وهما من ذوي الاحتياجات الخاصة، إلاّ أن المطيري قرر السفر بمفرده إلى مصر ليشارك في مؤتمر بالقاهرة؛ كونه يعمل في الهيئة العامة للاستثمار، لكنه لم يعلم أن رحلته ستكون الأخيرة، ولن يكون بمقدور أولاده الأربعة وبناته الثلاث رؤيته مرة أخرى.
أما في السودان فقد قالت مواقع إخبارية إن شقيق والي القضارف محمد صالح سعيد وفارس عيسى كوكو كانا على متن الطائرة. ونقلت «البوابة نيوز» عن ثريا ابنة عم فارس (الذي يحمل أيضاً الجنسية الفرنسية) أنه جاء «لإتمام خطبته من فتاة سودانية مقيمة في السودان مع والدها» لكن شاء الله أن تتضمّخ مناسبة الفرح بدمِ الحزن ويختلط الهَزَج بالعويل.
وفي مصر صاحبة المصاب الأكبر كان على متن الطائرة «العائدة» شاب اسمه أحمد أخذ زوجته ريهام التي تعاني من السرطان للعلاج في فرنسا، تاركاً أولاده الثلاثة عند أمه. ونقلت صحيفة «الوفد» عن الفنان محمد الشناوي قوله إن ريهام «مات أبوها منذ وقت قصير ولحقته أمها، فحزنت حزنًا شديدًا لفراقهما» وقد «باع أحمد كل شيء لينقذ زوجته ويخفف عنها آلامها، ثم سافر إلى باريس ليعالجها هناك» لكن القَدَر شاء أن يرحل الصحيح والسقيم وحامل الدّاء والدواء معاً.
وفي الوسط الفني المصرية ذكرت مواقع التواصل الاجتماعي أن فنانة سابقة كانت بين الضحايا. وأشارت تلك المواقع إلى أن ميرفت زكريا، وهي رئيسة طاقم الطائرة المنكوبة، كانت «شاركت في عمل فني وحيد مع الفنان محمود مرسي والفنانة كريمة مختار العام 1985».
العدد 5005 - الجمعة 20 مايو 2016م الموافق 13 شعبان 1437هـ