العدد 5005 - الجمعة 20 مايو 2016م الموافق 13 شعبان 1437هـ

جموح السرياليّة واختزالات التجريد في لوحات الفنّانة مها المنصور

مها المنصور في الورشة الخليجية بقطر
مها المنصور في الورشة الخليجية بقطر

من التجارب التشكيليَّة المتميّزة في التشكيل العربي المعاصر، تستوقفنا تجربة مها المنصور، الفنّانة الكويتيَّة التي تنحدر من أسرة فنيَّة متميّزة بإبداعاتها، فوالدها هو الفنّان المخرج عبدالعزيز المنصور، الأب الروحي للطفلة المدلّلة، وأوَّل المكتشفين لمواهبها، والداعمين لمسيرتها الفنيَّة. وقد صقلت مها المنصور هذا التشجيع من خلال الدراسة الأكاديميَّة لمادة التربية الفنيَّة، ومن ثمَّ التفرُّغ للرسم. وجدت الفنّانة في «التعبيريَّة» منذ بداية مشوارها الفنّي، ملاذًا آمنًا لمزاولة هوايتها، ومرتعًا خصبًا لتفريغ شحناتها الانفعاليّة، وذلك بالنفاذ في عمق الروح الإنسانيّة، والغور بكلّ بساطة في أروقة لغة الحلم والعبث الطفولي. فالفنّ حلم يراودها منذ الصغر، حلم يمنحها محاكاة المطلق، واستنطاق الواقع وما خلفه، حلمٌ انطلقت منه وسارت تحت ظلّه، لتعبّر عن قضايا المرأة ومعاناتها في حالاتها المختلفة، فاستطاعت بفطنتها وريشتها تحويله إلى ممارسات كشف عوالم عقولنا وقلوبنا، لتحرّرنا من عقدة التنكّر للذات.

والمتأمّل في لوحات معرضها الشخصي «شغف وشغب»، والذي ضمّ إلى جانب اللوحة وسائط متعدّدة من تجهيز وتركيب وأعمال فيديو، يجد أنَّ المرأة قد شكّلت الهاجس الأوَّل في أعمالها التي تدور مواضيعها حول جملة من المتناقضات التي تجمع بين المرأة وجمالها، وبين تحوّلاتها ومزاجيّتها، والفنّانة تسعى إلى التعبير عنها بإحساسها ومشاعرها بحمولات ذهنيّة وبلغة جماليّة تفيض أنوثة، وتجسّدها من خلال ذاكرة طفوليَّة فيها الكثير من الشغف والشغب، حيث تتفجّر الألوان دماء تجري في شرايين لوحتها، بأشكال وطلاسم فيها الكثير من الغموض، تفصح عن عوالم المرأة في مجتمعاتنا الشرقيَّة.

غير أنَّ التجربة الأبرز في أعمالها هي تلك التي تجمع بين «جموح وفانتازيا السرياليّة واختزالات التجريد» الذي جنّبها الإسقاطات المباشرة والنزوع التشخيصي التمثيلي، هذه اللغة مكّنتها من احتواء الوجدان الإنساني بمعناه الشامل، ونقلتها من التراكيب اللونيّة إلى مدارات مضيئة شفافة تفتح نافذة للحُلم.

فللطفولة في أعمالها رائحة، وللزمان والمكان وجود، وللفكرة معنى ورمز، كلها قواسم مشتركة تطرحها الفنّانة في رسالة واحدة فيها الكثير من حداثة الطرح، إلى جانب ميلها إلى التبسيط واعتمادها على الفطرة الطبيعيَّة للأشياء، ما يشبه ما أبدعه الفنّان خوان ميرو الذي انبثقت على يديه تلك اللوحات التي تحاكي رسوم الأطفال، وهنا يكمن إبداع مها المنصور. هذا ليس مديحًا للفنّانة، بقدر ما هو أجوبة عن تجربة، حتى وإن كانت قصيرة زمنيّاً، إلا أنّها هامّة ولم تأت من فراغ، بل جاءت بعد بحث ومعرفة وخبرة في تعاملها مع الفنون البصريّة الحديثة، حيث جذبت أنظار المهتمّين والمتذوّقين للفنّ من خلال مشاركاتها الدوليَّة في الكثير من المعارض الداخليَّة والخارجيَّة، إلى جانب الجوائز والشهادات التقديريَّة التي حصدتها.

الفنانة مها المنصور، التي أقامت معرضاً شخصيّاً بعنوان: «شغف وشغب»، تحمل عدة عضويات دولية في مجال الفنون، وعرضت أعمالها في الكويت والأردن من خلال معرض عربي وقطر في الملتقى الخليجي الأول لاتحاد الجمعيات الخليجية في الورشة الفنية والمعرض بالإضافة إلى مشاركتها في اندورا وفي ورشة في معرض الكويت اكسبو في روما 2015م، ومشاركتها في ورشة فنية في فرنسا، والكثير من المشاركات في معارض القرين ومعارض الجمعية الكويتية للفنون التشكيلية ومعارض المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب.





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً