رغم أن الأبحاث التي تتناول الكاريزما لازالت قيد التطوّر، إلا أن إحدى الأبحاث وجدت أن الكاريزما ليست هبة وإنما مهارة يمكن تعلّمها وإتقانها، وذلك وفق ما نقل موقع "الاقتصادي" في (21 فبراير 2016).

وأعطى عالم الاجتماع الألماني، ماكس فيبر، مصطلح “كاريزما” صبغةً سياسية، وعرّفها على أنها “القدرة التي يتمتع بها شخص معيّن للتأثير في الآخرين إلى الحد الذي يجعله في مركز قوة بالنسبة لهم، وبحيث يمنحه الواقعون تحت تأثيره حقوقاً تسلطية عليهم كنتيجه لقدرته التأثيرية”.

وربما سمعت شخصاً يمتدح زميلاً له ويقول: “لدى فلان حضور مميّز”، فمن أين جاء بهذا الوصف؟  وما علاقة الحضور بالكاريزما؟

إذا قابلت شخصاً ما في حفلة، وكان ينظر حوله باستمرار في جميع أنحاء الغرفة، هل يترك انطباعاً جيداً؟ هل يبدو جذاباً أو ساحراً؟ الجواب غالباً لا. من الواضح أن تفكيره في مكانٍ آخر–ربما يبحث عن شخصٍ أهم منك. كما أنه لا يركز في حديثك، وربما ينظر إلى هاتفه المحمول. هل سترغب بالحديث مع هكذا شخص مجدداً؟ غالباً لا. لا أحد يرغب بالحديث مع شخصٍ غير حاضر. والأسوأ من ذلك، هو أن يكون هذا الشخص يصب تركيزه على التكنولوجيا بدلاً من الحوار، إذ وجدت دراسة أن وجود الهاتف المحمول أضعف قدرة الناس على الحوارات وجهاً لوجه.

أما إذا قابلت شخصاً منتبهاً إليك تماماً ويشارك بنشاط في الحديث معك، فغالباً ما ستجده محبباً ومثيراً للاهتمام. وإذا رن هاتفه المحمول ولن يرد عليه، يزداد إعجابك به، لأنه بذلك يؤكد أنه مهتمٌّ بك ووهبك انتباهه واهتمامه في تلك اللحظة.

إن الشخص ذو الكاريزما العالية قادر على التأثير فيمن حوله لأنه يتواصل معهم بطرق ذات معنى. ويصف الناس غالباً الأشخاص ذوي الكاريزما العالية بأنهم يشعرونك وكأنك الشخص الوحيد في تلك الغرفة. ولأنه من الصعب إعطاء الآخرين هذا القدر من الاهتمام، فإن الحضور المطلق يترك انطباعاً إيجابياً كبيراً.

وتؤكّد مجلة “Psychology Today” أن بحثاً أثبت أن الكاريزما ليست هبة، وإنما عامل ربما تكون قد حصلت عليه منذ الولادة، وربما لا. لكن الكاريزما مرتبطة بشكل كبير مع القدرة على الحضور التام، حيث تشير الدراسة إلى ستة عناصر تجعل منك شخصاً ذو كاريزما أعلى.

 1 - التعاطف

ويتمثّل التعاطف في القدرة على رؤية الأشياء من وجهة نظر الآخرين، وكيفية كيف يشعرون. ويمكنك أن تكون متعاطفاً وتضع نفسك مكان الشخص الذي أمامك فقط إذا كنت منتبهاً تماماً إليه، ولا يمكنك ذلك إلا إذا كنت حاضراً معهم بعقلك وعواطفك، ليس فقط بجسدك.

2 - امتلاك مهارات الإنصات والاستماع الفعّال

وتتمثل في القدرة على الإنصات بشكل جيّد إلى ما يحاول الشخص إيصاله إليك بشكل لفظي أو غير لفظي. مثلاً، الشخص الذي يستمر بالمقاطعة أثناء الحديث بالتأكيد لا ينصت جيّداً، لأنه يفكر في نفسه وبما سوف يقوله، وكم سيبدو ذكياً، وكيف سيترك انطباعاً جيداً لديك.

3 - التواصل بالعينين

ويتمثل في القدرة على التواصل بالبصر مع الآخرين، ويعد الاتصال بالعينين من أقوى أشكال الاتصال البشري. ويخبرنا حدسنا لاشعورياً أنه مع ابتعاد بصر شخصٍ ما عنّا، فإن انتباهه يبتعد أيضاً. وتدعم بحوث الأعصاب هذا الحدس، إذ وجدت أن الإنسان يستخدم نفس المناطق في الدماغ عندما يجول بصره وعندما يجول دماغه.

فعندما تكون حاضراً وتنظر إلى أعين أحدهم، فإن أثر هذا الاتصال يكون قوياً. وفضلاً عن شعور الشخص أنك سمعته، بسبب تعاطفك ومهارتك في الاستماع، فإنه يشعر بأنك فعلاً تراه.

4 – الحماس

ويشمل القدرة على رفع معنويات من حولك عبر الثناء على أفعالهم وأفكارهم. ومن الصعب تمثيل واصطناع الحماس لأنه شعور أصيل، ويحدث فقط عندما تنخرط بصدق مع ما يقوله أو يفعله الشخص الآخر. وكي يظهر حماسك بشكل غير مصطنع، عليك أن تشعر به بصدق، ما يحتّم عليك الحضور والمشاركة بشكل مطلق.

5 – الثقة بالنفس

وتتمثل في قدرتك على التصرّف بشكل عفوي وطبيعي، دون تصنع ودون الاكتراث بآراء الآخرين وما يفكرون به عنك. وينشغل الكثيرون بالقلق حول كيف يظهرون للناس، وينتهي بهم المطاف بالظهور قلقين أو زائفين، ويركزون على أنفسهم بدل التركيز في الناس حولهم. فعندما تكون حاضراً بالكامل، يكون تركيزك على الآخرين من حولك، لا على نفسك. وكنتيجة لذلك، تبدو واثقاً بنفسك وعفوياً.

6 – مهارات الحديث

 وتبرز في القدرة على الاتصال بشكل عميق مع الآخرين. ومن الضروري أن تعرف جمهورك إذا أردت أن تكون مؤثراً. والطريقة الوحيدة لذلك تكمن في التوافق معهم.

عندما تكون حاضراً بشكل كامل مع جمهورك، تتمكن من فهم خلفياتهم وكيف يفسرون كلماتك. وعندها، تصبح كلماتك أكثر حساسية وملاءمة. وعندما تتحدّث بمهارة، يتم الاستماع إليك بصدق.

وختاماً، نتوصل إلى قاعدة، وهي أن الكاريزما هي ببساطة الحضور المطلق.