كانت ليلةً مزدانةً بأجمل الأحلام. شفافةً بما حملته من معانٍ وألحان وفن تشكيلي وخط.

كان حفل تدشين ألبوم فرقة «وعد السماء» الجديد المعنون بـ «الحلم الأجمل» رقراقاً وعذباً، ما أضاف روعة على تلك الليلة.

أن تسمع ألبوماً إنشاديّاً بهذا المستوى لهو أمرٌ حسنٌ ويبعث التفاؤل والأمل في النفس. يشعرك أن الأنشودة اليوم باتت تنافس ذاتها لتتفوّق على غيرها وتظهر بأجمل حلة. فقد كان الألبوم متنوعاً في مواضيعه. مغايراً في ألحانه. جريئاً في استخدامه الآلات الموسيقية المتنوعة، ولا عجب في ذلك إذا ما عرفنا أن الفرقة لجأت إلى موزعي موسيقى ومهندسي صوت وملحنين محترفين عرفوا بجميل إبداعهم.

ما تناوله الألبوم هذه المرة مختلفاً ومميزاً؛ إذ ركّز على القضايا الاجتماعية والمبادئ والأخلاقيات، فقد طرح تسع أنشودات كانت أسماءها كالآتي: حنين مغترب، نجوى، الله كريم، صغيري، عتاب بنكهة الحب، فكّر بغيرك، في السر، هاتف الوصل، الحلم الأهم. ركز خلالها على القضايا الاجتماعية التي يحتاج مجتمعنا إلى إبرازها وإعادتها والاهتمام بها، وكيف لا ونحن أبناء هذي الأرض الذين عرفوا بالطيبة والكرم والسماحة واهتمامهم بالآخرين. فاستعانت الفرقة بشعراء معروفين طالما كانت لقصائدهم مكانتها في الساحة الشعرية، كنادر التتان، وإيمان دعبل، ورضا درويش، وعلوي الغريفي وغيرهم ممن كتبوا تلك القيم التي نحلم أن تعمّ المجتمعات العربية من جديد، وهو ما أكده زكريا الكاظم، رئيس جمعية السكلر التي كانت الشريك الرسمي في الفعالية بتلك الليلة في كلمته حين قال: الألبوم يحمل قيماً ومبادئ وأخلاقيات ليست بعيدة عنا فهي من واقع مجتمعاتنا وتعكس صورة هذا الشعب.

حمل الألبوم المعاني الجميلة في علاقة الزوجين تحت جناح عتاب منكَّه بالحب وهو ما يحتاج إليه الكثير من الأزواج ممن أخذتهم الحياة ومشاغلها وروتينها ونسوا أن يلتفتوا إلى شريك حياتهم ليكونا معاً يتشاركان في كل صغيرة وكبيرة فتصبح الحياة أجمل وأيسر:

«قرّب خطى الحلم الجميل إليَّا،

لا تبتعد ظلل هواك عليَّا،

فالدرب صعب حين نمشي وحدنا

دعنا نسير على الطريق سويَّا».

ولم يغفل الألبوم فئة ليست بالقليلة في مجتماعتنا ممن تحلم بأن يكون في أحضانها طفل صغير فتأخر تحقق حلمها لتتكلم قصيدة «الله كريم» بلسانهم بكثير من التفاؤل والأمل بالله والرضا بما كتبه.

«فكّر بغيرك» كانت الرسالة التي طالما نادى بها كثيرون؛ وهي عدم التباهي بما نملك أمام الآخرين فقد يُجْرح أحدهم ممن حُرِمَ من نعمةٍ منَّ الله بها علينا من غير انتباه.

و«حنين مغترب»، كانت رسالة لكل مغترب يحاول أن يتمسك بقيمه ومبادئه من غير تفكير في الانجرار وراء ما هو دخيل عليه في غربته.

لا يمكن سرد جميع معاني الألبوم في مقال واحد، لكن يمكننا القول إن الألبوم كان بصمة خير وإبداع في سماء الأنشودة البحرينية، وإن الحفل كان جميلاً بتنظيمه وفقراته وعرافته التي كانت مميزة لغة وحضوراً وتمكناً. كما لا يمكن إغفال لمسة الوفاء التي أسعدتنا حين أبت الفرقة إلا أن تستذكر دور المرحوم حسين الأمير، في مجال الأنشودة البحرينية وهو ما أثلج صدور عائلته وأصدقائه ومحبيه بكل تأكيد.