العدد 5003 - الأربعاء 18 مايو 2016م الموافق 11 شعبان 1437هـ

المراهقة في مأزق هذه الأيّام!

مريم الشروقي maryam.alsherooqi [at] alwasatnews.com

كاتبة بحرينية

كانت فترة المراهقة في السابق طبيعية، وتبدأ منذ سن الـ11 تقريباً وحتّى سن الـ21، وهي فترة صعبة ومتقلّبة، وتحدث خلالها تغيّرات جسدية وعقلية واجتماعية وعاطفية، ويقوم الوالدان في هذه الفترة بإرشاد المراهق وتنشئته تنشئةً حسنةً في أغلب الأحيان، وبالطّبع يعتمد الوضع على علاقة الوالدين ببعضهما البعض، وعلاقتهما بأبنائهما.

اليوم فترة المراهقة صعبةٌ جداً، أكثر من السابق، فالأبناء يتعرّضون في هذه الفترة إلى أمور كثيرة، سواءً عاطفية أو جنسية، وجنسية بالذّات، بسبب الهواتف النقّالة والإنترنت وسهولة الحصول على المعلومة، ناهيك عن الأفلام التي تُعرض، وخاصة الأفلام الكرتونية التي تتحدّث عن العنف والحب والرذيلة للأسف الشديد!

نشأ كثير من أبناء السبعينيات والثمانينيات على مسلسلات كارتونية عظيمة، تسرد لنا التاريخ، وتعرض لنا الحوادث بشكل سلس، مثل مسلسل أحلى الأيّام ومسلسل عدنان ولينا ومسلسل سالي وفلونه وجورجي وهايدي، وأيضاً لا ننسى تلك البرامج القيّمة التي يعرضها التلفزيون، مثل برنامج المناهل ومدينة القواعد وقف وغيرها.

أيضاً كانت الحياة أسهل وأكثر أماناً، فكنّا نخرج من البيت في فترة العصر ونلتقي بالأصحاب، وبعد المغرب نرجع إلى بيوتنا، وكان المجتمع يعرف بعضه بعضاً، في مناطق ليس فيها اكتظاظ سكّاني، وليس بها أجانب ولا مقيمون من جنسيات شتى ولا سكن عزّاب.

لو اطّلعنا على الوضع اليوم، فإننا نحزن كثيراً على مراهقة الأبناء، فهم يُحبسون في المنازل، وهداياهم أغلبها تكنولوجية، هاتف نقّال وحاسب آلي وتلفاز و(سوني بلاي ستيشن) وغيرها من الألعاب، فلا يتعرّض المراهق للشمس ولا للتراب، ولا للخروج والتنعّم بالمناظر الجميلة، فلا بحر بقي لهم ولا زراعة ولا أشجار خضراء، كلّ الذي بقي لهم هو عبق الماضي الذي نتحدّث نحن عنه.

حتّى الحب في المراهقة كان أفضل بكثير أيام زمان من الحب هذه الأيام، فلقد كان الحب بريئاً وبسيطاً ويخشى الصبي التحدّث أو الإعلان عنه، والفتاة هي الأخرى ليس لديها أفق واسع للحب، والعادات والتقاليد تحكم بالطّبع.

أما في وقتنا هذا، الهاتف النقّال لم يُقصّر في تجسير المسافة بين المراهقين، ولم يقصّر كذلك في التعدّي على العادات والتقاليد، كما ساعد المراهق للقيام بأمور تخدش الحياء، كإرسال صور عارية لمن يحبّها، أو التحدّث بطريقة جنسية لا يقبلها أحدٌ على أبنائه، وبالتّالي تتسارع العلاقة من علاقة عاطفية إلى علاقة جنسية، فيفقد المراهق براءته، ناهيك عمّا يحدث حولنا من انتشار الشهوات التي تزيد من هذه الأمور، والفراغ موجود، والرقابة صعبة في معظم الأحيان، لأنّ الأبناء متقدّمون في التكنولوجيا أكثر منّا.

كيف نحل هذه المشكلات؟ وكيف نساعد المراهق على الوصول إلى بر الأمان بالقيم التي نغرسها؟ هل سيأتي علينا يومٌ لا نستطيع التحدّث فيه مع أبنائنا بشأن هذه الفترة لأنّهم سيعرفون كلّ شيء قبل أوانه؟ هل هناك من يستطيع مواجهة التكنولوجيا وعدم إعطاء الأبناء الهاتف النقّال؟

بعض النّاس يحاولون بكل ما أوتوا من قوّة، مراقبة الأبناء، ولكن هذه المراقبة هي الأخرى تكون خاطئةً، وهناك من يحاول مساعدة الأبناء، ولكن سهولة العلاقات العاطفية والجنسية تجعل الأمر صعباً جدّاً، وتبقى هذه المسألة فاقدة للسيطرة من قبل الوالدين!

كل الذي نستطيع عمله حالياً هو التحكّم في الفترة التي يستخدم فيها الأبناء التكنولوجيا، وأن نغرس فيهم القيم التي هي الأخرى ليست سهلة البتّة، وأن نعطيهم الثقة وكذلك نراقب من بعيد، فالمراهقة في مأزق شديد هذه الأيام! وبالفعل نريد حلولاً نعبر بها بسلام.

إقرأ أيضا لـ "مريم الشروقي"

العدد 5003 - الأربعاء 18 مايو 2016م الموافق 11 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 8 | 5:49 ص

      ذكرتيني بايام الطيبين كانت احلى ايام العمر ... ايام المسمسلات الكارتونيه لا تنسين جورجي وقصص عالميه وليدي وغيرهم المستوحاه من الادب الانجليزي .. وكنا لا نعرف التلفون النقال ولا الانترنت والحياه طيبه ...اما بخصوص مراهقين هذا الزمن فطبعا الزمن تغير وتطور في اعتقادي المتواضع اللوم يقع على الوالدين بالدرجه الاولى.

    • زائر 7 | 4:37 ص

      بسيطة ، عرسوهم من يبلغون وينتهي الموضوع .

    • زائر 6 | 3:53 ص

      يكفي في التربية قناعة الأب بأن يلاعب ابنه سبعا ويأدبه سبعا ويصاحبه سبعا ..
      بعدها يكون توجيه وإرشاد .. يكفي ..
      حقيقة .. لا أعتقد بوجود مرحلة مراهقة .. بل على العكس .. هذه مرحلة البلوغ والرشد والمصاحبة والانفتاح على عالم أكبر بأمان ومشراكة الوالدين والمجتمع

    • زائر 5 | 3:44 ص

      الصراحه أن الكاتبه وضعت يد الآباء والأمهات على موضع صعب التعامل معه والتفكير فيه يجعل الأغلبية في وضع يحسدون عليه لأن أبناء اليوم ليسوا كما أبناء الأمس فالامس جميل واليوم الله المستعان عليه في تخطيه والوصول بأبنائنا إلى بر الأمان اليوم تفكير الابن أو البنت في وادي وتفكير الوالدين في آخر لذلك تجد الصعوبة في التواصل فيما بينهم والتكنولوجيا جعلت الجميع في مستويات متفاوتة ودخول جنسيات أخرى بتفكر وعادات مختلفه جعلت التواصل أصعب الله يكفينا وأولادنا شر الأيام القادمه ويهدينا وإياهم إلى طريق الخير آمين

    • زائر 4 | 3:01 ص

      أحسنت أخت مريم العزيزة على هذا المقال الرائع!

    • زائر 3 | 12:57 ص

      الونيس

      مقال رائع وجميل ويحمل كلمات ذكرى الزمن الجميل

    • زائر 2 | 12:46 ص

      دوام الحال من المحال مافي شي يبقى على حاله

    • زائر 1 | 12:20 ص

      المراهقة في مأزق شديد هذه الأيام! وبالفعل نريد حلولاً نعبر بها بسلام.
      استحلفك بالله أن تجدي تلك الحلول فنحن باشد الحاجة لها ، وأعذريني على تأخير الشكر على مقالك المهم.

اقرأ ايضاً