العدد 5003 - الأربعاء 18 مايو 2016م الموافق 11 شعبان 1437هـ

«الثقافة» تكشف عن «الآثار المخبوءة»: لؤلؤ دلموني «أرشيف للقصر» وتماثيل لـ «الناحبات»

بقسماطي لـ «الوسط»: كل البحرين أثرية والاكتشافات مستمرة

افتتحت مدير إدارة الفنون والثقافة بهيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة، معرض «تقاطعات»، الذي يحتضنه متحف البحرين الوطني، ويضم 139 قطعة أثرية تعرض للمرة الأولى للجمهور البحريني.

وتزامن المعرض المؤقت، الذي افتتح أمس الأربعاء (18 مايو/ أيار 2016) ويمتد حتى 6 أشهر، مع يوم المتاحف العالمي، فيما نوهت مستشارة المتاحف بهيئة البحرين للثقافة والآثار نادين بقسماطي، في تصريح لـ «الوسط»، إلى غنى البحرين بالآثار، وقالت: «كل البحرين أثرية، والتنقيبات لم تكشف بعد عن كل ما في باطنها».

ووفقاً لحديث بقسماطي، فإن قيمة ما يكشف عنه المعرض الذي يمتاز بأن كل محتوياته هي محلية، تتمثل فيما يتيحه من فرص لقراءات جديدة لتاريخ المنطقة، داعية البحرينيين لاستكشاف هذا الجديد، ومؤكدة في الوقت نفسه الحاجة لأن يعي البحرينيون حجم ما تختزنه البحرين من آثار، ويشمل ذلك جميع المواقع التي لم يستكمل التنقيب فيها بما في ذلك تلال عالي.

وخلال الافتتاح الذي حضره عدد من المختصين وأعضاء المجالس البلدية، طافت بقسماطي، بالحضور، في المعرض لتتحدث عن مقتنياته التي تمتاز باللون الأصفر والموجودة جنباً إلى جنب معروضات قاعة دلمون، وقاعة تايلوس والفترة الإسلامية.

البداية كانت في قاعة دلمون، حيث ضمت فخاريات تعود لحقبة دلمون المبكرة (نحو 2200 - 1600 ق.م)، من بينها جرار مزخرفة وفخار عثر عليها في مناطق الحجر، مدينة حمد، وداركليب، إلى جانب جرة مزخرفة، أداة (نحاس وعظام)، رأس حربة (برونز)، عقد (أحجار كريمة) عثر عليها في سار، أواني (حجر صابوني) عثر عليها في الحجر وسار، وعاء (مرمر) عثر عليه في عالي، ووعاء (حجر صابوني) عثر عليه في الحجر.

تقول بقسماطي، التي أظهرت إعجاباً شديداً بما تمتلكه البحرين من إرث حضاري: «كان هناك تنوع مذهل للأواني الفخارية في فترة دلمون المبكرة، المزخرف منها والعادي المصنوع يدوياً أو بواسطة الدولاب، وكلاهما مصنوع محلياً».

بعد ذلك، انشد الحاضرون، للقسم الخاص بالمياه والمعابد، والذي اشتمل على لقى خاصة بمعبد أم السجور (الدراز) من بينها تمثالان من الحجر لكبشين وإناء من المرمر، إلى جانب معبد سار (يقع بالقرب من المستوطنة)، بالإضافة إلى معابد باربار بآثارها الفريدة والتي انتشرت على مساحة كبيرة في المعرض، وشملت حلياً من الذهب واللازورد والعقيق (كانت جزءاً من كنز المعبد)، مجموعة كؤوس وجدت تحت المصطبة، ورأس الثور الشهير والمصنوع من البرونز.

وكان لمستوطنة سار، حضور بارز في المعرض، والتي تعود لفترة دلمون المبكرة، وتقع إلى الشرق من المقبرة الكبيرة في سار.

تعلق على ذلك، بقسماطي: «كشفت الحفريات في موقع سار عن قرية تغطي مساحتها 2.5 هكتار تقريباً، وهي مؤلفة من شارع رئيسي ومجمعات سكنية ومعبد»، مشيرة إلى أن الحفريات في المنازل التي تم التنقيب عنها حتى اليوم، والبالغ عددها 80 منزلاً، كشفت عن أدلة مهمة تتعلق بطبيعة ممارسات الحياة اليومية في نهاية الألفية الثالثة وبداية الألفية الثانية قبل الميلاد، حيث كانت غالبية هذه المنازل تتكون من طابق واحد ومن غرفتين إلى ثلاث غرف بأسطح مصنوعة من سعف النخيل، فيما كانت الغرف الداخلية تستخدم للمعيشة والتخزين، أما الغرف الخارجية فكانت تستخدم للأنشطة المنزلية اليومية كما يشير إلى ذلك اكتشاف فضلات ومخلفات عملية تحضير الطعام ومرافق المطبخ التي كانت جزءاً من مبنى المنزل كالأفران والأحواض وغيرها.

واقتربت بقسماطي، لـ «أهم ما يحتويه المعرض من لقى عثر عليها في مستوطنة سار وتعود لفترة دلمون المبكرة»، وهي تؤشر للقسم الذي يضم: عقود (أحجار كريمة وخرز)، لؤلؤ، أصداف، وصدفة موريكس».

وضمن جديده، كان المعرض يضم لقى خاصة بفترة دلمون الوسيطة (1600 - 1000 ق.م)، حملت عنوان «أرشيف القصر»، وتمثلت في رُّقم مسمارية عثر عليها في موقع قلعة البحرين (1450 ق.م)، حيث تقول بقسماطي: «منذ منتصف الألفية الثانية قبل الميلاد وقعت دلمون تحت النفوذ المتعاظم لملوك وادي الرافدين، ففي البداية خضعت الجزيرة لسلطة دولة شعوب البحر التي أسست في جنوب العراق، وبعد ذلك قام الكاشيون، وهم من سلالة من بلاد ما بين النهرين، بتعيين حاكم لإدارة أمور دلمون».

وأضافت «في القرن الخامس عشر قبل الميلاد، فرض الكاشيون حكمهم على قلعة البحرين، لتعيش البحرين مرحلة جديدة من الثراء الاقتصادي، وقد رمم الكاشيون قصر ملوك دلمون السابقين وأسسوا نظاماً إدارياً متطوراً كما يتضح من الأرشيف الذي تم اكتشافه في الموقع والذي يتألف من عدد كبير من الرقم الطينية المنقوشة بالكتابة المسمارية».

وتابعت «تؤكد هذه الرقم الطينية البالغ عددها أكثر من 100 لوح والتي اكتشفت في موقع القصر في الفترة ما بين أعوام 1995 و2003، الدور الاقتصادي المحوري للقصر، حيث تتضمن إيصالات وجداول لتوزيع حصص المؤن ورسائل قصيرة مؤرخة وفقاً للتقويم البابلي».

وفي القسم الذي حمل عنوان «تقاليد الدفن الدلمونية»، كان معرض «تقاطعات» يكشف عن جديده من اللقى التي يعود بعضها لفترة دلمون المبكرة وبعضها الآخر لفترة دلمون المتأخرة، من بين ذلك أوانٍ وجرة دفن دلمونية (عثر عليها في مدينة حمد وتعود لفترة دلمون المبكرة)، إبريق من الفخار المزخرف (عثر عليه في الحجر ويعود لفترة دلمون المتأخرة)، وأخيراً عقود من الصدف والخرز (عثر عليها في عالي ومدينة حمد وسار، وتعود لدلمون المبكرة).

وقبيل الصعود للأعلى، حيث القاعة المخصصة لتايلوس والفترة الإسلامية، كان المعرض يستوقف زواره بالعروض التي يقدمها عبر شاشات كبيرة الحجم، من بينها تلك التي كانت تحكي حكاية «جنة دنيوية»، وهو العنوان الذي اعتلى أحد الأقسام الجدية التي تتحدث عن «ارتباط دلمون بوجود جنة دنيوية يتمتع الناس فيها بالحياة الأبدية نابع من ثرواتها الطبيعية المتمثلة بوجود ينابيع مياه ارتوازية وفيرة وحدائق غناء، فحسب الأساطير السومرية، تقع الأرض والمحيطات فوق محيط من المياه العذبة يدعى «أبسو» يغذي الينابيع والأنهار الموجودة على سطح الأرض، وقد أنعم الإله «إنكي»، الوصي على «إبسو»، على دلمون بالمياه العذبة الوفيرة على شكل ينابيع ارتوازية تمنح الحياة وتغذي حياتها النباتية المزدهرة».

وكان لافتاً ما تحدثت عنه بقسماطي، لحظة الصعود لقاعة تايلوس والفترة الإسلامية، حيث التماثيل في استقبال الزائر، من بينها تماثيل جنائزية (ناحبات) تعرض للمرة الأولى، وتضم: تماثيل جنائزية من جبس (عثر عليها في الشاخورة وتعود لفترة تايلوس، القرن الأول ق.م.)، وتمثال جنائزي من طين (عثر عليه في سار، ويعود لفترة تايلوس، القرن الأول ق.م./ القرن الأول م.)، وقرص «ناحبة» من جبس (عثر عليه في سار، ويعود لفترة تايلوس، القرن الأول ق.م.).

تعلق بقسماطي، على ذلك بالقول: «تعاظمت حركة الفن التشخيصي في عصر تايلوس نتيجة الاتصال مع الثقافتين الهلنستية ولاحقاً البارثية، وكان وضع تماثيل تصور «نساء ناحبات أو نواحات» في المقابر ممارسة شائعة في البحرين، وكانت هذه التماثيل الجصية الكاملة المصنوعة بشكل بدائي تصور نساء يرتدين أثواباً طويلة أشبه ما تكون بالشيتون (الثوب اليوناني الطويل) مربوطة عند الوسط وكانت هؤلاء النسوة المشيعات يصورن وهن قابضات على شعورهن الطويلة بقوة للدلالة على الأسى والحزن العميقين، وقد تم العثور في البحرين على نقوش دائرية الشكل تصور تماثيل أنثوية نصفية، وهو مثال فريد من نوعه في سياق المراسيم الجنائزية ما يشير إلى أنه صنع محلياً».

وعبر عرض عدد من الأواني الزجاجية (تعرض للمرة الأولى)، تحدثت بقسماطي عما تعكسه هذه المكتشفات من دور محوري لتايلوس، تحديداً في حركة التجارة الدولية.

وقريباً من لقى «تايلوس»، كشف معرض «تقاطعات»، عن أوانٍ فخارية تعود للحقبة الإسلامية، من بينها طبق خزف صيني (عثر عليه في موقع قلعة البحرين، في القرن 17م.)، وأوانٍ صغيرة من الخزف الصيني (عثر عليها في موقع قلعة البحرين، في القرن 16/17م.)، كأس من الخزف الصيني (عثر عليه في موقع قلعة البحرين، القرن 16/17م.)، جرة من الفخار (عثر عليها في موقع شجرة الحياة، القرن 16 م.)، ومصابيح من الفخار (عثر عليها في موقع قلعة البحرين، القرن 16/17 م.).

العدد 5003 - الأربعاء 18 مايو 2016م الموافق 11 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً