أظهرت دراسة صادرة عن «استراتيجي &»، بوز أند كومباني سابقا وذراع شبكة «بي دبليو سي»، تم إعدادها بالنيابة عن شركة «فيسبوك»، ان منطقة الشرق الأوسط قادرة على إضافة أكثر من 380 مليار دولار إلى الناتج الاقتصادي الإقليمي من خلال ربط المنطقة بأكملها بشبكة الإنترنت، حسبما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية.
ففي ظل تراجع أسعار النفط والمواد الخام وحالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط، تسعى المنطقة إلى تغيير آلياتها في تحقيق مستويات مستقرة من النمو الاقتصادي، فالابتكار والرقمنة هما اللاعبان الرئيسيان في المستقبل بما قد يضاهي أهمية الإنفاق الحكومي. ذلك لأن «الإنترنت» هي محرك أساسي في النمو ومولد حقيقي للأفكار الجديدة والأعمال المبدعة في مختلف أنحاء العالم، الأمر الذي يجعل من الإدماج الرقمي وسيلة فعّالة من أجل التنمية والحدّ من ظاهرة الفقر.
ومع ذلك، يبدو أن عملية توسيع نطاق تغطية الإنترنت لتشمل الجميع تواجه المزيد من الصعوبات. حيث يوجد 4.1 مليارات نسمة حول العالم ممن ليس لديهم إنترنت – وهم يشكلون نسبة %56 من إجمالي عدد السكان في العالم، منهم أكثر من 200 مليون شخص ليس لديهم إنترنت في منطقة الشرق الأوسط. وفي الأعوام الأخيرة، شهد نمو الإنترنت تباطؤاً ملحوظاً في الدول النامية، تاركاً وراءه المليارات من البشر معزولين عن اقتصاديات الدول المتقدمة. وبحسب دراسة «ربط العالم عبر الإنترنت: 10 آليات للإدماج العالمي»، فإن ايصال خدمة الإنترنت لجميع الناس حول العالم يتطلب إلغاء القيود الشديدة التي تعيق عمل الأسواق التي تخدم الإنترنت.
وتعليقاً على هذه المعطيات قال بهجت الدرويش، باحث مشارك في الدراسة في «استراتيجي &»، ذراع شبكة «بي دبليو سي» وشريك فيها، «إن اعتماد اقتصاديات القرن الواحد والعشرين على خدمة الإنترنت كركيزة أساسية لها يعني أن إتاحة هذه الخدمة للجميع في العالم يشكل تحدِّياً أساسياً من تحديات التنمية في عصرنا هذا. وتستطيع الحلول المطروحة عالمياً وإقليمياً أيضاً أن تجعل منطقة الشرق الأوسط بكاملها موصولة على شبكة الإنترنت، وذلك بفضل الطبيعة التشابكية التي تتمتع بها الشبكة العنكبوتية».
ومن جانبها، أشارت راوية عبد الصمد، مديرة «مركزالفكر»، المؤسسة الفكرية الرائدة التابعة لـ «استراتيجي &» في الشرق الأوسط، إلى أن الوصول إلى خدمة الإنترنت هو التحدِّي الأساسي في عصرنا هذا. ويبرز الإنجاز الثوري والحقيقي للإنترنت عندما تصبح الـ %56 المتبقية من سكان العالم موصولة بالكامل على شبكة الإنترنت».
إن عملية ربط العالم عبر الإنترنت قد تساعد في خلق فوائد كثيرة للدول النامية وكذلك لقطاع الأعمال في مختلف الصناعات في الأعوام الخمسة القادمة، بما في ذلك:
وتقوم الدراسة أيضاً بوصف نمط التغيُّر في خدمة الإنترنت كلما ازداد عدد الناس الذين يستطيعون الوصول إليها من الأسواق الناشئة. فمع الادماج العالمي للإنترنت، فإنه من المتوقع أن يكون هنالك خمسة مستخدمين للإنترنت في الأسواق الناشئة مقابل مستخدم واحد في الأسواق المتقدمة، وذلك بالمقارنة مع النسبة الحالية، والتي هي اثنان الى واحد. وسوف يعمد هؤلاء المستخدمون الجدد إلى البحث عن محتويات أكثر ارتباطاً بالعمل والفرص الاقتصادية والحاجات الاجتماعية. فبالنسبة للبيانات ذات المحتوى الأكثر استهلاكاً كالترفيه مثلاً، فسيتم تحميلها عبر تقنية الـ «واي فاي» ونقاط التشبيك أو عبر تقنيات أخرى ليتم استخدامها لاحقاً دون الربط على شبكة الإنترنت.
وبحسب جاد المير، باحث مشارك في دراسة «استراتيجي &» ومدير مشاريع في الشركة فسوف تتغير دوافع الشبك على الإنترنت لتأخذ منحى جديدا يرتبط بالإنتاجية، والمشاريع الصغيرة، والتعليم، وسوف يكون هنالك نمو في التجارة الالكترونية التي تقوم أساساً على الأخذ من – والبيع إلى أدنى شريحة دخل من المستهلكين.
ومن أهم نتائج الدراسة، والتي ضمَّت 120 دولة خلال فترة امتدت لعشر سنوات، هو أنه يمكن الدفع بعجلة نمو الإنترنت من خلال إيجاد حلول للتحديات الهيكلية التي تعانيها الأسواق الرئيسية الثلاث المتيحة لخدمة الإنترنت:
هناك أيضاً آلية إضافية تحفز عملية تبني استخدام الإنترنت، وهي التقنيات المبتكرة التي تسهم في توفير الاتصال بالإنترنت لسكان المناطق النائية والفقيرة.
ومن شأن عملية تنشيط هذه الأسواق الثلاث إزالة القيود القائمة في استخدام الإنترنت، وأن تدفع عجلة نموها في الدول النامية. ويقول أندرو بوكينغ، مدير منتجات لـ Internet.org في فيسبوك «يلزمنا إيجاد أساليب جديدة في أسواق الاتصالات والمحتوى والتجزئة إذا كنَّا نريد أن نستفيد من إمكانات الإنترنت في التنمية وتخفيف حدة الفقر».
وتقوم هذه الدراسة بتحليل الآليات القادرة على تحفيز وتنشيط الأسواق الثلاث، والتي قد لاقى بعضها النجاح في عدة دول. وسيكون لهذه الآليات مجتمعةً أثر كبير على حياة الملايين من الناس في منطقة الشرق الأوسط،وسوف تساعد على توفير فرص عمللهم وتحسين نمط حياتهم على الصعيدين الاجتماعي والاقتصادي.