العدد 5002 - الثلثاء 17 مايو 2016م الموافق 10 شعبان 1437هـ

«الأقدام السوداء» تعود للجزائر وعينها على «عقاراتها»

حذرت الجزائر أصحاب «الأقدام السوداء» من العودة للمطالبة بأملاك عقارية يزيد عددها عن الـ 180 ألف عقار. وقال مدير أملاك الدولة محمد حيمور في تصريحات «نارية» أدلى بها أول أمس أن الجزائر «لن تمنح هذه العقارات لأشخاص لا يمتثلون لقوانينها» ولا «يدفعون ضرائب ولا يلتزمون بواجب الملكية» واصفاً هؤلاء بأنهم «يتحايلون على القانون».

ويُطلق اسم «الأقدام السوداء» على الفرنسيين (والأوربيين) الذين عاشوا في الجزائر خلال حقبة الاستعمار، حيث تمّ استقدامهم وفق «سياسة عَمْدِيَّة» كي يُساهموا فيما عُرِفَ حينها بـ «فرنَسَة الجزائر»، إلاَّ أنهم غادروها بعد العام 1962 أي مع ثورة الاستقلال، تاركين أملاكهم.

وكانت حكومة الثورة والاستقلال في الجزائر ووفقاً لاتفاقية «إيفيان» مع الحكومة الفرنسية قد منحت هؤلاء فرصة مدتها ثلاثة أعوام للمحافظة على أملاكهم بدأت في مارس/ آذار العام 1963 بطريقة توثيقية وشرعية إلاّ أن هذه الفرصة انقضت دون أن يقوم هؤلاء بشيء. على الرغم من أن التقديرات تشير إلى أن الحكومات الجزائرية المتعاقبة قدمت تعويضات مُجزية لهؤلاء وفق الاتفاقيات الموقعة.

وبدأت تسميتهم بـ «الأقدام السوداء»، مع استحضار صورة الجندي الفرنسي الذي وطأ أرض الجزائر «محتلاً» سنة 1860 حين كان يرتدي حذاءً أسود يعلو القَدَم، بينما ينسبه آخرون لعادة دَرَجَ عليها المستوطنون الفرنسيون والأوربيون حين كانوا يسحقون حبّات العنب بأقدامهم العارية لتقطير الخمور والعصير.

وتساءل حيمور في حديثه الذي نقلته صحيفة «الشروق» الجزائرية قائلاً: «ماذا يريد هؤلاء؟ هل نطرد الجزائريين الذين يسكنون هذه المنازل ويدفعون الضرائب منذ 40 سنة لنعيد منحهم إياها؟»، مضيفاً «إن كانوا يملكون أدلة بأن هذه العقارات من حقهم فليتقدموا بها» مقدراً عدد تلك العقارات من بيوت وشقق وأراضٍ والتي يطالب بها أؤلئك بأنها تصل إلى 180 ألف عقار

وذكَّر حيمور بأن «الأقدام السوداء» كانت قد لجأت إلى القضاء لاسترجاع ما تقول إنها حقوق لها «إلاَّ أن المحاكم فَصَلَت في مُجمَل هذه القضايا لصالحنا، وأن عدداً كبيراً منها حُكِمَ فيها بعدم التأسيس» أصلاً.

وتُشكِّل مسألة «الأقدام السوداء» معضلة لم تُحل بين باريس والجزائر التي اعتبرت المنازل والعقارات الشاغرة والتي هَجَرَها أصحابها مدة 15 عاماً ملكاً لها، وتعاظم الحديث عنها مع حلول العام 2013 عندما وضعت الدولة الجزائرية بحكم القضاء يدها على تلك العقارات.

وتمارس فرنسا الدولة والمجتمع ضغوطات كبيرة على الجزائر، وبالتحديد جماعات اليمين الفرنسية التي أسَّست «الاتحاد من أجل الدفاع عن حقوق الفرنسيين المطرودين من الجزائر ومن بلدان أخرى» عبر رفع الدعاوى القضائية أمام المحاكم الفرنسية والإكثار من تناول المسألة في الصحافة. وقد سُجِّلت في وقت سابق «حالات فردية» استطاعت فيها عائلات أجنبية استرداد عقاراتها في الجزائر كالذي حصل في منطقة «وهران» إلاّ أن المسئولين الجزائريين اعتبروا أن ذلك جرى «بطرق ملتوية وبالتواطؤ مع شخصيات مهدت لعودة هؤلاء للمطالبة بأملاكهم المزعومة» حسب وصفهم.

ويُناقش الحقوقيون الجزائريون مسألة تلك الممتلكات قائلين أن أصلها كان للإنسان الجزائري قبل أن يأتي المحتل والمستوطن الفرنسي وتحت قوة السلاح والنفوذ ليسلبها منه بعد العام 1860.

ولا يتوقف الأمر على استرجاع «العقارات» بالنسبة لـ «الأقدام السوداء» بل أصبحت المطالبة تمتد نحو الحصول على «الجنسية الجزائرية» والتي شملتها «فرصة الثلاث سنوات» المنقضية وفق اتفاقية «إيفيان» قبل 53 عاماً.

العدد 5002 - الثلثاء 17 مايو 2016م الموافق 10 شعبان 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً