يعقد وزراء خارجية دول أوروبية والولايات المتحدة ودول الجوار الليبي اليوم الأثنين (16 مايو/ أيار 2016) في فيينا اجتماعا لمناقشة الأزمة الليبية يتناول بشكل رئيسي الملف الأمني بعد التقدم الأخير لتنظيم داعش في مناطق سيطرة حكومة الوفاق الوطني.
ويترأس الاجتماع وزير الخارجية الايطالي باولو جنتيلوني ونظيره الأميركي جون كيري، على أن يحضره "كبار الفاعلين" الإقليميين والدوليين بحسب ما أعلن جنتيلوني سابقا.
ويأتي الاجتماع المرتقب حول ليبيا في وقت تواجه حكومة الوفاق الوطني المدعومة من المجتمع الدولي تهديدات إضافية من قبل تنظيم داعش وصعوبات سياسية تتمثل في عجزها عن توحيد سلطات البلاد بعد شهر ونصف من دخولها إلى طرابلس.
وكان التنظيم الجهادي المتطرف نجح في السيطرة الأسبوع الماضي على منطقة أبو قرين الإستراتيجية في غرب ليبيا والتي تقع على طريق رئيسي يربط الغرب الليبي بشرقه بعد معارك مع القوات الموالية لحكومة الوفاق الوطني.
وتبعد ابو قرين حوالي 130 كلم غرب مدينة سرت (450 كلم شرق طرابلس) الخاضعة لسيطرة تنظيم داعش منذ يونيو 2015، وعلى بعد نحو 100 كلم جنوب مدينة مصراتة (200 كلم شرق طرابلس)، مركز القوات الموالية لحكومة الوفاق.
وهي المرة الأولى التي ينجح فيها تنظيم داعش في السيطرة على منطقة تقع إلى الغرب من قواعده في سرت، علما انه يسيطر أيضاً على مناطق شرق المدينة.
- توحيد الصفوف - قال جون كيربي المتحدث باسم كيري أن وزراء الخارجية الذين يجتمعون الاثنين في فيينا سيبحثون "الدعم الدولي لحكومة الوفاق الوطني الجديدة مع التركيز على القضايا الأمنية".
والخميس أفاد مسئولون ودبلوماسيون أميركيون وكالة فرانس برس أن الولايات المتحدة مستعدة لتخفيف الحظر المفروض من الأمم المتحدة على تصدير الأسلحة إلى ليبيا، وذلك بهدف مساعدة حكومة الوفاق الوطني الليبية على محاربة تنظيم الدولة الاسلامية.
ويمكن للأمم المتحدة، بموجب مشروع قرار يدعمه البيت الأبيض، إدراج استثناءات على حظر اقره مجلس الأمن الدولي في 2011 على بيع الأسلحة إلى ليبيا في أثناء سعي معمر القذافي إلى قمع الانتفاضة الشعبية التي أطاحت به.
وجاء نجاح التنظيم في التمدد غربا في وقت تعلن قوات حكومة الوفاق الوطني وقوات الحكومة الموازية غير المعترف بها دوليا في الشرق عن قرب مهاجمة قواعد التنظيم لاستعادة سرت في حملتين عسكريتين منفردتين.
وتخضع القوات العسكرية في الغرب الليبي إلى سلطة حكومة الوفاق الوطني، بينما يقود الفريق اول ركن خليفة حفتر مدعوما من البرلمان، القوات في الشرق الليبي.
وتخشى الحكومة الليبية الجديدة من ان يؤدي شن حفتر او غيره لهجوم احادي ضد تنظيم داعش إلى وقوع اشتباكات بين جماعات مسلحة مختلفة وزج البلاد في حرب أهلية.
وقال رئيس لجنة الدفاع في مجلس الشيوخ الايطالي نيكولا لاتوري لوكالة فرانس برس ان "السباق" على تحرير سرت "خطأ (...) ولا يمكننا ان نقبل بهذا الانقسام"، مضيفا ان اجتماع فيننا "قد يكون مفيدا في التاكيد على هذا الراي" والاستعداد لكل الاحتمالات.
ورأى ان لقاء فيينا يهدف أيضا "إلى البحث في توحيد صفوف الدول المنخرطة في ليبيا (...) من اجل وضع خطة تحرك موحدة كون الشعور الحالي لا يدل على ان كل الدول تسير في الطريق ذاته".
- تحديات سياسية - في موازاة الشق الأمني، يبحث وزراء الخارجية في اجتماع فيينا سبل تقديم دعم سياسي إضافي إلى الحكومة الليبية التي يترأسها فايز السراج في ظل الصعوبات التي تواجهها هذه الحكومة في سعيها لفرض سلطتها على كامل مناطق البلاد.
وبعد شهر ونصف من دخولها إلى طرابلس، نجحت حكومة السراج في ترسيخ سلطتها في العاصمة ومعظم مناطق الغرب الليبي مع تلاشي سلطة الأمر الواقع السابقة، إلا أنها لم تنل حتى الآن تأييد السلطة الموازية في شرق ليبيا.
وتدير حكومة مدعومة من البرلمان المعترف به دوليا ومقره مدينة طبرق (شرق) معظم مناطق الشرق الليبي بمساندة القوات التي يقودها حفتر، وترفض هذه الحكومة تسليم السلطة الى حكومة السراج قبل منح البرلمان في جلسة تصويت الثقة للحكومة المدعومة من الأمم المتحدة.
وعجز البرلمان على مدى أسابيع في عقد جلسة للتصويت على منح الثقة لحكومة الوفاق المنبثقة عن اتفاق سلام وقع في ديسمبر في ظل رفض النواب المعارضين لهذه الحكومة السماح بعقد الجلسة.
وتستند حكومة الوفاق في عملها إلى بيان موقع من قبل أغلبية النواب أعلنوا فيه منحها الثقة، إلا أن توسيع رقعة سيطرتها لتشمل الشرق الليبي لا تزال تصطدم بعقبة التصويت في البرلمان.
وفرضت الولايات المتحدة الجمعة عقوبات على رئيس البرلمان عقيلة صالح متهمة إياه بعرقلة جهود تطبيق اتفاق السلام الذي ينص على توحيد سلطات البلاد في حكومة الوفاق الوطني والتي من المفترض ان تقود مرحلة انتقالية لعامين تنتهي بانتخابات تشريعية.
ويدفع المجتمع الدولي نحو ترسيخ سلطة حكومة الوفاق الوطني بهدف توحيد الجهود الليبية في محاربة تنظيم داعش ومكافحة الهجرة غير الشرعية انطلاقا من السواحل الليبية التي تبعد نحو 300 كلم عن أوروبا.
وأعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني الاسبوع الماضي عن تمديد ولاية عملية صوفيا لمكافحة تهريب المهاجرين قبالة سواحل ليبيا لسنة واحدة، مع إضافة مهمة جديدة إليها تتمثل في "بناء قدرات وتدريب خفر السواحل الليبي والبحرية".