«لا يوجد اقتصاد معرفة بدون مجتمعات المعرفة. وترسيخ القراءة في الأجيال الجديدة هو عمل طويل المدى، ونتائجه عميقة الأثر. استراتيجيات القراءة هي خريطة طريق لبناء مجتمع قارئ متحضر.. مواكب للمتغيرات، رائد في التنمية ومتقبل لكل الثقافات». هذا ما قاله الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم قبل أسبوعين تقريباً، أثناء إطلاق الاستراتيجية الوطنية للقراءة في الإمارات العربية المتحدة لعشر سنوات.
أن تطلق دولة استراتيجية وطنية للقراءة وتشرك فيها وزاراتها والقطاع الخاص، فذلك أمرٌ بديعٌ ومهم، خصوصاً أنها إلى جانب الاستراتيجية تسعى لسن قانون للقراءة «سيكون هدفه وضع القراءة في قلب العمل الحكومي لمجموعة من الوزارات والمؤسسات لبناء جيل إماراتي قارئ مثقف واعٍ ومجتمع متسامح متمكن، كما قال الشيخ محمد بن راشد، والذي أضاف: «اعتمدنا إنشاء الصندوق الوطني للقراءة برأسمال 100 مليون لدعم أنشطة القراءة التطوعية في الدولة، وستشرف عليه وزيرة الشباب من أجل الشباب».
من الجميل أن تهتم الدول بخلق أجيال مهتمة بالقراءة، تذهب إليها باعتبارها ضرورة لا ترفاً. أن تجعل القراءة أولوية لجيل طالما وُسِمَ بعدم اكتراثه بها وابتعاده عنها.
وبعيداً عن استراتيجية دولة الإمارات، والتفاتاً إلى الأعداد الكبيرة التي تزور معارض الكتاب اليوم في مختلف الدول، نجد أن بعض الأجيال الشابة مازالت بحاجة لوضع استراتيجية لقراءتها، تضعها بنفسها من خلال سؤال المهتمين من ذوي الخبرة عن نوعية القراءة المطلوبة لكل سن. أن تكون هذه الأجيال مقتنعة بطريقة اختيار ما تقرأه من غير انتقاد لاذع أو جارح؛ إذ كثيراً ما ننتقد تهافت بعض المراهقين والشباب على قراءة نتاج هذا الكاتب أو ذاك، من غير الالتفات إلى اهتمامات هذه الفئة وحاجاتها. ننتقد ولا ننتبه إلى أننا نحن من صنع هذا القارئ ومن ألّف هذه الكتب وسمح لها بالتكاثر من خلال سكوتنا وإغماض أعيننا عن نتاج أدبي أو فكري ممسوخ ومبتذل وغير لائق، على رغم أن هذا أيضاً مسألة نسبية برأيي.
قبل الانتقاد، نحن بحاجة اليوم لفلترة الكتب لدى دور النشر، ورفع مستوى المنشور؛ إذ تلجأ بعض الدور للأسف للاهتمام بالسطحي والـ»مثير» من غير التركيز على القيمة الفكرية والعملية والفنية للكتاب الذي تنشره. وأحسب أن القارئ اليوم يعرف نوعية الكتب التي تصدرها كل دار من خلال تجربته معها، ومع ذلك صارت بعض الدور تستهدف هذه الفئة أو تلك، وسط صمت المثقفين عن ظواهر شاذة باتت تنتشر لدينا للأسف الشديد.
أظننا اليوم بحاجة لقوانين واستراتيجيات ذاتية غير مفروضة، قرّاءً وكتّاباً، نابعة من دواخلنا تجعلنا نتّجه للقراءة باعتبارها ثقافة وضرورة وليست ترفاً وموضة. والحديث في هذا الموضوع متشعّب ويطول.
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 5000 - الأحد 15 مايو 2016م الموافق 08 شعبان 1437هـ
بارك الله فيك و كثر الله من طرحك الواعي
شكراً للكاتبة الأستاذة سوسن دهنيم ..
للاسف الزمن تغير عما هو سابقاً ، ولكل فترة من الزمن وسائل تواصل ونشر ومعرفة
الحقيقة المره هي ان الكتاب والقراءه لم تعد هي الرائده التي تجذب الناس مع تطور الزمن والاجيال
السائد في هذا الزمن ( الاغبر ) هو وسائل التواصل الاجتماعي من وات ساب و يو تيوب وغيرها ،
اوقات الفراغ في السابق تقضى في القرائة والمعرفة والعلم اما الان فهي تقضى في التلفاز والدردشة وغيرها