قال أستاذ إدارة الموارد المائية بجامعة الخليج العربي وليد زباري إن البحرين تعتمد في نظام توفير المياه، وكذلك دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بشكل كبير على المياه الموفرة عن طريق محطات تحلية المياه المالحة المتواجدة على ساحل الخليج العربي. ومن المتوقع أن يظل الاعتماد قائماً مستقبلاً على تحلية المياه المالحة كمصدر رئيسي لإمدادات المياه البلدية التي يبلغ متوسطها حالياً 90 في المئة تقريباً. منوهاً إلى أن محطات تحلية المياه المالحة تتعرض لمخاطر عالية وتهديدات جمة قد تحدث في مياه البحر بالخليج العربي نتيجة لمختلف النشاطات، وتشمل التلوث البحري، الكوارث الطبيعية، والقتال الفعلي (الحروب)، وكذلك التلوث من المخلفات الزراعية ومخلفات مياه الصرف الصحي في البيئة البحرية. ولذا فإن تحقيق أمن المياه البلدية في المملكة يتطلب إنشاء نظام عالي المرونة لإمدادات مستدامة لمياه الشرب في حالات الطوارئ.
جاء ذلك أثناء منتدى المقهى العلمي "Café Scientifique" الذي نظمته جامعة الخليج العربي، بالتعاون المركز الثقافي البريطاني قبل أيام، بمشاركة الخبير البيئي البريطاني إيدوارد مالتباي ، إلى جانب مجموعة من الطلبة والأكاديميين، بهدف نقاش المواضيع البيئية الراهنة، وتحفيز الشباب على إبداء آرائهم حولها وحول تأثيرها على الحياة اليومية.
وأكد زباري أن المجتمع العالمي توصل إلى حقيقة أن هناك ارتباطاً وثيقاً بين البيئة والتنمية، وأن التنمية التي تغفل إمكانات استيعاب النظم الايكولوجية فإنها تؤدي إلى تدهورها، وفي هذه الحالة تصبح البيئة عبئاً على الاقتصاد وتؤدي في النهاية إلى انتكاسها.
ولفت زباري إلى أن الكلفة الاقتصادية المباشرة للتدهور البيئي في بلدان المنطقة العربية كبيرة، وتتجاوز في كثير من الأحيان معدلات نمو الاقتصاد السنوي لبعض البلدان، وقدرت بنحو 2.5-4.8 في المئة من إجمالي الناتج المحلي. وإذا كان الإنسان هو محور التنمية، فإن رفاهيته (أي الجوانب الصحية، الاحتياجات المادية، الأمن، والعلاقات الاجتماعية) تعتمد بشكل كبير على سلامة البيئة الحيوية والموارد الطبيعية المحيطة بالفرد، كما أن البيئة توفر الأساس للكثير من المنافع والخدمات مثل الغذاء والأمن والصحة والرضا النفسي.
وخلال حديثه، عرج وليد زباري على المراحل التاريخية التي مر بها المجتمع الدولي للوصول إلى قناعة تامة حول تأثير البيئة على التنمية الاقتصادية والاجتماعية، لافتاً إلى أن العالم في عقد السبعينيات كان يفاضل بين البيئة والتنمية بمعنى أما البيئة أو التنمية، أما اليوم بدأت مرحلة جديدة أعلنتها الأمم المتحدة باسم أجندة العالم لما بعد 2015، ووضعت لها أهدافاً سميت بأهداف التنمية المستدامة ينبغي تحقيقها خلال الفترة 2016 - 2030، شملت 17 هدفاً في معظمها تعمل على ضمان سلامة البيئة الحيوية والموارد الطبيعية المحيطة بالإنسان واستدامتها لتحقيق تنميته ورفاهيته.
وتطرق وليد زباري للعلاقة المتداخلة بين المياه والطاقة والغذاء، حيث قال: "في المنطقة العربية بشكل عام ودول مجلس التعاون بشكل خاص، نجد أن العلاقة بين المياه والطاقة والغذاء وتغير المناخ هي علاقة وثيقة جداً، ربما أكثر من أية منطقة أخرى في العالم. فمن المعروف عن المنطقة ثراؤها بمصادر الطاقة، وندرة مياها، وشح الغذاء فيها، كما أنها واحدة من أكثر مناطق العالم عرضة للتأثيرات الاقتصادية والبيئية المرتبطة بالتغيرات المناخية؛ ولإنتاج الغذاء لابد من توفير مزيد من المياه والطاقة، ولتوفير مياه نظيفة للاستهلاك الآدمي فإن ذلك يتطلب الطاقة، ولإنتاج الطاقة نحتاج إلى المياه.، وهذه العلاقات المتشابكة تزداد حدة في المنطقة مع الوقت بسبب زيادة الطلب على الموارد مع ازدياد عدد السكان".
وشدد وليد زباري على ضرورة اتباع منهج الترابط عند التخطيط لإدارة قطاعات المياه والطاقة والغذاء، بحيث لا يتم انتعاش قطاع من هذه القطاعات على حساب القطاعات الأخرى، حيث يتطلب التخطيط لإدارة هذه القطاعات الحيوية الثلاثة، حوكمتها وإدارتها والتخطيط لها بشكل متكامل لتقليل المخاطر، وتعظيم الفرص، وتعزيز كفاءة استخدام الموارد لضمان استدامتها.