العدد 4998 - الجمعة 13 مايو 2016م الموافق 06 شعبان 1437هـ

ثقافة «ري الأرض»: مصادر مياه الري (1)

«الغرافة» من آلات الريِّ القديمة
«الغرافة» من آلات الريِّ القديمة

المنامة - حسين محمد حسين 

تحديث: 12 مايو 2017

تناولنا في الحلقة السابقة تقسيم الأراضي الزراعية بحسب الاحتياجات المائية، كذلك، فإن العملية عكسية أيضاً، حيث إن مساحة الأرض الزراعية واحتياجاتها المائية تحدد مصدر الماء الذي ستسقى منه. وهناك عدة مصادر لمياه ري الأراضي الزراعية، فقد تسقى الأراضي بمياه العيون الطبيعية بصورة مباشرة، وقد تسقى عبر نظام القنوات تحت الأرضية، أي الثِقَب، وقد تسقى بفائض المياه التي تسقي الأراضي الزراعية المجاورة لها، وقد تكون هناك آبار ارتوازية خاصة بالأرض الزراعية. ولكل مصدر من هذه المصادر طرق خاصة بعمليات الري، كما أن هناك قوانين عرفية تنظم عملية الري نفسها.

يذكر، أن آلية ري الأراضي الزراعية تعتمد على نظام واحد ثابت، وهو وجود ساقية كبيرة (تعرف حالياً باسم الساب) تخص الأرض الزراعية المراد سقيها، ومن خلال هذه الساقية يتوزع الماء بنظام معين على الأرض الزراعية، وسنتطرق لهذه الطريقة بصورة مفصلة في الحلقات المقبلة. بالطبع، كلما زادت مساحة الأرض كلما احتاجت لكمية أكبر من الماء، وهذا يستلزم طريقة تفريغ للماء داخل السواقي بصورة تضمن تدفق كمية مياه كبيرة بأقل جهد ممكن.

وفي حال كان مصدر الماء عيناً طبيعية، أو من نظام القنوات تحت الأرضية، فالماء يتدفق داخل السواقي بصورة طبيعية وذلك بفعل قوة دفع الماء المتدفق من ينبوع العين. ولكن في حال كان مصدر الماء بئراً محفورة؛ حيث يكون مستوى الماء في هذه البئر أخفض من مستوى الأرض؛ حينها يستلزم الأمر إيجاد طرق لجعل الماء يتدفق داخل السواقي، والحل الوحيد هو رفع الماء بوعاء معين وتفريغه داخل الساقية الأم أو حوض يغذي الساقية الأم. وقد كانت هناك عدة أنواع من الآبار الارتوازية في البحرين، وقد ارتبط كل نوع بآلة خاصة لاستخراج الماء منه.

المغرس والبئر والجدحة

عند العامة في البحرين توجد ثلاثة أنواع رئيسة من الآبار الارتوازية، وهي: المغرس والجفر أو البير والجدحة. فأما المغرس فهو عبارة عن بئر غير عميقة وليس لها سور يحيط بها. وأما الجفر أو البير وتلفظ «أجفر»، وتعرف في مناطق أخرى في الخليج العربي باسم «الجليب»، فهي بئر عميقة لها سور يحيط بها. وأما الآبار العميقة التي يتم حفرها بالآلات الحديثة فتعرف باسم «الجدحة» وهذه تسمية حديثة بعض الشيء، فالجدحة هي البئر التي يتم حفرها بآلة الحفر الحديثة وتوضع عليها مضخة تعمل بالديزل لتستخرج الماء وتضخه في حوض خاص يجمع فيه الماء يسمى «البركة». وتعرف المضخة عند العامة باسم «جداحة» أو «جدابة» وقد اشتق الاسم الأخير من لفظة «الجذب» بمعنى الشفط أي شفط الماء من باطن الأرض. أما اسم الجداحة فقد اشتق من الجدح وهو مصطلح عامي يعني الثقب ومنه اسم الآلة «المجداح» وهو عبارة عن مثقاب بدائي يتكون من قطعة خشبية مدببة الرأس يتم تدويرها من قبل قوس به وتر. وعرف الثقب الذي تحدثه الآلة في الأرض باسم الجدحة وعرفت آلة شفط الماء من الثقب بالجداحة.

وهناك عدة طرق لاستخراج الماء من الآبار الارتوازية، وهي تعتمد على مساحة الأرض المراد ريها، فقد يسحب الماء بصورة يدوية دون أي آلات خاصة، أو أن تستخدم الغرافة أو الزاجرة. أما في العصر الحديث فتستخدم آلات خاصة تعمل على ضخ الماء ودفعه في السواقي.

1 - عملية سحب الدلو باليد

في حال ري أرض زراعية صغيرة جداً، لا تستخدم آلة خاصة لسحب الدلو من البئر، بل يتم الاعتماد على القوة البدنية للساقي، وهو شخص يتم تخصيصه لعملية السقاء حيث يقف على شرفة البئر ويقوم بسحب الدلو الممتلئ بالماء من أسفلها لأعلاها بواسطة الحبل، ثم يتلقفه حالما يقترب منه ويصبه في الساقية التي تغذي الأرض بالماء أو يصبه في حوض خاص يغذي الساقية الأم. ويلاحظ أن هذه الطريقة من الري تتلاءم مع الأراضي الزراعية الصغيرة، والأرض التي تسقى بهذه الطريقة تسمى الدالية.

2 - النزافة أو الغرافة

تسمى غرافة أو منزفة (وفصيحها النزافة) وفي مصر تسمى شادوف، وهي تستخدم لاستخراج الماء من البئر قليلة العمق. تتكون الغرافة من عمودين من خشب أو حجر ويثبت عليهما عارضة، ويثبت فوق العارضة عصا خشبية طويلة، بحيث تمثل العارضة نقطة ارتكاز وتمثل العصا الخشبية ذراع الرافعة، وموصل في أحد طرفي هذه الرافعة صفيحة فارغة أو دلو وفي طرفها الآخر يوجد ثقل قد يكون حجراً أو كتلة طينية، ويمكن شرح طريقة عمل الغرافة على مرحلتين، في الأولى يبذل الفلاح جهداً ليشد الثقل أو الكتلة الطينية الثقيلة ليجعل الدلو ينزل لقاع البئر ويمتلئ بالماء، وفي الثانية يتولى الثقل رفع الدلو حيث يؤدي إلى عودة الخشبة الطويلة إلى وضعها الأصلي. وأخيراً يتم إفراغ الماء في الساقية أو الحوض.

3 - الآبار العميقة

تستخدم الزاجرة أو الجازرة في استخراج الماء من الآبار العميقة، والزاجرة عبارة عن آلة مركبة تتكون من الحبال وعددٍ من البكرات وتعمل بالطاقة الحيوانية؛ حيث تم استخدام الثور عند البعض أو البعير أو الناقة عند آخرين، وفي العصور الحديثة استخدمت حتى الحمير. وهي تقوم برفع دلو كبير، يعرف باسم الغَرْب، والذي يتم تفريغه بصورة آلية (لمزيد من التفاصيل حول الزاجرة ينظر، حسين 2013، مجلة «نخيل» العدد 36).

بالطبع، مازالت هناك مصادر أخرى لمياه الري، سنتناولها بالتفصيل في الحلقات المقبلة.

حسين محمد حسين
حسين محمد حسين




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً