العدد 4998 - الجمعة 13 مايو 2016م الموافق 06 شعبان 1437هـ

فيلم «كتاب الغابة» (The Jungle Book)... مُحبط ولا روح له

تحضر في الفيلم حيوانات حقيقية
تحضر في الفيلم حيوانات حقيقية

نهايات شهر سبتمبر/ أيلول 2015، نشرت صحيفة «الغارديان» البريطانية مقالة تتحدث عن جزء جديد من فيلم الأنيميشين الشهير «كتاب الغابة» (The Jungle Book). أشارت المقالة إلى أن هذا الجزء سيأتي في صورة فيلم حقيقي، وأن الأداء الصوتي فيه سيكون لمجموعة من مشاهير نجوم هوليوود يأتي على رأسهم بيل موراي وبن كينغسلي وسكارليت جوهانسون.

كاتب المقالة أبدى تحمسه الشديد للجزء الجديد، وأشار إلى أن «التريلر» الذي عرضته الشركة يوحي بفيلم ذي قيمة فنية عالية. موقفي كان معاكساً لموقف الكاتب. حقيقة، أبديت إمتعاضاً وغضباً شديدين من الشركة، فما الذي يدفع «ديزني»، لإعادة تقديم قصة الكاتب البريطاني رديارد كيبلينغ التي تحمل اسم الفيلم نفسه، للمرة الرابعة!

القصة قدمت أولاً في العام 1967، وتلك كانت أجمل النسخ وأقواها وأبقاها أثراً،على رغم قدم تقنيتها. ثم جاءت القصة مرة أخرى في صورة فيلم حي قدّم في العام 1994، ثم في صورة فيلم أنيميشين باسم «كتاب الغابة 2» في العام 2003.

على أية حال، هذا الأمر معتاد من ديزني، فهي منذ العام 1994، لا تتوقف عن إنتاج أجزاء جديدة من أفلامها التي حققت نجاحات هائلة، مكررة تقديم الثيمات والأفكار ذاتها، وتعمل على تمطيط القصص عبر أجزاء لا قيمة لها ولا إضافة فيها. تبدو «ديزني» مفلسة إلى حد كبير من أية أفكار جديدة؛ وخصوصاً حين نعرف أن الجزء الجديد من الفيلم موضع مقال اليوم، وهو الذي عرض في نهايات شهر أبريل 2016، يحمل حبكة مشابهة لتلك التي حملها فيلم الأنيميشين الأول الذي عرض في العام 1967.

في هذا التقديم الرابع لفيلم «كتاب الغابة»، سنلتقي ماوكلي، وهو هنا صبي حقيقي، تقريباً هو الممثل الوحيد الذي يظهر في الفيلم، وهو نيل سيثي البالغ من العمر عشرة أعوام والذي تم اختياره من بين آلاف المتقدمين لتجارب الأداء في كل من أميركا وكندا وبريطانيا.

سيعيش نيل أو موغلي 2016، الأحداث ذاتها التي عاشها موغلي في العام 1967. الجميل في الفيلم أننا سنشاهد الفتى يعيش وسط غابة حقيقية ويتعامل مع حيوانات حقيقية، في فيلم هو الآخر حقيقي إلى حد كبير، معروض بتقنية 3D، ولعل هذا ما يزيد روعة صورته. التقنية التي تم عبرها دمج مشاهد موغلي مع باقي مشاهد الفيلم التي تظهر فيها الحيوانات، وظفت بشكل جيد، ما أنتج مشاهد واقعية إلى حد ما.

مخرج الفيلم جون فافرو (أخرج أيضاً فيلم Iron Man) راهن على استخدام التقنية في فيلمه وزعم أنه على رغم أنه يعيد تقديم القصة ذاتها التي تضمّنها فيلم العام 1967 وأنه يعرف مدى نجاح الفيلم، إلا أن توظيفة للتقنية الحديثة سيجعل فيلمه يحقق نجاحاً كبيراً، مستشهداً بفيلمي «أفاتار» (Avatar) و «حياة باي» (Life of Pi) اللذين وظفا التقنية ذاتها.

المخرج قال أيضاً بأنه طوَّر قصة الفيلم مع كاتب السيناريو جستن ماركس، والمنتج بريغام تايلور، بحيث عملا موازنة بين فيلم الأنيمشين الشهير، وبين العمل الأصلي الذي كتبه كيبلينع، وأنه ضمَّن الفيلم أفكاراً جديدة مثل تلك الأفكار التي تدعو إلى حماية الطبيعة بدلاً من محاربتها!

لكن على رغم كل التصريحات التي أدلى بها المخرج، إلا أن السؤال يبقى عمَّا قدمته ديزني بإعادة التقديم هذه؟ القصة المطروحة ليست جديدة، والفيلمان اللذان استشهد بهما المخرج لم يكونا من إنتاج ديزني، ما يعني أن التقنية غير جديدة. بل إن الفيلمين السابقين يتميزان عن فيلم ديزني هذا بأنهما قدّما أفكاراً جديدة وقصصاً مثيرة ووظفا التقنية بشكل أكثر إبداعاً.

إذن لا إنجاز لديزني، فلا جديد تفعله في هذا الفيلم، لا على مستوى القصة ولا على مستوى التقنية، بل إن الناتج كان فيلماً أقل إتقاناً من الفيلمين اللذين ذكرت، أحداثه لا تحمل أي تشويق، ويعاني مخرجه وكل من عمل عليه من سطحية في استثمار نجاح فيلم الستينات.

فافرو راهن على نجاح الفيلم مستقوياً بالتقنيات التي استخدمها، لتقديم عمل ناجح، لكن رهانه بدا لي خاسراً منذ النصف ساعة الأولى لمشاهدة الفيلم. كل شيء مختلف ومفتعل في هذه النسخة، الصورة مفتعلة، نبرة الفيلم متكلفة، لا إثارة ولا خفة ظل من أي من شخصيات العمل. ستفتقد خفة ظل بالو، وظرافة الحية كا، على رغم خبثها، والإثارة التي يخلقها كينغ لوي، ملك القردة.

لن تجد أياً من تلك الروح التي شاهدتها في النسخة الأصلية، والأدهى من ذلك هو اجتهاد المخرج حين قرر ألاّ يجعل فيلمه موسيقياً. جزء كبير من نجاح الجزء الأول من الفيلم، يعود لأغنياته. هذه النسخة الهشة لا تحتوي سوى اثنتين من الأغنيات وهما أغنية Bare Necessities التي تأتي على لسان الدب بالوو، وأغنية I Wanna Be Like You التي تأتي على لسان الملك ليو. أداء الأغنيتين وتوزيعهما أقل مستوى بكثير منه في نسخة الستينات.

الفيلم عموماً محبط، وما يزيد الأمر إحباطاً هو أن «ديزني» تعمل على جزء آخر من الفيلم سيخرجه فافرو نفسه، ويتوقع أن يعرض ما بين عامي 2017 و 2019. تقيس الشركة نجاح الفيلم بأرباحه التي تجازت 700 مليون دولار أميركي، فيما بلغت موازنته 175 مليون دولار فقط.

تنجح ديزني أو لا تنجح في جزئها الجديد، تبقى المشكلة الحقيقية التي ستواجهها مع هذا الفيلم هي أن شركة وارنر بروس، الشركة المنافسة لديزني، قررت هي الأخرى تقديم نسخة حديثة من الفيلم، أسندت إخراجها للفنان اندي سركيس، في أول تجربة اخراجية له. يتوقع ان تعرض هذه النسخة في العام 2018.

وفي مقابل مشاهير النجوم الذين استعانت بهم ديزني لأداء أصوات شخصياتها وهم: بيل موراي (بالو)، وكريستوفر والكن (كينغ لوي)، وإدريس إلباى (شيرخان)، وبن كينغسلي (باغيرا)، وسكارليت جوهانسون (كا)، فإن وارنر بروس تستعين بأسماء لا تقل نجومية أمثال بنديكت كومبرباتش (شيرخان)، وكريستيان بايل (باغيرا)، وناعومي هاريس (بالو)، وكيت بلانشيت (كا)، فيما سيلعب الممثل الطفل روهان تشاند دور ماوكلي. وليس ذلك فحسب، لكن سركيس، سيقوم بأداء صوت الدب بالو في نسخة وارنر بروس. شاهدنا جيداً كم أبدع سيركيس في أداء شخصية غولوم في سلسلةLord of the Rings. ستصور نسخة وارنر بروس أيضاً بالتقنية نفسها التي استخدمتها هوليوود وهي تقنية motion-capture CGI إلى جانب التصوير الحي.

تخفق ديزني في رهانها، وتخفق في تقديرها لقوة منافسيها. وارنر بروس ليست خصماً يستهان به، وهي التي قدّمت أفلاماً ناجحة أشهرها سلسلة «سيد الخواتم» وسلسلة «هاري بوتر».

لا تنجح التقنية دائماً في إنجاح الفيلم
لا تنجح التقنية دائماً في إنجاح الفيلم
موغلي مع أحد الحيوانات في الفيلم
موغلي مع أحد الحيوانات في الفيلم




التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 9 | 7:35 ص

      ما علينا ..
      ما عندنا غابات ولا استوائيات وكله مستنقعات مجاري خلونه نغيير جو
      حتى الحيوانات على قدنا حمير وخيول وجمال وجلاب وسنانير وكوضة نعام في البيوت ودجاج وبش ( بط أونه ) ما يتمون سنة والا ماتو من الجفاف عبار الحين بيل الكهرباء شغال وجان في رقي طيور زينة واسد معظم في محمية العرين ما أدري يعيش للرمضان لو لا
      متى بحطون في باقة قنوات MBC

    • زائر 8 | 11:44 ص

      يمكن الفيلم يكون شيق نوعاً ما، لكن حسيته أوڤر..
      أقصد الشخصيات..
      ما حسيتهم حيوانات..
      كأنهم بشر..
      نفس التفكير والحركات..
      وحسيت أن شخصيات الفيلم تفتقد نوع من العفويه..
      ما ادري وين التكنلوجيا في الموضوع.. مثله مثل أي فيلم ثاني..
      والأسوأ
      أن القصة مكرره ألف مره..
      أحس أن السينما الأميركيه مفلسه، لا تملك الجديد..
      دائما تقوم بتجدييد النسخ القديمة.

    • زائر 7 | 7:09 ص

      الفيلم اكثر من رائع والفيلم مقتبس من قصة كتاب الغابة فلا غرابة بأن تكون قصة الفيلم معروفة لغالبية المشاهدين
      والاهم من ذالك المردود المادي الذي تجاوز ثلاثة اضعاف تكلفة الانتاج

    • زائر 6 | 5:06 ص

      الفلم رائع جدا
      و محبوك بشكل لطيف و مطعم بالدروس أيضا
      لا أدري ....

    • زائر 5 | 2:52 ص

      الفلم رائع بل مبهر، لا اتفق مع التقرير ابدا

    • زائر 4 | 11:02 م

      الفلم جميل وأعجب الأطفال ويتفق 95% من النقاد على أنه فلم ممتاز من موقع الأحصائيات Rotten Tomatos.

    • زائر 3 | 5:45 م

      اولا, و السؤال الذي يطرح هنا, هل الفيلم ممتع؟ نعم. شخصيا استمتعت بكل دقيقة من الفيلم. اتفق ولا اتفق مع الكاتبة. اتفق معها اذا قارنت الفيلم بالفبلم الاولي الكارتوني. ولا اتفق معها بان تقوم بالمقارنة بالفيلمين. عام 66 حتما يختلف عن الان. واتسائل هنا, اين الجمال في العمل اذا قدم عمل مشابه للعمل الاول. نعم افتقد الفيلم الجديد للاغاني ودور الطيور, ولكن لايعني انه الفيلم محبط. كل شخص له تصنيفه الفني. الشكر الجزيل للكاتبة و الاخوة المعلقين وصحيفة الوسط.

    • زائر 2 | 9:10 ص

      باصق

      للاسف الشديد خسرت ٨ دينار و وقتي على هذه الفلم ، مافيه قصه، لو متابع موكلي الرسوم في اليوتيوب احسن

    • زائر 1 | 3:29 ص

      وجهة نظر شخصية

      الفيلم قدم بتقنية جديدة لينال اعجاب الجيل الجديد الذي لم يشاهد ماوكلي السبيعنات والتسعينات ... فهي لغة عصرهم .
      والمقارنة بين الافلام في سنوات انتاجها المختلفة مقارنة مجحفة .. ووجهة نظر شخصية بحتة مفادها ان قديمك نديمك وهي لازمة تعاني منها اجيال في تفضيل كل ماخو قدبم والتغني بامجاده .

اقرأ ايضاً