يدير دينغ مؤسسة لبيع الاطعمة الحلال في الصين، وهو وإن كان لا يدين بالاسلام الا ان مبيعات مؤسسته من الاطعمة الموافقة للشريعة الاسلامية تصل الى خمسين مليون دولار في اسيا والشرق الاوسط ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم الجمعة (13 مايو / أيار 2016).
وتشكل مؤسسته «ساي واي شيانغ» مثالا نموذجيا للشركات الصينية الراغبة في غزو سوق الاطعمة والاشربة المراعية للمعتقدات الاسلامية، وبسط مدى تجارتها وصولا الى المملكة العربية السعودية.
ويعمل دينغ في هذا المجال رغم انه لا يبدو واثقا بمعلوماته حول ما يجوز للمسلمين وما لا يجوز «انهم لا يشربون الكحول ولا يدخنون، وهم ايضا لا يأكلون أحد انواع اللحوم، نسيت ما هو».
وهو بذلك يجسد نموذجا شائعا في الصين حول العلاقة مع المسلمين وفهم دينهم، وهم يشكلون في هذا البلد اقلية لا تزيد على 23 مليونا وفق السلطات، الا ان بعض التقديرات المستقلة تشير الى ان اعدادهم تربو على الخمسين مليونا. وتفرض السلطات الصينية قيودا تشددها احيانا وتتراخى بها احيانا اخرى على الممارسات الدينية للاقلية المسلمة.
وتقع مؤسسة دينغ في نينغشيا شرق الصين، وهي منطقة يعيش فيها ستة ملايين نسمة من اقلية «هوي» المسلمة، الذين تميزهم السلطات عن الهان الذين يشكلون الغالبية العظمى من سكان الصين، رغم ان الجماعتين لا تختلفان سوى في المعتقد الديني.
وفي اقصى الشرق الصيني، تقيم اقلية مسلمة اخرى هي الاويغور، وهم مسلمون ناطقون بالتركية، وقد شهد اقليمهم اعمال عنف اوقعت مئات القتلى نسبتها بكين الى متشددين اسلاميين، أججها التمييز الذي يعانون منه والقيود الثقافية والدينية المفروضة عليهم.
سوق الحلال
تشير التوقعات الاقتصادية الى ان مبيعات سوق الاطعمة الحلال ستصل الى 1600 مليار دولار بحلول عام 2018، وفقا لغرفة التجارة والصناعة في دبي، في مقابل 1100 مليار في عام 2013.
ويعلق دينغ، على غرار كثير من مديري الشركات في بلده، على سياسة «طرق الحرير الجديدة» التي يعتمدها الرئيس شي جينبينغ، والتي تقوم على تطوير الاسواق والبنى التحتية في جنوب اسيا والشرق الاوسط. لكن الجدية التي تتعامل بها الشركات في اعتماد المعايير المناسبة للاطعمة الحلال ما زالت موضع شك.
ففي العام الماضي، احتج مئات المسلمين في شمال البلاد على بيع الكحول في مطعم مخصص للاطعمة والاشربة الحلال، وفي شمال غرب البلاد حطم جمع غاضب متجرا للاطعمة الحلال ايضا بعد اكتشاف وجود لحم خنزير في مشترياته.
ومن شأن هذه الحوادث ان تودي بقدرة الشركات الصينية على دخول هذا السوق، علما ان الصين تعاني اصلا من فضائح في مجال السلامة الغذائية. وتقول مريم عبداللطيف استاذة علوم التغذية في جامعات ماليزيا: «ان موافقة الاطعمة الصينية الموصوفة بانها حلال للمعايير اللازمة هي موضع جدل»، مشيرة الى امثلة عن «وثائق مزورة» لاثبات موافقة منتجات معينة لمعايير الشريعة الاسلامية.
ويتعين على المؤسسات الصينية ان تحصل على مصادقات من هيئات متخصصة تعمل في الدول الاسلامية، حتى تحصل على ثقة واسعة بان منتجاتها ينطبق عليها فعلا انها حلال.
تهديد السياسة الأمنية
أما الحصول على مصادقات من هيئات اسلامية داخل الصين نفسها، فدونه عقبات سببها اساسا شكل العلاقة بين الدولة الصينية التي تجاهر بالالحاد، والاديان. فالنظام الحالي في الصين يجيز للمساجد ان تقوم بعمليات التفتيش في المؤسسات التي تنتج الاطعمة الحلال، إلا ان الاقرار النهائي يعود الى المكتب المحلي للشؤون العرقية والدينية.
في الشهر الماضي، دعا ما غواكوان وهو نائب عن منطقة نينغشيا الى اعتماد شهادة واحدة للاطعمة الحلال على المستوى الوطني، والى تحسين اجراءات التثبت من المعايير اللازمة.
وقال للصحف المحلية: «هناك مشكلات كثيرة تتعلق بتنظيم قطاع الحلال لا يمكن اغفالها». لكن اصواتا ترتفع في المقابل معارضة لهذا التوجه ومدافعة عن الالحاد الذي يرفع شعاره الحزب الشيوعي الحاكم، ورافضة اقرار قوانين ذات ملامح دينية. ويقول شي ويي الخبير في الاكاديمية الوطنية للعلوم الاجتماعية «هذا النوع من التشريعات سيكون مناقضا لمبدأ العلمانية، ويهدد السياسة الامنية في الصين». في المقابل، يشكو كثير من المسلمين مما يصفونه بتدخل الدولة في شؤونهم الدينية.
وبانتظار ان ينجلي التوجه الرسمي في هذه المسألة، يعتمد المسلمون الصينيون على المعارف الشخصية للتثبت من ان ما يأكلونه موافق للشريعة.
ويقول نا ليانغ «انا اعرف ان اللحم الذي اشتريه حلالا لاني اعرف الجزار، واراه في معظم الاوقات في المسجد يصلي».