شهدت مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام الماضية جدلاً واسعاً، حول حجم حضور المرأة في «الرؤية السعودية 2030».
وعلى غرار مواضيع كثيرة انقسم السعوديون في نقاشهم إلى «مع وضد»، ففي ما رأى البعض أن هناك «تغييباً» للمرأة في «الرؤية»، التي يعوّل عليها الكثير في نقل السعودية إلى موقع آخر، مال آخرون إلى أن الرؤية تخاطب الجنسين بصيغة الخطاب المذكر، وهذا أمر متعارف عليه في اللغة العربية، بحسب ما أفادت به صحيفة "الحياة" اليوم الخميس (12 مايو/ أيار 2016).
وإذا كان هذا النقاش يبدو «ترفياً» في مجتمعات أخرى، فإنه خلاف ذلك في المجتمع السعودي، الذي ينقسم انقساماً حاداً حول عدد من القضايا، على رأسها المرأة، التي يشكو البعض من «تهميشها»، في ما يخشى الآخر «تغريبها».
وبين هذا وذاك، استطاعت السعوديات تحقيق إنجازات خلال العقد الماضي، لعل أبرزها جلوس 30 منهن تحت قبة مجلس الشورى، والسماح لها بالمشاركة في الانتخابات البلدية، ناخبة ومرشحة، وفوز ما يربو على 20 منهن بعضوية مجالس بلدية، فضلاً عن مكاسب أخرى على الصعد المهنية والعدلية والاقتصادية والأدبية.
واستطاعت المرأة السعودية أن تعزز مشاركتها المتصاعدة في المجتمع المدني، عبر جمعيات وهيئات خيرية، وأدت أدواراً فاعلة ونالت استحقاقات عدة، حصلت عليها تارة بجهود فردية لأنامل وحناجر نسوية صدحت عالياً بمطالبها، وتارة أخرى عبر قرارات ملكية أو رسمية تدخلت لحسم جدلاً استمر أعواماً طويلة.
إلا أن أستاذة تاريخ المرأة في جامعة الملك سعود هتون الفاسي رأت أن المرأة السعودية «غابت عن الرؤية السعودية والأوامر والمناصب أيضاً، وظهرت في سطرين خاصين بالتعليم والعمل، ولكنها لا تعكس التوقعات والحاجات».
وقالت الفاسي لـ«الحياة»: «إن ما قُدّم في هذه الرؤية ما زال بعيداً عن القرارات المساعدة لتنفيذها، ولا بد أن تكون هناك قرارات حاسمة، مثل قيادة المرأة السيارة، والنظر في أمر ولي الأمر، الذي يقرر عمل المرأة أو يمنعه». وتابعت: «من دون هذين القرارين سيبقى وضع المرأة كما هو، ولم تضم الآلية أي عنصر أو بند يشمل أو يخول المرأة المشاركة الحقيقية، لا بتخصيص وزارة، ولا بحصولها على مناصب عليا أيضاً».
بيد أن المحامية والمحكمة الدولية بيان زهران ترى أن المرأة كانت «حاضرة أكثر في القرارات الوزارية، مثل الأحوال المدنية، وإصدار بطاقة عائلية»، مستشهدة في وزارة العدل، التي «أصدرت قرارات عدة لمصلحة المرأة».
من جانبها، قالت الأستاذ المساعد للأدب الحديث في جامعة تبوك عائشة حكمي لـ«الحياة»: «إن الرؤية 2030 تتجانس مع ما تتطلع إليه المملكة، والتي ترنو نحو مرحلة مختلفة، بعد تثبيت أعمدة الانطلاقة الحضارية على مساحة زمنية تتجاوز الـ84 عاماً بكل مراحلها وظروفها، وإيجابياتها وسلبياتها».
ولفتت حكمي إلى أن هذه «القفزة النوعية قفزة فكر وثقافة»، مشيرة إلى إدراك المسؤولين السعوديين لمستقبل المرأة، «وهي المعنية بإيقاد شعلة البدء في تطبيق هذه القرارات وتلك الرؤية، لأنها شريك في كل شيء، والخطاب المذكر لا يعني عدم حضور المرأة فيه، بل هي كل شيء».
وأضافت: «قبل تعليم المرأة كان الأمر مقلقاً، ولم تتم القفزات الحضارية في بلادنا إلا بعد أن أصبحت المرأة تقوم بدورها الواجب، ويعني ذلك أن رؤيتي في نصيب المرأة من هذه القرارات أنها معنية بكل قرار فيها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وعليها أن تعمل في منظومة وطنية واحدة ليس فيها رجل وامرأة، فالمهم الإنجازات والعمل مع الدولة لتحقيق أهداف هذه القرارات التي ما سهر عليها المعنيون وما فكر فيها المفكرون إلا لأجل الارتقاء بالمواطن والوطن الرجل والمرأة على حد سواء».
حارب الله الجهل