انطلقت الدورة التاسعة والستون من مهرجان كان السينمائي مساء اليوم الأربعاء (11 مايو/ أيار 2016) وسط تدابير أمنية مشددة مع عرض آخر أفلام وودي آلن "كافيه سوساييتي" خارج إطار المسابقة الرسمية.
وتولى الممثل الفرنسي لوران لافيت تقديم حفل الافتتاح.
واعلنت الممثلة الاميركية جيسيكا تشاستاين مع الممثل الفرنسي فينسان ليندون افتتاح المهرجان.
وقد قدم عريف الحفلة اعضاء لجنة التحكيم التي يرئسها المخرج الاسترالي جورج ميلر صاحب سلسلة أفلام "ماد ماكس" الشهيرة.
ويعاونه في المهمة الممثلة كيرستن دانست والمغنية والممثلة فانيسا بارادي والممثل دونالد ساذرلاند والمخرج ارنو ديبليشان والممثلة والمخرجة الايطالية فاليريا غولينو والمخرج المجري لاسلو نيميش والممثل الدنماركي ماس ميكيلسن والمنتجة الايرانية كتايون شهابي.
وقال ميلر في الافتتاح "نحن سعداء جدا بوجودنا هناو.ونتشوق لبدء العمل".
واوضح في وقت سابق الاربعاء خلال مؤتمر صحافي ان اللجنة ستكون "مثل وحش بتسعة رؤوس تفكر معا. لا نعرف كيف ستتم الامور. لكن السعفة الذهبية بالنسبة لي يجب ان تكون من نصيب فيلم فيه الكثير من القوة والتأثير".
وقد عرض بعد ذلك فيلم الافتتاح وهو السادس والاربعون لوودي آلن.
وهي المرة الثالثة التي يختار فيها أحد أعمال السينمائي الأميركي البالغ من العمر 80 عاما لافتتاح هذا المهرجان الدولي للسينما، بعد "هوليوود إندينغ" سنة 2002 و"ميدنايت إن باريس" سنة 2001.
وقبل الافتتاح الرسمي مر النجوم على السجادة الحمراء وصعدوا سلم قصر المهرجانات حيث يقام المهرجان ومن بينهم ممثلو وممثلات "كافيه سوساييتي".
ويتوقع حضور كوكبة من النجوم خلال ايام المهرجان الـ12، من جورج كلوني إلى ليا سيدو، مرورا بجولييت بينوش وماريون كوتييار وراسل كروو وشارليز ثيرون.
وهذا أول فيلم من تمويل عملاق التوزيع على الانترنت "أمازون" الذي يقع عليه الخيار لافتتاح المهرجان السينمائي.
ويروي "كافيه سوساييتي" قصة حب رومنسية تدور أحداثها في هوليوود ونيويورك في الثلاثينات. وتشمل القصة في طياتها نجوم سينما وأفراد عصابات ونساء طموحات وأصحاب مليارات.
وقال وودي آلن المتواجد في كان منذ الاثنين انه دوما سعيد بالمشاركة في هذا المهرجان.
وتنطلق المسابقة الرسمية الخميس مع الفيلمين "ريستيه فيرتيكال" للفرنسي آلن غيرودي و"سييرا نيفادا" للروماني كريستي بويو المنضمين حديثا إلى المنافسة على السعفة الذهبية.
وقد رد اعضاء فريق "كافيه سوساييتي" على اسئلة الصحافيين من العالم باسره في وقت سابق.
وقال وود آلن (80 عاما) "لطالما قلت اني رومنسي الا ان ذلك لم يكن رأي النساء اللواتي شاركنني حياتي".
وقال انه ينوي الاستمرار في اخراج الافلام "طالما ان ثمة اشخاصا على شيء من السخف لدعمي ماليا".
ومضى يقول "اني في الثمانين الا اني لا اشعر بذلك انا في عز شبابي انا نشط واتمتع باللياقة والداي تجاوزا عمر المئة العام وانا محظوظ على صعيد العمر المديد".
واعربت بطلة الفيلم كريستن ستيوارت عن سعادتها للعمل مع وودي آلن.
واوضحت "العلاقة الفضلى التي يمكن ان تقوم مع المخرج هي عندما ينجح في ان يخرج من الممثلين اشياء لا يدركون انها في داخلهم".
وتمنح اللجنة السعفة الذهبية وجوائز المهرجان الأخرى في الثاني والعشرين من أيار/مايو إثر المسابقة الرسمية التي يشارك فيها هذه السنة 21 فيلما من 14 بلدا.
52 فيلما من 30 بلدا
وكثيرون من المشاركين في المنافسة على السعفة الذهبية اعتادوا على حضور المهرجان السينمائي، من أمثال الإسباني بيدرو ألمودوفار والشقيقين داردين.
ويسعى الشقيقان جان-بيار ولوك داردين الحائزان السعفة مرتين ("روزيتا" و"الطفل") الى الفوز بالجائزة مرة ثالثة مع "الفتاة المجهولة" من بطولة اديل انيل.
ويشارك المخرج الهولندي بول فيرهوفن في المسابقة بفيلم "ايل" من بطولة ايزابيل اوبير، والبريطاني كين لوتش مع "آي، دانييل بلايك" والاسباني بيدرو المودوفار مع "خولييتا".
ويتنافس ثلاثة اميركيين أيضا على السعفة الذهبية هم شون بن عن "ذي لاست فايس" من بطولة شارليز ثيرون وخافيير بادريم، وجيم جارموش عن "بيترسن" مع آدم درايفر، وجيف نيكولز مع "لوفينغ".
ومن الأفلام المنتظرة أيضا "جوست لا فان دو موند" (نهاية العالم فقط) للكندي كزافييه دولان الحائز جائزة لجنة التحكيم العام 2014، وهو من بطولة ماريون كوتييار وفينسان كاسيل وليا سيدو، و"البائع" للايراني اصغر فرهادي.
وفي المجموع، تعرض الدورة التاسعة والستون من مهرجان كان السينمائي 52 فيلما من 30 بلدا اختارتها من بين 1869 عملا عرض على اللجان المعنية باختيار الأفلام.
وبعد ستة أشهر على اعتداءات باريس وسبعة أسابيع على تلك المنفذة في بروكسل، ينعقد المهرجان وسط تدابير أمنية مشددة.
وقد تعهد وزير الداخلية الفرنسية برنار كازنوف "بتعبئة استثنائية" لضمان أمن الحدث، مشيرا إلى أن "الخطر الأمني أكبر من اي وقت مضى".
وتشمل الترتيبات الأمنية نشر مئات من عناصر الشرطة وفريق من خبراء المتفجرات و400 حارس أمني خاص وسبعة سباحين منقذين.
الا أن هذه الإجراءات الأمنية لن تحجب الأمر الأساسي في هذا الملتقى السينمائي الأهم في العالم الذي ينتظر أن يستقطب عشرات الآلاف من محبي السينما، فضلا عن 36 ألف متخصص في القطاع، من بينهم 4500 صحافي من أنحاء العالم أجمع.
وبدأ عشاق المهرجان بالتوافد إلى قصر المهرجانات منذ الصباح حتى قبل إطلاق الفعاليات، على أمل أن يلمحوا ابتسامة جورج كلوني أو جوليا روبرتس.
رغم غياب السينما العربية والإفريقية عن المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة، فإن الاختيارات الرسمية شملت الفيلم المصري "اشتباك" لمحمد دياب الذي سيفتتح عروض قسم "نظرة خاصة"، وتترأس لجنة تحكيم هذه الفئة الممثلة السويسرية مارت كيلر، وفقاً لما ذكرته قناة "فرانس 24".
و"اشتباك" من بطولة نيللي كريم وهاني عادل، يتطرق للمظاهرات التي تلت عزل الرئيس السابق محمد مرسي في 2013 . لكن المخرج نفى أن يكون فيلمه سياسيا بعد تكهنات الصحافة المصرية بموضوعه وقال إنه فيلم "إنساني" في طريقة بحث الشخصيات.
واشتهر محمد دياب بفيلمه "678" الذي أخرج عام 2010 وتناول مسألة التحرش الجنسي بالنساء في بلاده وكان قد لاقى نجاحا كبيرا نظرا لدقة طرح موضوع مماثل على مجتمع محافظ.
أما فيلم "أمور شخصية" وهو العمل الطويل الأول لمها حج أبو العسل فيعرض أيضا ضمن فعاليات "نظرة خاصة"، ويطرح الاختيار مجددا إشكالية التمويل الإسرائيلي لشريط مخرجه فلسطيني من أراضي 1948. ويبحث الفيلم العلاقات الزوجية في أوساط ثلاثة أجيال فلسطينية وشارك في تمثيله ميساء عبد الهادي ودريد لداوي وعامر حليحل وحنان حلو.
فيلم عربي وحيد في المسابقة الرسمية (في فئة الأفلام القصيرة)
وتجدر الإشارة إلى مشاركة الفيلم التونسي "علوش" (خروف) للمخرج لطفي عاشور في المسابقة الرسمية للأفلام القصيرة. وكان لطفي عاشور قد حاز جائزة أفضل فيلم عربي في مهرجان أبو ظبي السينمائي عام 2014 عن فيلم قصير آخر بعنوان "بو لولاد".
ويعرف لطفي عاشور أيضا بإخراجه المسرحي لا سيما عبر "حب ستوري" مع الممثلة أنيسة داود.
وأعرب لطفي عاشور للإعلام المحلي عن سعادته بهذا الاختيار مؤكدا أنه "كان من باب المستحيل تخيل وصول الفيلم للمسابقة الرسمية للمهرجان العريق من بين نحو 5 آلاف فيلم قدمت ترشحها". ونوه المخرج بعمل الفريق الذي صور في ولاية تطاوين بالجنوب التونسي.
وكانت السعفة الذهبية لفئة الفيلم القصير للعام 2015 ذهبت لللبناني إيلي داغر عن فيلمه "أمواج 98". وتترأس لجنة تحكيم هذه النسخة 69 من المهرجان الدولي المخرجة والكاتبة اليابانية ناعومي كوازي.
وخلال المؤتمر الصحفي السنوي لمهرجان كان قال المندوب العام للمهرجان تيري فريمو في رد على سؤال حول غياب السينما العربية: "هناك العديد من البلدان الغائبة ضمن العشرات التي تشملها قائمة اليونيسكو".
وتابع: "نولي نفس الاهتمام بالأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية وبتلك التي تنضوي تحت الاختيارات الرسمية"، مشيرا بالتحديد إلى عرض فيلم محمد دياب و"الفيلم الفلسطيني" ودعى إلى متابعة تطورات هذه السينما التي "قد تصنع المسابقات الرسمية في السنوات المقبلة".
فيلمان لتونسي وتشادي ضمن "الحصص الخاصة"
من جهة أخرى، وضمن الاختيارات الرسمية أيضا، يعرض "حسين حبري. تراجيديا تشادية" للتشادي محمد صالح هارون ضمن قسم "حصص خاصة". وحسين حبري هو الرئيس التشادي السابق ويلاحق بتهم ارتكاب "جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب وتعذيب" أسفرت خلال فترة حكمه عن 40 ألف قتيل.
وكان محمد صالح هارون قد شارك في المسابقة الرسمية عام 2010، وفاز بجائزة لجنة التحكيم عن فيلمه "رجل يصرخ".
وفي نفس الفئة يعرض كذلك فيلم "شوف" للمخرج الفرنسي التونسي كريم الدريدي، ويتناول الفيلم وقوع الشباب في شبكات الاتجار بالمخدرات في مدينة مرسيليا جنوب فرنسا.
أفلام عربية في التظاهرات الموازية
أما الأفلام المعروضة خارج الاختيارات الرسمية، لكن في أقسام موازية هامة للمهرجان، على غرار "أسبوع النقاد" و"أسبوعي المخرجين"، فتكشف أسماء شابة وصاعدة لجيل بدأ يبث نفسا جديدا في السينما العربية. وأغلب هذه الأفلام لمخرجين ولدوا في فرنسا من آباء مهاجرين أو لجؤوا إلى هذا البلد، وتعتبر فرنسا أكثر البلدان دعما لسينما دول جنوب البحر المتوسط لا سيما عبر الإنتاج المشترك.
فتظاهرة "أسبوعي المخرجين"، كشفت عن مشاركة ثلاثة أفلام عربية- فرنسية. ففي عملها الأول "الهيات"، تروي المخرجة المغربية - الفرنسية هدى بنيامينا قصة "دنيا" التي تعيش في حي من أحياء الضواحي يعج بالإسلاميين وبكل أنواع التجارة غير الشرعية.
وقالت هدى بنيامينا إن فيلمها "يتجاوز قمقم الضاحية المعتاد ليسائل الإنساني والمقدس والسياسي في مجتمعنا". وكانت هدى بنيامينا قد فازت عن فيلمها "على درب الجنة" بسيزار الفيلم القصير عام 2013.
واختير كذلك فيلم "دورة فرنسا" لرشيد جعيداني للمشاركة في "أسبوعي المخرجين"، وهو قصة حب تجمع بين شاب مهاجر ومدربة سباحة في باريس . والمخرج فرنسي مولود لعامل بناء مهاجر من أصل جزائري ولأم سودانية، بدأ حياته ملاكما ثم صار كاتبا وبعدها ممثلا ومخرجا. وكان "أسبوع النقاد" في كان قدم له فيلمه الأول "رانغين" (2012).
وفي "أسبوعي المخرجين" أيضا لكن في فئة الفيلم القصير، يشارك داميان أونوري بشريطه "قنديل البحر" في المسابقة. وكان هذا المخرج الشاب أنجز في السابق فيلما وثائقيا بعنوان "فدائي" حول مناضل جزائري ضد الاستعمار الفرنسي. وداميان أونوري جزائري ولد في فرنسا عام 1982 ويعمل أساسا في الجزائر بعد أن درس في باريس.
أخيرا وفي فعاليات "أسبوع النقاد" تمكن اللبناني فاتشيه بولغورجيان عبر فيلمه الروائي الطويل الأول "ربيع" (تراماتون بالأرمنية) من حمل لبنان لأول مرة إلى هذه الفئة التي تقام منذ 55 عاما.
يعيش المخرج في باريس وفيلمه من إنتاج عربي فرنسي مشترك، وهو يتناول مسألة البحث عن الجذور من خلال شخصية مغن أرمني كفيف.
ويعرض في كان عملان لبنانيان آخران. فاختارت جمعية الأفلام المستقلة للتوزيع فيلما روائيا طويلا هو الأول للمخرج وسام شرف ويحمل عنوان "من السماء"، إلى جانب أفلام طويلة من مختلف أنحاء العالم لعرضه في قسم خاص بأفلام الجمعية ACID. وقال وسام شرف لفرانس24 إن عرض فيلمه في هذه الفئة "الأحدث والأدق في اختياراتها يبعث على الأمل".
وأخيرا يقدم شريط "غواصة" لمنية عقل ضمن تظاهرة "سينيفونداسيون" لأفلام مدارس السينما (قادما من مدرسة جامعة كولومبيا للفنون في الولايات المتحدة).
ويعتبر هذا الحضور العربي استثنائيا من حيث العدد، وإن كانت أغلب العروض تبقى في الأقسام الموازية، فهل يتجه مهرجان كان نحو دفع أكبر لسينما هذه المنطقة من العالم التي تشهد تغييرات جذرية؟