قال الأمين العام السابق لجمعية المنبر التقدمي عبد النبي سلمان إن «مشروع سايكس بيكو الجديد يعتمد على خطابات الكراهية وصراع إثنيات وأعراق ومذهبية وحروب بالوكالة وصولاً لمشاريع تسلح من أجل تفتيت وتقسيم واستنزاف ونهب ثروات دول المنطقة وشعوبها».
وذكر سلمان في ندوة قدمها في مقر الجمعية في مدينة عيسى مساء الأحد (8 مايو/ أيار 2016)، تحت عنوان «قراءة في مشاريع التقسيم القادمة... سايكس بيكو 2»، أنه «مرت مؤخراً الذكرى المئوية لاتفاقية سايكس بيكو المشؤمة، تلك الاتفاقية التي جاءت كما نعلم جميعاً لتكتب نهاية إمبراطورية الدولة العثمانية، والتي فرضت واقعاً استعمارياً جديداً حين قسمت الجغرافيا وتلاعبت بالحدود ورسمت السياسات وفرضت نوعية محددة من الأنظمة وسمحت لها بصلاحيات محددة، وأعاقت الحريات والاستقلال الوطني لشعوب ودول المنطقة وحاصرت وضربت قوى التحرر والتقدم في المنطقة لتبقي على قيم التخلف والجهل، وبذرت عوامل صراعات داخلية معلنة وكامنة في شتى ربوع المنطقة العربية والشرق الأوسط برمته، لتسهيل عملية الهيمنة واقتسام خيرات وثروات المنطقة على القوى التي خرجت قوية بعد الحرب العالمية الأولى آنذاك، وكمقدمة سريعة لابد لنا من المرور وبشكل سريع على طبيعة ومفاصل هذه الاتفاقية المشؤمة على منطقة الشرق الأوسط وفي القلب منها منطقتنا العربية».
وأضاف «بعد مئة عام على اتفاقية سايكس بيكو تعود ذات الدول التي وضعت تلك الاتفاقية (فرنسا وبريطانيا ومعهم روسيا والولايات المتحدة) إلى الواجهة عبر مشاريع وحروب لا نستطيع حتى اللحظة أن نجزم بمآلاتها ونتائجها، هذه المرة ربما تختلف الأدوات وحتى النهج وكذلك بعض اللاعبين الإقليميين، لكن يبقى الهدف واحد وربما يستجيب بشكل أكبر لطموحات ومشاريع تلك الدول في المهيمنة وتحصين المواقع والمصالح وما يستدعيه من استنزاف ثروات المنطقة عبر سلسلة لا تنتهي من المشاريع التي يبقى الغائب الأكبر عنها هو مصالح شعوب دول المنطقة، فلا أحد يتحدث بجدية عن ديمقراطية أو حقوق إنسان أو عن نشر الحريات وتوسيع حرية التعبير بل يتركز الحديث بشكل أساسي عن محاولة إطفاء حروب وفتن وتعميم خطابات الكراهية وصراع إثنيات وأعراق ومذهبية وحروب بالوكالة وصولاً لمشاريع تسلح ومن ثم الشروع في تعمير ما دمرته تلك الحروب عبر مشاريع إعادة بناء وتعمير ما دمرته تلك الحروب العبثية كجزء من استنزاف ونهب ثروات دول المنطقة وشعوبها».
وتابع «في هذه الورشة نحاول معا قراءة وتمحيص جوانب ومؤشرات مهمة قد تساعدنا على قراءة المشهد الحالي في الشرق الأوسط وآفاق المشهد القادم نحو المنطقة باعتبارنا قوى وتيارات وشخصيات ومتابعين معنيون تماماً بتحليل وفهم ما يدور في منطقتنا منذ أكثر من خمس سنوات».
وأفاد «وهنا نتوقف لنثير جملة من التساؤلات حتى نسمح بمزيد من الحوار حول توجهات التقسيم القادمة لمنطقة الشرق الأوسط وفي القلب منها منطقتنا العربية إسقاطاً على ما يجري ويدور من حروب وتواجد دولي وإقليمي سياسي وعسكري لا سابق له، وبعيداً حتى عن التبسيط المتعمد الذي يراد لنا أن نسايره كجزء من واقع التضليل والتعمية على مشاريع دولية إستراتيجية خطيرة جداً أصبحت تتخذ من منطقتنا أرضاً ومن سمائنا أفقاً ومن ثرواتنا هدفاً، كي نساعد في خلق فهم أوسع يعيننا على قراءة الحاضر جيداً والاستعداد للمستقبل».
وتساءل «هل النظام العربي بحالته الراهنة قادر فعلاً على الوقوف في وجه ما يحاك ضد منطقتنا من مشاريع تجزيئية؟ أليس كافياً لدولنا العربية أن ترى بالعين المجردة واقع التقسيم القائم وما تتجه إليه مآلات الأمور خلال الأشهر والسنوات القادمة؟ وهل يمكن المراهنة على واقع وحالة أنظمتنا العربية القائمة وكذلك أوضاع شعوبها التي تعيش حالة من التشرذم والضياع والتخلف وما هي البدائل أمامنا؟».
وواصل سلمان «وهل بعض الأنظمة العربية أصبحت جزءاً من اللعبة أم أنها أصبحت جزءاً من الهدف والاستهداف القادم وما هو مستقبل الأنظمة القائمة؟ ومن يلعب بورقة «داعش» و «النصرة» وتوابعهما ولماذا؟ وهل الصمت الإسرائيلي يشي بأن إسرائيل لاعباً رئيساً في تحقيق تلك المشاريع التقسيمية وما انعكاسات ذلك على القضية المركزية قضية فلسطين؟».
وواصل سلمان «ما هي الأهداف الحقيقية لواقع التقسيم القادم للمنطقة، هل هو لنشر الديمقراطية ومزيد من الحريات كما يتراءى للبعض رغم ما عرفه العراق وأفغانستان من خديعة إمبريالية أميركية ودولية كبرى؟».
وأردف «هل يعني تضاؤل حاجة الولايات المتحدة الأميركية للنفط العربي انسحاباً متدرجاً من مشاكل المنطقة، ولحساب من؟ هل سيكون للبريطانيين أم للفرنسيين أم جزءاً مهماً منه ربما سيكون للروس الذين يصرون على إبقاء حضورهم عبر عرى وثيقة من التواصل مع دول مهمة في المنطقة من بينها مصر وإيران وسورية وحتى السعودية؟ وهل تسمح التوازنات الإقليمية والدولية القادمة القائمة حالياً بوقف جملة تلك المشاريع أو حتى بعضها وكيف السبيل لمقاومتها؟ وهل الحضور الروسي والإيراني القوي في المشهد الشرق أوسطي القائم يعني أنهما فهما اللعبة باكراً وتداعياتها المنتظرة؟».
وختم سلمان «ألا يعني تمدد تلك المخططات حتى إلى عمق منطقة آسيا الوسطى مخاوف مؤكدة للروس التي تنظر بجدية للخاصرة الأوكرانية والإيرانيين والأتراك أيضاً بالنظر إلى تنامي دعاوى قيام دولة كردية؟»، وهل ثمة أمل في تغيير شكل أو مضامين المشاريع والتقسيمات القائمة والقادمة نتيجة ما سيفرزه الواقع السياسي والعسكري على الأرض؟ وما المطلوب عربياً، وتحديداً على المستوى الشعبي، وهل المجتمع المدني والأحزاب والقوى السياسية بإمكانها خلق البديل ولماذا؟».
ومن جانبه، أسهب عضو اللجنة المركزية بجمعية المنبر التقدمي حميد خنجي في حديثه عن مشاريع تفتيت الأمة العربية والتي بدأت منذ سايكس بيكو ولم تنته حتى يومنا، مشدداً على أن «مشاريع التقسيم لا تدار فقط من قبل القوى الإمبريالية، بل تعتمد أيضاً على ما هو موجود على الأرض من خلافات عرقية وطائفية بين شعوب المنطقة العربية أنفسهم».
العدد 4995 - الثلثاء 10 مايو 2016م الموافق 03 شعبان 1437هـ