بالتزامن مع إعلان الخطة الوطنية الرابعة للاتصالات التي ركزت على الألياف البصرية، فقد لا يلاحظ المسافرون عادة عبر مطار البحرين الدولي عند تخليص إجراءات المغادرة أو الوصول أو عند إنجاز معاملة في الجوازات أو وزارة العمل أو وزارة التربية أو وزارة الصحة وغيرها أن المعاملات يتم تبادل معلوماتها عبر نظام معلوماتي متصل بشبكة حكومية تخدم أكثر من 200 جهة عامة.
وقد لا يشعر الموظفون في الوزارات والمؤسسات أن ارتباطهم بشبكة الإنترنت يتم عبر خادم حكومي مركزي يزود جميع الجهات بإنترنت سريع وموثوق وذي كفاءة عالية. وكل ذلك يحتاج إلى بنية تحتية للاتصالات عالية الكفاءة والاعتمادية لتستطيع بها الوزارات توفير خدمات مختلفة، ومنها منتجات الحكومة الإلكترونية.
الكثيرون لا يعلمون أن الفضل الكبير في تطور شبكة الاتصالات الحكومية مطلع الألفية الراهنة يرجع إلى ثابت الشروقي، خبير الشبكات البحريني، الذي استطاع بفكرة أطلقها في العام ألفين ونفذت على مدى سنوات لاحقة من مختلف الجهات الحكومية، تأسيس شبكة في ذلك الوقت عُدَّت الأسرع على مستوى البحرين لتشكل اللبنة الأولى للحكومة الإلكترونية.
ويروي الشروقي، الذي كان مديرا للشبكة في الجهاز المركزي للإحصاء قبل نحو 16 عاماً، كيف أنه كان زار بمعية مسئولين في الجهاز للاطلاع على الانقطاع الذي حصل في شبكة المعلومات بوزارة التجارة حينها والتي كانت ترتبط بفضل شبكة كابلات مؤجرة من «بتلكو» والتي كانت تحتكر سوق الاتصالات ككل آنذاك.
ويقول الشروقي إن فكرة إنشاء أول شبكة بدأت تتولد لديه حين لاحظ أنه حين يكون خلل فإن الجهات الحكومية تتكبد خسائر يومية، أضف إلى ذلك تأثيراتها الاقتصادية نتيجة تعطل الإجراءات.
وأشار الشروقي إلى أن بطء سرعة الشبكة حينها كان يؤثر على سرعة تقديم الخدمات الحكومية وإنجاز المعاملات ما دفعه إلى التفكير في طريقة للتغلب على هذه التحديات.
ويشرح الشروقي كيف كان نظام إدارة المعلومات المالية (FMIS) تم نقله قبل سنوات لـ Webbase والذي كان يتطلب سرعات اتصالات عالية في الوقت الذي كانت سرعة اتصال الشبكة لا تتجاوز حينها 64 كيلوبابت في الثانية الأمر الذي عد سريعاً، وأعطى الشروقي مثال لأهمية السرعة: «تخيل أنك مسافر في المطار وحين يتم إدخال اسمك في الحاسوب للتأكد من بياناتك فإن النقرة تنتقل من كمبيوتر المطار ليطابق المعلومات في خوادم الحكومة في مناطق أخرى من البحرين، وعليك الانتظار إلى أن يصل التأكيد لكي يسمح لك الموظف بالمغادرة».
وبحكم خبرته في قطاع الشبكات فقد تبلورت لدى الشروقي فكرة لم تخطر ببال أحد حينها، وقال الشروقي وقتها كانت من المفترض أن يتم تقديم استراتيجية للبنية التحتية للحكومة الإلكترونية، ولذلك كان من الضروري جدّاً وجود شبكة اتصال سريعة تخدم الشبكة «طرقت باب المسئول وطرحت عليه الفكرة ورحب بها كثيرا لنجد الفكرة تطبق بين العامين 2002 و2003».
ربط الجهات الحكومية بتقنية الليزر والماكرويف
وكانت فكرة الشروقي تتمحور حول ربط الجهات الحكومية القريبة عن طريق وصلات «ليزر» والتي كانت تتمتع بمميزات، منها أن السرعة عالية وأن نسبة الفاقد من الاتصال محدودة، كما أن تركيبها سهل ولا يكلف الكثير إلى جانب تبني نظم مايكرويف، وعلى رغم أنه فكر في استخدام الألياف البصرية، لكن هذا الخيار كان سينطوي على تكاليف كبيرة مع احتياجه إلى أعمال حفر واستغراقه وقتاً طويلاً في الوقت الذي كانت فيه الشبكة متعطشة لسرعات وكفاءة لمواكبة التطور في التطبيقات الحكومية.
وكانت فكرة الشروقي لتأسيس شركة حكومية للاتصالات تقوم على ثلاث أدوات، هي: «الليزر» و»المايكرويف» و»الألياف البصرية» لتحقيق ربط بين مختلف المواقع الحكومية ولإنجاز المعاملات وفق كفاءة عالية.
وأشار الشروقي إلى أن تقنية الليزر (الأشعة الحمراء) التي اقترحها كانت توفر مستوى حماية وأمن للاتصالات عاليين، وكان يصعب اختراقها.
وكانت الشبكة الحكومية تستخدم لتوصيل الخدمات الحكومية الرئيسية مثل نظام الهجرة والجوازات، ونظام السجل السكاني المركزي، وأنظمة الجمارك والموانئ، ونظام التراخيص والمرور، ونظام التسجيل التجاري، وأنظمة وزارة العمل، ونظام ادارة المعلومات المالية (FMIS)، ونظام معلومات الموارد البشرية (HORISON)، وأنظمة وزارة الصحة، وخدمة البريد الحكومي، وخدمة الانترنت الحكومية.
وبحسب فكرة المشروع الذي اقترحه الشروقي فقد تم ربط عدد من الجهات بالشبكة التي اقترحها الشروقي حينها، ومنها ديوان الخدمة المدنية ووزارة التجارة، وديوان وزارة الكهرباء والماء، ووزارة شئون البلديات والزراعة، ووزارة الصحة، ووزارة الأشغال والإسكان (مبنى الأشغال) والإدارة العامة للهجرة والجوازات، ووزارة التربية والتعليم ووزارة الإعلام وشئون الجمارك والموانئ كمرحلة أولى. قبل أن يتم ربط جهات أخرى بالمشروع.
زيادة سرعة الاتصالات
وكان موقع وزارة التربية والتعليم أول من تم وصله وفق فكرة الشروقي وذلك في (مارس/آذار 2013) مما أدى إلى رفع السرعة من 64 كيلوبت في الثانية إلى 10.000 كيلوبت في الثانية.
وأشار الشروقي إلى أن فكرته دفعت بتلكو إلى تقديم حسومات في الأسعار وقتها كما شجع الشركة على مد كابلات للألياف البصرية إلى عدد من الجهات وهو ما لم يكن مطروحاً قبل ذلك على الأرض.
وقال الشروقي: «طرقت باب المسئول عن وضع الاستراتيجية للبنية التحتية للاتصالات الحكومية وعرضت عليه الفكرة، وأعجب بالفكرة التي كانت حينها لم تخطر بالبال وقدمت رسماً للفكرة وحازت الإعجاب لتجد طريقها إلى الواقع». إذ تم مزج «الليزر» والماكرويف للوصلات البعيدة إلى جانب ألياف بصرية التي تم ربطها لأول مرة مع مطار البحرين الدولي للمحافظة على إشارات الرادار التي قد تتأثر بالمايكرويف.
وأشار الشروقي إلى أن «بتلكو» كانت حينها المقدم الحصري لكابلات ونقاط الاتصال بالشبكة الحكومية، وكان يتم دفع آلاف الدنانير شهريا كفاتورة لكل نقطة على حدة للحصول على الاتصال فقط دون الخدمات الأخرى.
وأوضح الخبير أن التقنية التي كانت تستخدمها الشبكة حينها وهي Frame-realy، إذ كانت السرعة التي قد توفرها 2 ميغابت في الثانية في حين تقنية الليزر كانت توفر اتصالاً بسرعة 100 ميغابت وكانت حينها تعد سريعة جدّاً.
التوسع في الألياف البصرية
واعتبر الشروقي مشروع تطوير الشبكة الحكومية أول خطوة لكسر احتكار «بتلكو» وذلك قبل فتح قطاع الاتصالات في البلاد إذ مثل المشروع انطلاقة لاستخدام الألياف البصرية لربط القطاع الحكومي.
وبموجب مشروع تحديث الشبكة الحكومية تم ربط 50 موقعاً بشبكة MPLS عبر الألياف البصرية لتتوسع في البلاد استخدامات هذه التقنية في الوقت الذي أطلقت فيه الخطوة الوطنية الرابعة للاتصالات والتي تركز على إيصال شبكة الألياف البصرية إلى جميع المنازل ومواقع العمل في البحرين لتحقيق فوائد اقتصادية من الثورة المعلوماتية.
وقدمت «بتلكو» حينها أسعاراً تنافسية جدّاً لم تكن مقدمة في أية دولة أخرى ضمن اتفاق حصري مع الحكومة لتوصيل الـ 50 موقعاً ضمن المرحلة الثالثة من المشروع.
العدد 4995 - الثلثاء 10 مايو 2016م الموافق 03 شعبان 1437هـ
ربي يعطيك العافيه
نعم هذا مثال على ان البحريني يستطيع ان يفعل كل شي يعمل ويطور ويرى ما هو انسب للبحرين غير الأجنبي الذي يعمل فقط لجمع المال ثم يسافر الى وطنه غير البحريني الذي يعمل على تطوير وطنه كلنا نشكر ثابت الشروقي وغيره من المنسين الذين جعلوا من هذا الوطن رمز للتميز