لا يبدو أن الاقتصاد الأميركي دخل مرحلة الخطر بعد، إلا ان الأرقام المنخفضة التي ظهرت تباعاً في مؤشرين حيويين، هما نمو الناتج المحلي للفصل الأول من هذا العام وتقرير الوظائف للشهر الماضي، قد تشير إلى أن الولايات المتحدة تفقد زخمها الاقتصادي، بعدما حافظت عليه منفردة بين كبرى اقتصادات العالم على مدى العامين الماضيين ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الإثنين (9 مايو / أيار 2016).
فبعدما أظهرت التقديرات الأولية أن الناتج المحلي الأميركي تراجع من 1.4 في المئة في الفصل الأخير من العام الماضي إلى نصف في المئة في للفصل الأول من هذا العام، عكس تقرير وظائف نيسان (أبريل)، الصادر الجمعة، التراجع في النمو، إذ على رغم نجاح الاقتصاد الأميركي في توليد 160 ألف وظيفة، جاء الرقم أقل من توقعات غالبية الاقتصاديين، كما جاء الرقم في مستوى أدنى من معدل نمو الوظائف شهرياً على مدى الأشهر الـ 24 الماضية.
وأظهرت بيانات وزارة العمل ان نسبة البطالة بقيت على حالها بمعدل خمسة في المئة، أي ان 7.9 مليون أميركي ما زالوا يبحثون عن عمل، فيما تراجعت نسبة مشاركة الأميركيين في القوة العاملة إلى معدل 62.8 في المئة، وهو رقم منخفض مقارنة بالمعدل التاريخي.
وأظهرت بيانات العمل أن قطاع خدمات الأعمال تصدر الوظائف بإضافته 65 ألف وظيفة الشهر الماضي، في وقت بلغ فيه معدل زيادة الوظائف في هذا القطاع 51 ألفاً على مدى الأشهر الـ 12 الماضية. وجاءت وظائف الرعاية الصحية في المرتبة الثانية، إذ ارتفعت بواقع 44 ألف وظيفة، فيما حل قطاع الخدمات المالية في المرتبة الثالثة بإضافته 20 ألف وظيفة جديدة. ولم تضف قطاعات الصناعة وبناء المنازل أي وظائف جديدة.
وتختلف بيانات وزارة العمل بعض الشيء عن استنتاجات تقرير نمو الناتج المحلي للفصل الأول من هذا العام، التي أظهرت أن بناء المنازل كان المحرك الأول للنمو بارتفاع الاستثمارات فيه بنسبة 14.8 في المئة عن الفصل الأول من العام الماضي، فيما انخفضت الاستثمارات غير السكنية بواقع 5.9 في المئة، ما يعني أن قطاع البناء السكني لن يكون، على الأرجح، محرك النمو في الفصل الثاني طالما أن الوظائف فيه بقيت على حالها.
وكانت بيانات نمو الناتج المحلي الأميركي للفصل الماضي أظهرت ان الاقتصاد الأميركي لم يفلت من قبضة تباطؤ الاقتصاد العالمي، إذ تراجعت الصادرات بنسبة 2.6 في المئة، وهو ما أدى إلى طرح 0.3 في المئة من نمو الفصل الأول.
ويعلق المسئولون الاقتصاديون الأميركيون آمالهم على النمو في الفصول المتبقية من العام على أرقام الإنفاق الاستهلاكي، الذي بلغ 1.9 في المئة الفصل الماضي، ويعتقدون بأن ذلك يشير إلى استمرار ثقة المستهلكين في الاقتصاد، وأن تراجع نسبة النمو في الفصل الأول هو - على غرار عامي 2012 و2015 - انخفاض لن يلبث ان يليه نمو مرتفع، يؤدي إلى رفع نسبة النمو السنوية إلى معدل مقبول، وهو ما يأمل الاقتصاديون الأميركيون أن يحدث هذا العام ويعيد سوق العمل إلى النمو.
وأشارت دراسة صادرة عن مركز بحوث «مؤتمر العمل الأميركي»، القريب من الحزب الجمهوري، أن نجاح مرشح الحزب رجل الأعمال دونالد ترامب في الوصول إلى البيت الأبيض وتنفيذ وعوده القاضية بترحيل كل العاملين غير الشرعيين في البلاد، سيكلف الولايات المتحدة 400 - 600 بليون دولار، وإلى تقليص حجم الاقتصاد الأميركي بواقع تريليون دولار.
واعتبرت الدراسة ان في أميركا ما يقارب 6.8 مليون عامل غير شرعي يعملون في القطاع الخاص ويشكلون 5.6 في المئة من إجمالي العاملين في هذا القطاع، وأن رحيلهم سيؤدي إلى تقليص الإنتاج الأميركي بمبلغ يتراوح بين 381 و623 بليون دولار سنوياً.
هذا المبلغ يضاف إلى كلفة ترحيل المهاجرين غير الشرعيين، الذين يبلغ إجمالي عددهم في الولايات المتحدة 11.3 مليون شخص، يعني فتح اعتمادات إضافية للشرطة والسجون والقضاء والمحامين وتكاليف الطائرات التي ستعيدهم إلى بلادهم بتكلفة ستراوح بين 400 و600 بليون دولار سنوياً، أي ان الاقتصاد الأميركي سيخسر نحو تريليون دولار.
ولفتت الدراسة إلى الحجم الهائل المطلوب لتنفيذ عملية الترحيل إذ يتطلب ذلك زيادة عدد العاملين في دائرة الهجرة من أربعة آلاف إلى 90 ألفاً، وزيادة عدد حراس سجون المهاجرين من خمسة آلاف و200 إلى 52 ألفاً، فضلاً عن زيادة الأسرّة في سجون المهاجرين غير الشرعيين من 34 ألف سرير حالياً إلى 348 ألفاً، إضافة إلى الحاجة إلى أكثر من 17 ألف رحلة طيران، ناهيك عن 30 ألف رحلة بالحافلات سنوياً عبر الحدود إلى المكسيك.