تدفق الآلاف على عاصمة دويلة الصرب في جمهورية البوسنة اليوم السبت (7 مايو/ أيار 2016) لحضور إعادة افتتاح مسجد تاريخي دمرته الحرب في مراسم ينظر إليها على أنها تشجع على التسامح الديني بين الطوائف والأعراق المختلفة.
وبعد مرور 20 عاماً على الحرب الطاحنة بين البوسنيين المسلمين والصرب الأرثوذوكس والكروات الكاثوليك، لا تزال جمهورية البوسنة مقسّمةً على أسس عرقية وبها مجموعات متنافسة تعرقل الوفاق والإصلاح المطلوبين للانضمام للاتحاد الأوروبي. وعودة المسلمين إلى مسجد فرحات باشا الذي أعيد بناؤه بمدينة بانيا لوكا عاصمة جمهورية الصرب شبه المستقلة في البوسنة، يبث أمل التغيير في نفوس الكثيرين. لكن القيود الأمنية المحيطة بالمراسم التي سيحضرها مسؤولون بوسنيون كبار وكذلك رئيس الوزراء التركي أحمد داود أوغلو، تعطي انطباعاً بأن الحدث ينطوي على مخاطر عالية. وقد ساهمت تركيا في تكلفة إعادة البناء.
وانتشر حوالي 1000 من عناصر الشرطة في الشوارع ووصلت حافلات تحمل مسلمين قدموا من مختلف أنحاء البلاد. ومنعت حركة المرور عن وسط المدينة وتم حظر الكحوليات. ويرجع تاريخ المسجد إلى القرن السادس عشر، وهو تحت حماية منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بوصفه نموذجاً فريداً لفن العمارة العثمانية. وقد تعرض للتدمير قبل 23 عاماً وتحوّل موقعه إلى ساحة لانتظار السيارات. ويعتقد كثيرون أن تدميره كان بأمر من صرب البوسنة، رغبةً منهم في محو أي آثار للتراث الإسلامي من المدينة التي كانت يوماً متعددة الأعراق.
وخلال الاحتفال بوضع حجر الأساس في مشروع إعادة بناء المسجد عام 2001، هاجم قوميون صرب الزائرين والشخصيات العامة الحاضرة فقتلوا مسلماً وأصابوا عشرات. واستغرق الحصول على تراخيص إعادة بناء المسجد وعلى المال اللازم لها 15 عاماً. واستخدمت آلاف القطع من أنقاض المبنى الأصلي بعد انتشالها من نهر فرباس ومن موقع للنفايات.
واليوم الذي دمّر المسجد فيه (السابع من مايو/ أيار) أصبح الآن يوم مساجد البوسنة التي تم تدمير 614 مسجداً بها إبان الحرب التي دامت من عام 1992 إلى 1995. ولا يعيش بمدينة بانيا لوكا الآن سوى عشرة في المئة فقط من سكانها المسلمين والكروات بعد أن قام الصرب بحملة تطهير عرقي في أراضٍ أقاموا عليها دويلتهم.