صدر مؤخراً لأستاذ الإعلام بجامعة البحرين عوض هاشم، كتاب جديد هو «بين الإعلام والتربية»، تناول الصورة الذهنية المدركة من وسائل الإعلام المرئية.
كما تناول الاتجاهات الحديثة في الدراسات الإعلامية وتطبيقاتها في الحقول الاجتماعية المتنوعة، متضمناً دراسات تربوية ذات علاقة بالممارسة الإعلامية كقضايا الاستخدام الاجتماعي للغة والوعي الفونولوجي وصعوبات الاتصال الشفهي. راصداً قضية «إدمان الإنترنت لدى الشباب» والكشف عن طبيعة العلاقة بين منظومة القيم النفسية وبين استشراء إدمان الإنترنت لدى الشباب الجامعي.
عوض هاشم وخلال لقائه مع «الوسط»، تناول قضية إعلامية ملحة من قضايا الإعلام العربي المعاصر وهي قضية التدريب الإعلامي في إطار ثورة المعلومات والطفرة في مجال التكنولوجيا الاتصالية والحرب الثقافية والإعلامية التي تستهدف الهوية الوطنية والعربية، وكان لنا هذا اللقاء:
كيف وظفت الدراسات الإعلامية علمياً بكتابك في المجال التربوي؟
- تعلم أن تأثير الإعلام المعاصر مرهون بمدى ما يحدثه من تغييرات في سلوك واتجاهات وآراء الناس أو الجمهور أو المجتمع، وبالتالي كان من المهم أن تتجه الدراسات والبحوث الإعلامية إلى أن تجد صدى لها في مجتمعاتنا وخاصة الدول العربية الناشئة.
كما أن البحوث العلمية جلها تتوجه نحو هذا الاتجاه، فمنها ما تناول قضايا نفسية مثل إدمان الإنترنت لدى الشباب. وهذا ما يحدثه التغيير في التواصل بمنصات الإنترنت المرتبطة بالمستجدات الجديدة المتعلقة بالبنية النفسية بالشريحة المستحدثة لهذا القطاع.
ونموذج آخر، تناوله الكتاب وهو «الصورة الذهنية» المدركة بوسائل الإعلام ومدى التأثير التي تحدثه على المجتمع وتأثيرها على البرامج والخطط التي تحتويها وسائل الإعلام.
وجاءت في الدراسة أن «الصورة الذهنية هي إحياء أو محاكاة لتجربة حسية ارتبطت بمشاعر وعواطف معينة، كما قد تكون الصورة الذهنية استرجاعاً مباشراً، أو تخيلاً لما أدركته الحواس من قبل، فالصورة الذهنية هي الخريطة التي يستطيع بها الإنسان أن يدرك ويفهم ويفسر الأشياء».
كما جاءت في الدراسة، بحسب هاشم أن «هذه الصورة نشأت في النمو المعرفي للفرد منذ مرحلة الطفولة المبكرة حيث يعد جان بياجيه Piaget أحد علماء النفس القلائل الذين كرسوا جهودهم لدراسة النمو العقلي وخاصة فيما يتعلق بالإدراك والدافعية والقيم في إطار تقسيم مرحلي نمائي وعلاقته بالمؤثرات الاجتماعية».
وبحسب هاشم، يمكن الاستفادة من هذه الدراسة في الحذر من استخدام الصورة أو الكلمة حيث إن هذه الأدوات لديها تأثير كبير على المجتمع سلبياً كانت أو إيجابياً.
هناك اتهام بأن الإعلام لا يقوم بعمل إيجابي نحو التربية المستوحاة من عادات وتقاليد المجتمع، فما ردكم على ذلك؟
- قضية التنميط من المشاكل التي تصنعها الصورة، فحين تكون هذه الصورة مبنية على أسس علمية ممنهجة أو تكون هذه الصورة سيئة القصد، وهذا كما يحدث في التشويش الذي يحصل سواء في مواقع التواصل الاجتماعي في الدول الغربية بغرض مصالح أو أجندات معينة، وبالتالي يضع للفهم وينادي بالوقت ذاته بنشر الوعي بثقافة الصورة.
وكنت أتمنى ومازلت أن تدرس ثقافة الصورة في المدارس الإعدادية أو الثانوية لكي يعلم الجيل الجديد كيف تصنع الصورة المتحركة أو الثابتة سواء للتلفزيون أو السينما أو ما يخص برامج مواقع التواصل الاجتماعي.
هناك إدمان «إنترنتي»، ولكن ما الحل في ظل هذا الصخب الهائل من مواقع التواصل الاجتماعي وغيرها؟
- قدمت مجموعة من الاقتراحات تمثل حلولاً لمسألة «إدمان الإنترنت» وخاصة عند المراهقين، وذلك من خلال إنتاج برامج إرشاد نفسي واجتماعي يقوم بها متخصصون وباحثون للتخاطب مع الناس، ولتكون هذه البرامج ضمن أنشطة الاختصاصيين الاجتماعيين في المدارس أو المجتمع المدني لتخليص المراهقين من الإدمان الذي يصل إلى 15 ساعة أو أكثر في اليوم.
ويجب إيجاد برامج تخلص الشباب من العالم الافتراضي، بحيث لا يكون منكباً على شاشة هاتفه، وأن يتم تفهيم الشباب إلى الحياة التي عاشها آباؤهم وأجدادهم من قبل، إذ يكون هناك التقاء مع العائلة أو بأصدقائهم في جلسات ثقافية. كما يجب توجيه الشباب إلى أن يقضي وقت فراغه بالذهاب إلى نادٍ لممارسة الرياضة لكي لا يقع في الإدمان، ناهيك عن واجب الحماية من الوالدين وليس فرضاً، وإنما واجب الأبوين والوالدين الذي يحتمه النظام الأسري المحافظة على الأبناء وإرشادهم لكي لا يقعوا في الإدمان على الإنترنت.
التدريب الإعلامي
كيف سيكون التدريب الإعلامي مستقبلاً في ظل التطور السريع الحاصل في التكنولوجيا؟
- أرى هناك عدم كفاية في التدريب الإعلامي الحالي لمجتمع البحث والحاجة الماسة إلى تفعيله من خلال تبني استراتيجية واضحة يمكن تحقيقها من خلال مجموعة من الخطط المرحلية والمستمرة.
كما أن التدريب يعاني من انعدام التخطيط وفقر التمويل، وقصور من مواكبته للتطورات الحديثة في تنمية الموارد البشرية وهو ما يفرض النظر بجدية إلى التدريب من منظور جديد ومتطور من أجل تفعيله.
كما أتمنى وجود مركز تدريبي متخصص للإعلام والتطوير الإعلامي؛ تكون مهمته الأساسية تنمية الموارد البشرية الإعلامية على أسس علمية احترافية، بحيث يسعى المركز من خلال التدريب في الدرجة الأولى إلى الاكتفاء الذاتي من الوظائف المهنية المختلفة، ومتابعة التدريب بأنواعه المختلفة ضمن خطط مستمرة ومتطورة. ولفت إلى ضرورة ربط التدريب بالتعزيز والتقويم لكفاءة الموظفين من أجل تشجيعهم على التطور الذاتي، وأن يتم ذلك ضمن إصلاح هيكلي يتم فيه استثمار الطاقات جميعاً من دون تهميش أو تجميد.
كما يجب أن تكون الرسالة الإعلامية رسالة موضوعية لا تعبر إلا عن الواقع أو الحقيقة وهذا أيضاً تحدٍ أمامنا، فلا أقول إشكالية وإنما تحدٍ لاختيار العناصر الإعلامية القادرة على التعامل في هذا الواقع.
الحرب الإعلامية
ما هي الحرب الإعلامية المقبلة في نظركم؟
- الحرب الإعلامية هي قائمة وليس مقبلة، وهناك محاولات تحريضية طائفية أو إثنية أو عرقية أو حتى سياسية في المنطقة، وبالتالي أمام هذا الواقع المشهود الذي نلاحظه مثلاً في مواقع التواصل الاجتماعي أو ما تقوم به بعض القنوات الدولية أو المحطات التلفزيونية التي توجه إلى تعميق النعرة الطائفية بين المكونات العربية عبر تاريخها الطويل، نحتاج إلى تدعيم الهوية الوطنية ورص الصفوف وأن نتجاوز النفس الطائفي من الإطراف كافة، وهذا أهم التحديثات التي تواجه دولنا كحرب إعلامية.
كما أنني واثق من الحكماء القادرين على مجابهة هذا النفس الطائفي لتوحيد الصفوف.
العدد 4991 - الجمعة 06 مايو 2016م الموافق 29 رجب 1437هـ
الاعلامي عوض هاشم طرحت موضوع الادمان لدى الشباب، نبي الحل