في سبتمبر/ أيلول 2015، خلال قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، أقرّ 193 بلداً جدول أعمال طموحاً يشمل 17 هدفاً عالميّاً للتنمية المستدامة، سعياً إلى القضاء على الفقر وتعزيز الرخاء وحماية البيئة بحلول العام 2030. وفي (1 يناير / كانون الثاني 2016) دخلت «أهداف التنمية المستدامة» هذه حيز التنفيذ، لتحل مكان «الأهداف الإنمائية للألفية» الثمانية التي انتهت مدتها العام 2015. فهل سيكون العالم قادراً على الالتزام بالقرارات التي اتخذها؟
في غضون السنوات الخمس عشرة المقبلة، تحشد بلدان العالم الجهود لمكافحة الفقر وعدم المساواة والتصدي لتغير المناخ. وفيما ركزت أهداف الألفية على ثمانية مجالات تتعلق بتحديات الفقر والتنمية الحضرية، وانطبقت فقط على البلدان النامية، تتضمن الأهداف الجديدة 17 مجالاً مع تركيز قوي على الاستدامة وتغير المناخ، وهي عالمية تشمل جميع البلدان.
ووفق مفاهيم الأهداف الجديدة، لا يمكن اجتثاث الفقر إلا بتكامل الجهود مع استراتيجيات تحفز النمو الاقتصادي وتستهدف في الوقت نفسه نطاقاً واسعاً من الاحتياجات الاجتماعية، التي تشمل التعليم والصحة والخدمات، إضافة إلى التصدي لتغير المناخ وحماية البيئة.
وقد ركزت قمة تغير المناخ في باريس العام 2015 على أن التنفيذ الناجح لأهداف التنمية المستدامة هو الإطار الأفضل لمواجهة تحدي التغير المناخي. وعلى جميع الحكومات الآن إنشاء هيكلة وطنية لتحقيق الأهداف السبعة عشر.
كيف يخطط العالم للوفاء بالتزاماته التنموية وسط التحديات المقبلة؟ أصدرت «شبكة حلول التنمية المستدامة» التابعة إلى الأمم المتحدة دليلاً لمساعدة الجهات المعنية على البدء في تنفيذ أهدافها. في ما يأتي سبع خطوات يمكن اعتمادها لإنجاح أهداف التنمية المستدامة في أي مدينة أو بلد أو منطقة أو قطاع:
اعرف موقعك
قبل أن تتخذ البلدان أو القطاعات أو المناطق أو المدن قراراً بشأن مسار للعمل، عليها أن تلقي نظرة على وضعها الحالي. إن إلقاء نظرة أولية على مؤشرات متنوعة يساعد في كشف الأهداف غير المرصودة أو المتخلفة كثيراً. ومن شأن إعطاء الأولوية لهذه الأهداف المهملة أن يضمن دفع أهداف التنمية المستدامة الأخرى، التي هي مترابطة، إلى الأمام معاً.
ضع خطة طويلة الأجل
التفكير على مدى 15 عاماً يساعد جميع الجهات المعنية في معرفة ما يمكنها تحقيقه وأين يمكنها المساهمة في أهداف التنمية المستدامة. والتخطيط الطويل الأجل يساعد أيضاً في التغلب على التقلبات التي ترافق تغيير السياسات والدورات الانتخابية.
تصوَّر النجاح
توصي شبكة حلول التنمية المستدامة بما تدعوه «التنبؤ العكسي» عند وضع أهداف طويلة الأجل. هذا يعني تصور مستقبل مرغوب فيه، ومن ثم العمل «خلفياً» انطلاقاً من ذلك المستقبل لتخطيط كيفية تحقيقه.
جنِّد شركاء على جميع المستويات
الحكومات الوطنية التي وقعت على أهداف التنمية المستدامة مسؤولة في النهاية عن إنجاحها. لكن هذه الأهداف هي شبكة معقدة ومترابطة تحتاج إلى مقاربة من جميع الزوايا. ويحتاج تحقيقها إلى جهود جميع الجهات المعنية، في أعلى الهرم وأسفله، وفي القطاعين العام والخاص، وعلى الصعيدين العالمي والمحلي. ولأن تنفيذ هذه الأهداف العالمية يبدأ على المستوى المحلي، فقد صرحت الأمينة التنفيذية لصندوق الأمم المتحدة للمشاريع الإنتاجية جوديث كارل بأن «المجتمعات والاقتصادات ليست قادرة على التحول ولا على تلبية أهداف التنمية المستدامة من دون استغلال القدرات النسبية للحكومات أو السلطات المحلية».
استخدم التكنولوجيا
التقدم التكنولوجي يجعل تبادل البيانات أسهل من أي وقت مضى. ويساهم وضع الأهداف ومتابعتها واستكشاف القرارات الاستثمارية في إبقاء أهداف التنمية المستدامة على المسار الصحيح، كما يساعد الحكومات على تقديم الخدمات وتأمين التواصل بين القطاعات الحكومية بفاعلية أكبر.
دبّر التمويل
تشير تقديرات إلى أن تلبية أهداف التنمية المستدامة ستكلف نحو ثلاثة تريليونات دولار. وقد كانت حصيلة قمة الأمم المتحدة لتمويل التنمية في (يوليو/ تموز 2015) مخيبة لآمال الكثيرين بشأن التمويل المتوقع. لذلك على البلدان والمناطق والمدن النظر في الخيارات المتوافرة لتحويل الموارد الحكومية أو تحسين كفاءة استخدامها، والسعي إلى التعاون والتكامل مع مصادر التمويل الخاصة، والحصول عند الحاجة على تمويل من مؤسسات دولية إذا كان متاحاً.
تتبع التقدم الذي تحرزه
لكي تنجح البلدان حيث تعثرت في أهداف التنمية السابقة، عليها تجميع بيانات حديثة وعالية الجودة وإعداد تقارير لمراقبة تقدم الأهداف الجديدة. وتساعد المؤشرات الواضحة الجهات المعنية في تطوير الاستراتيجيات وتحديد الأماكن التي تشتد فيها الحاجة إلى الموارد. ولضمان عدالة التقدم، ينبغي جمع البيانات بحيث تشمل الجميع، من ذكور وإناث وفئات عمرية ومناطق حضرية وريفية وغير ذلك.
الغاية الكبرى لأهداف التنمية المستدامة هي توفير إطار عمل للحكومات والجهات المانحة والجماعات الداعمة والمجتمع المدني للتحول إلى عالم «لا يستثنى فيه أحد». وهي تقدم اتجاهاً موحداً للمستقبل، ولها ميزة البناء على الأهداف العالمية السابقة وتسليط الضوء على أوجه التفاعل والتكامل بين مختلف القطاعات والجهات المعنية. لكن النجاح مرهون بتفسير هذه الأهداف وتنفيذها.