التعقيدات السياسية في العراق، والعقبات التي يضعها بعض الافرقاء في درب مسيرة الاصلاح السياسي ومحاربة الفساد، دفعت المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني إلى رفع الصوت، بعد أن كان قد أعلن العزوف عن التعاطي مع الشأن السياسي، عبر معتمديه في صلاة الجمعة «إلا عند الضرورة». لكن يبدو أن الضرورة ذاتها أصبحت واقعاً بفعل الأوضاع الصعبة، لتخرج السيستاني من دائرة الصمت ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "القبس" الكويتية اليوم الجمعة (6 مايو / أيار 2016).
فقد أصدر مكتبه بياناً حذّر فيه جميع الأطراف من «مغبة الاستمرار على النهج الحالي في التعاطي مع قضايا البلد، وأزماته»، داعيا الى «التفكير مليّاً في مستقبل الشعب، واتخاذ خطوات جادة وملموسة للخروج من الوضع الراهن الى مستقبل أفضل».
وفيما شدد البيان على نفي ما ذكرته بعض وسائل الإعلام، جملة وتفصيلا، عن تدخل المرجعية في ترشيحات مواقع حكومية، ولقاءات مع سياسيين، أوضح أن المرجعية الدينية العليا تراقب الأحداث عن كثب وتتابعها بدقة، وهي تشعر بالأسى والأسف لما آلت إليه الأمور على أيدي من كان يُفترض بهم أن يعملوا في خدمة الشعب، وانصرفوا الى مصالحهم.
ثلاث محطات
بيان المرجعية انطوى على ثلاث محطات جديرة بالتناول لمعرفة تعاطي السيستاني مع الوضع العراقي الراهن، أوّلها أنه يواصل متابعة هذا الوضع بدقة، رغم انصرافه عن التحدث بالشأن السياسي. ثانيها، تحميل السيستاني بالمباشر المتعاقبين على إدارة أمور البلاد المسؤولية الكاملة عما يواجهه العراق وشعبه، موجها أصابع الاتهام إلى الجميع من دون استثناء. ثالثها، وهي النقطة الأهم، تحذيره الأطراف كافة من المضي في تعاطيهم الراهن حيال الشأن العراقي.
خطوات مباشرة
ويمكن القول إن السيد السيستاني بات أقرب من أي وقت مضى لاتخاذ خطوات مباشرة، إذا ما بقيت الأزمة تراوح مكانها، وهو أمر يدرك جميع السياسيين مدى خطورته على مواقعهم. فهم عقب هذا التحذير يشعرون بقلق بالغ، ربما سيدفعهم الى لحظة تفاهمات مشتركة باتت تباشيرها تتحرك من خلال دعوة رئيس الجمهورية فؤاد معصوم الى ضرورة انعقاد جلسة برلمانية موحدة. وبدأ زعماء القوى السياسية التركيز في تصريحاتهم على ضرورة أن تكون المطالبة بالاصلاحات وتنفيذها وفقا للأطر القانوية، وبعيدة عن مظاهر العنف في اشارة الى عملية اقتحام البرلمان.
تطورات درامية محتملة
وبرسم هذا الواقع المتحرك، تجدر الإشارة الى احتمال حصول تطورات درامية ستكشف عنها الأيام المقبلة، حيث لوحظت إجراءات أمنية مكثفة لعناصر الحشد الشعبي، وقوى الأمن بالقرب من بوابات المنطقة الخضراء في بغداد، تحسبا لأي عملية اقتحام يقوم بها المتظاهرون الصدريون، بعد أن دعت اللجنة المشرفة على التظاهرات الى تنظيم تظاهرات في عموم العراق، وعند أسوار المنطقة الخضراء، بدءاً من مساء امس الجمعة، مشددين على سلمية التظاهر، وفي ظل وجود القوات التابعة للحشد الشعبي بكثافة، سيصعب على المتظاهرين دخول «الخضراء»، لأنهم سيواجهون برد عنيف، وحينها تبرز مخاوف من حصول الصدام.
إجراءات للعبادي
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي اقال قائد الفرقة الخاصة المسؤولة عن حماية المنطقة الخضراء الفريق الركن محمد رضا، بسبب تهاونه وتساهله تجاه المتظاهرين الذين اقتحموا البرلمان، وعين مكانه اللواء كريم عبود التميمي. وكان الفريق رضا قبل يد مقتدى الصدر عندما دخل للاعتصام داخل المنطقة الخضراء. وأكد العبادي انه لن يتم السماح بتكرار الاساءة للسطة التشريعية.
ميدانياً، شرعت القوات العراقية المشتركة امس بعملية تحرير مناطق جنوب الفلوجة من تنظيم داعش الارهابي، في وقت صدت مغاوير الجيش هجوماً للتنظيم في منطقة خرائب جبر جنوب الموصل وكبدتهم خسائر في الارواح والمعدات. وفي اطار متصل قالت استراليا ان اثنين من مواطنيها، احدهما من كبار المسؤولين عن التجنيد في داعش، يدعى نيل راكاش قتلا في غارة للتحالف الدولي على الموصل الاسبوع الفائت.