السودانية العجوز عوضية محمود كوكو، بائعة الشاي في العاصمة الخرطوم، لم تكرّمها أو تكترث لها الجامعة العربية ولا منظمة التعاون الإسلامي، بل كرّمتها وزارة الخارجية الأميركية، ومنحتها جائزة «المرأة الشجاعة».
هذه السيدة المكافحة، ناضلت لأكثر من عشرين عاماً، من أجل تحسين أوضاع زميلاتها الفقيرات، من بائعات الشاي والقهوة والأطعمة البسيطة تحت أشعة الشمس الحارقة. وتم استقبالها في البيت الأبيض، حيث قدّم لها وزير الخارجية جون كيري الجائزة، بتاريخ 29 مارس/ آذار 2016.
سمعت بقصتها في نشرة الـ «بي بي سي» صباحاً، وبعد يومين نشرت «الوسط» نبذةً عن حياتها، حيث تبلغ 53 عاماً، وقد جاءت مهاجرةً مع عائلتها من كردفان التي مزّقتها الحرب إلى الخرطوم. وظلّت تبيع الشاي طوال هذه السنوات في كشك صغير، في سوق شعبي يفتقر حتى للحمامات العامة.
هذه السيدة التي لم تكمل تعليمها، بدأت عملها كبائعة للشاي في 1986، لتساعد أسرتها الصغيرة. ولم تقتصر على ذلك، بل سعت لتحسين أوضاع زميلاتها في المهنة حيث يعانين من النظرة السلبية من المجتمع، ويتعرضن للمضايقات والتحرشات. وقامت بإطلاق «جمعية تعاونية»، تقدّم لمنتسباتها المساعدة القانونية مقابل اشتراكات رمزية، لاستعادة أوانيهن التي تصادرها الشرطة. ويبدو أن مثل هذه المعاملة العدائية للشرطة شائعةٌ في البلاد العربية، وقد تسبّبت في تفجّر الأوضاع في دول «الربيع العربي»، على إثر إحراق الشاب التونسي البوعزيزي نفسه بسبب لطمةٍ لئيمةٍ تلقاها من شرطية، ومصادرة عربته الخشبية التي كان يبيع عليها الخضار.
الفضيحة في حالة السودان، أن الحكومة اعتقلت السيدة الخمسينية الفقيرة مع زميلاتها وأدخلتهن السجن، لأربع سنوات، لعجزهن عن تسديد ديون مترتبة «بسبب استثمار غير مربح» كما قيل. وحين تشاهد صورتها، امرأةً عجوزاً، متلفعةً بلباسها التقليدي، تتفجع للحالة التي أوصلتنا إليها هذه الأنظمة، فكيف يحكم قضاةٌ أصحاب ضمير، يفترض أن يمثلوا ميزان العدالة والرحمة، على مثل هذه السيدة الفقيرة وأمثالها، وهن صاحبات أسر وأطفال، بالسجن سنوات؟ ولِمَ لمْ يُساءَل النظام السياسي الذي تركها تبيع الشاي في هذا العمر، ومقاساة حر الصيف وبرد الشتاء، في الشوارع، دون أن يوفّر لها الحد الأدنى من العيش الكريم؟
لا الرئيس، ولا القضاة، ولا النواب، ممن يعيشون في كواكب أخرى، يمكن أن يشعروا بما يعانيه من يعيشون في القاع. وهو ما يحمل نائباً يتجشّأ هراءً من الشبع، على الدعوة لملاحقة من ينتجون بعض المأكولات المنزلية ويسوّقونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وأغلبهم من العاطلين لسنوات طويلة، أو المفصولين عن العمل، لإعالة أنفسهم وتلبية حاجات أسرهم. ولا يعدم خمسة نواب قدّموا الاقتراح للبرلمان، من سوق المبررات، كما فعل من ضرب البوعزيزي، الذي كان يضرّ بالاقتصاد الوطني التونسي العتيد، لبيعه الخضار في سوق شعبي فقير على عربةٍ خشبية!
المسألة تتعدى صحة البشر ومراعاة قواعد السلامة العامة، إلى ما هو أخطر، فلؤم بني البشر يفوق الخيال، وهو ما صوّره شاعر الإنجليز الأكبر وليام شكسبير في مسرحية «تاجر البندقية»، وهو يحكي عن الجشع وحب المال والروح الانعزالية والرغبة في الانتقام والإيذاء، متجسدةً في شخصية التاجر اليهودي شيلوك، الذي كان يريد أن يستوفي دَيْنَه باقتطاع رطلٍ من لحم فخذ المدين الطيّب انطونيو.
هؤلاء النساء العاملات الكادحات المضحيات، اللاتي لا يكسبن يومياً أكثر من أربعة دولارات (ما يعادل 1.500 دينار بحريني)، استطاع بعضهن تدريس أبنائهن وبناتهن حتى تخرجوا من الجامعات.
إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"العدد 4990 - الخميس 05 مايو 2016م الموافق 28 رجب 1437هـ
العقوبه لمثل هذا النواب
نعم مثل هذه الأفكار ممكن تجر الويلات للبلد والمواطن
تحيتي اليك سيد قاسم حسين على هذا المقال الرائع فأنت ثاني بحريني قرأت له اليوم على نفس هذا الموقع وأعجبني مقاله، وأنا لم أقرأ لكاتب بحريني من قبل، والأمر هنا يزيد من عجببي من هذه الأمة التي أنتمي اليها ففيها كم هائل من الأشخاص الرائعين في التفكير والتصور وحتى الأداء والعمل الفردي في شتى مناحي الحياة لكنها بشكل جماعي وبحكم سريع وغير متحفظ مني هي أمة فاشلة في الأداء بكل المقاييس. ليتني أملك جوابا أستاذنا، أكرر تحياتي لك وللوسط (وهذه الأخيرةكلمة أحبها وأختار مضمونها دوما كلما مُنحت الاختيار)
ومن اين تعطى الشهادات الفخرية ولمن تعطى
تخمة الحكومة تتبعها تخمة شورى ثم النواب. من أوصل أصحاب الابتدائية الى النواب وسلطهم على رقاب الناس؟ من أوصل الشواذ من الفكر الى معقل انشاء القرار؟ من سجن من يطالب بمنهج واضح لما يصرف من مخزون الشعب؟ من ترك قتلة المتظاهرين يمرون بلا حكم رادع؟ من ترك من سرق ملايين طيران الخليج والبا ليهربوا . اين هو الطبيب الذي بوصفة خاطئة ارسل المريض الى الاخر؟؟ من من؟؟
الغنى الذي أصابهم بعد فقر هو الذي شرب في شخصياتهم النيابية المقدسة حالة الجشع واللؤم، فكل حركاتهم وسكناتهم ضد هذا الشعب المستضعف المغلوب على أمره.. نعاتب الزمن الذي أفرز لنا هكذا بشر!
من شديه حتى علمائنا في جميع المجالات يقيمون في الغرب الي يكرمهم ويهربون من جحيم بلادهم الي يهينهم ويسجنهم هذا حال العلماء فكيف يكون حال الي ما درس
نغزتك للنواب هي عين العقل
يا أخي انتم من شنو مخلوقين والله حرام عليكم الي قاعدين تسوونه شوفوا مصالح الناس
انه الحقد الدفين
عندما يفضل ذلك النائب او غيره توظيف الأجانب وحتى تجنيسهم عندما وغمض عيناه عن السرقات والفساد ويذهب للحلقة الضعيفة المواطن المتضرر من دعمه للتمييز عندها انتقل لوجه ستراه ذو لحية وتستر بالدين وأخيرا لا يؤمنون بالآخرة أبدا وانما تكفيهم ابتسامة احد أسيادهم فهي مناهم تعسا لهم
الكاسر
سيدنا نحن دائما نتوكل على الله في كل صغيرة وكبيرة املنا في الله وحدة هم ما ذا يريدون لا علينا بهم فهم ( النواب ) دائما وأبدا ضد المواطن حتي في ابسط الأمور والله الحامي و الرازق يسكرون باب نفتح باب
طالما عندهم البشير فليبشر بخير الآخرة أما الدنيا فليغسلوا يدهم منها
احسنت
التكريم منهم و التعذيب من عندنا هو ما يسود ثقافتنا و لا وعينا. ما دمنا بهذه الطريقة في التفكير لا يحصل بتاتا بتاتا بتاتا اي تطوير فني او حضاري في امتنا. مستعد علي المراهنة مع من يخالف ما كتبت.