بدت التهدئة التي أعلنتها واشنطن وموسكو وتعهدت دمشق بالالتزام بها، متماسكة في مدينة حلب في شمال سورية حيث عادت الحركة إلى الشوارع أمس الخميس (5 مايو/ أيار 2016) بعد حوالي أسبوعين على تصعيد عسكري عنيف.
من جانبه، قال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن ضربات جوية على مخيم للنازحين السوريين أسفرت عن مقتل 28 شخصاً بالقرب من الحدود التركية أمس.
وقال المرصد السوري إن نساءً وأطفالاً من بين القتلى وإن عدد القتلى من الضربات الجوية التي استهدفت المخيم بالقرب من مدينة سرمدا سيرتفع على الأرجح.
وتقع سرمدا على بعد نحو 30 كيلومتراً غربي حلب التي ساد فيها هدوء نسبي في أعقاب اتفاق أميركي روسي على وقف الاقتتال في الوقت الذي اشتد فيه القتال في مناطق قريبة، بينما قال الرئيس بشار الأسد إنه لايزال يسعى لتحقيق «انتصار نهائي» على مقاتلي المعارضة في البلاد.
هذا، وندد البيت الأبيض أمس (الخميس) بالضربة الجوية التي أصابت المخيم.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش إيرنست في مؤتمرٍ صحافيٍ يومي: «لا يوجد أي عذر مقبول لتنفيذ ضربة جوية ضد مدنيين أبرياء فروا مرة بالفعل من منازلهم هرباً من العنف».
وأضاف أن «هؤلاء الأفراد في أسوأ وضع يمكن تصوره ولا مبرر للقيام بعمل عسكري يستهدفهم».
ونقلت وسائل إعلام سورية حكومية عن بيان للجيش قوله إنه سيلتزم «بنظام التهدئة» في حلب لمدة 48 ساعة بدءاً من الساعة الواحدة صباح أمس (الخميس) وساد هدوء نسبي في المدينة بعد أسبوعين من القتل والدمار.
وقال مصدر من مقاتلي المعارضة إن تقارير وردت عن قتال عنيف في ريف حلب الجنوبي بالقرب من بلدة خان طومان التي تتمركز فيها جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة قرب معقل لمسلحين.
وقالت قناة «الميادين» والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن القوات الحكومية نفذت غارات جوية على المنطقة وإن مسلحي المعارضة هاجموا مواقع للحكومة حول البلدة.
وقالت وسائل إعلام موالية للمعارضة إن مسلحاً نفذ هجوماً انتحارياً بقنبلة ضد مواقع للحكومة في خان طومان.
وذكرت محطة تلفزيونية تابعة لجماعة حزب الله اللبنانية التي تحارب إلى جانب الأسد أن الجيش استخدم صاروخاً موجهاً لتدمير سيارة ملغومة قبل وصولها لهدفها في تلك المنطقة.
وقال مصدر من المقاتلين والمرصد السوري لحقوق الإنسان إن المعارك استمرت في مناطق أخرى من سورية حيث سيطر تنظيم «داعش» على حقل الشاعر للغاز في شرق سورية أمس (الخميس) في أول نصر ميداني له في بادية تدمر منذ خسارته المدينة الأثرية في مارس/ آذار.
وقالت وكالة أعماق التابعة للتنظيم المتشدد إن مقاتلي «داعش» تمكنوا «من السيطرة على كامل المنطقة ومن ضمنها شركة الغاز التي كان يتحصن بها الجيش... وأسفرت الاشتباكات عن هلاك ما لا يقل عن 30» من القوات السورية على الأقل كما استولوا على كميات كبيرة من الأسلحة من بينها دبابات وصواريخ.
كما ذكرت تقارير أن مقاتلات روسية ضربت مخابئ للمتشددين في بلدة السخنة في بادية تدمر.
إلى ذلك، نقلت وسائل إعلام سورية عن الأسد قوله أمس (الخميس) إن بلاده لن تقبل بأقل من «الانتصار النهائي» على مقاتلي المعارضة في أنحاء البلاد.
وفي برقية إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، شكر فيها موسكو على دعمها العسكري قال الأسد إن الجيش لن يقبل بأقل من «تحقيق الانتصار النهائي» و «دحر هذا العدوان».
وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن شخصاً واحداً على الأقل لقي حتفه في قصف شنته المعارضة خلال الليل على حي الميدان بالجزء الذي تسيطر عليه الحكومة من المدينة.
وقالت وسائل إعلام رسمية إن عشرين صاروخاً سقطت على مناطق تسيطر عليها الحكومة من حلب أمس (الخميس).
وقال ساكن في الجزء الشرقي من المدينة الذي تسيطر عليه المعارضة إنه رغم أن الطائرات الحربية حلقت خلال الليل فلم تحدث غارات مكثفة كالتي وقعت على مدى أكثر من عشرة أيام من القصف الجوي العنيف.
وقالت وزارة الخارجية السورية في ردها على القتال أمس: «جريمة انتهاك التهدئة في حلب تكشف بما لا يدع مجالاً للشك الوجه الحقيقي للجماعات الإرهابية المسلحة التي لا تريد لحلب سوى الدماء والنار (...)».
من جهته، أكد وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أمس (الخميس) أن بشار الأسد سيرحل عن سورية سواء بالعمل السياسي أو العسكري.
وقال الجبير خلال مؤتمر صحافي عقده برفقة نظيره النرويجي إن اتفاق وقف الأعمال العدائية الذي تبناه مجلس الأمن لم يتقيد به نظام الأسد، وقام بدلاً من ذلك بقصف المستشفيات والمدنيين، ما يثبت عدم التزامه وسعيه لاستفزاز المعارضة، وهو ما تعتبره السعودية والمجتمع الدولي عملاً إجرامياً.
وأضاف وزير الخارجية السعودي أنه لابد من التقيد بوقف إطلاق النار للسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى حلب ثم يأتي بعد ذلك دور العملية السياسية التي ستؤدي إلى حكومة انتقالية من دون الأسد، مؤكداً أن الأسد سيرحل في نهاية المطاف وستكون هناك سورية ديمقراطية من دونه، متسائلاً إن كان ذلك «سيتم عبر عملية سياسية كما نأمل أم سيكون بعمل عسكري فهذا ما لا يمكننا تحديده في الوقت الراهن».
من جانب آخر، قالت مصادر أمنية تركية أمس (الخميس) إن تنظيم «داعش» أطلق خمسة صواريخ من الأراضي السورية أصابت بلدة كلس الحدودية مما أسفر عن مقتل شخص وإصابة ثمانية آخرين.
هذا، وقتل عشرة مدنيين وأصيب 40 آخرون بجروح أمس (الخميس) في تفجيرين استهدفا بلدة المخرم الفوقاني في محافظة حمص في وسط سورية، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.
وقال مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن إن «التفجيرين، أحدهما بسيارة مفخخة والثاني انتحاري، أسفرا عن مقتل عشرة مدنيين على الأقل وإصابة 40 آخرين بجروح» في بلدة المخرم الفوقاني على بعد نحو 30 كيلومتراً إلى الشرق من مدينة حمص.
العدد 4990 - الخميس 05 مايو 2016م الموافق 28 رجب 1437هـ