أكدَّ عضو هيئة التدريس في كلية الحقوق بجامعة البحرين المستشار القانوني للمجلس الأعلى للمرأة محمد وليد المصري أن المرأة البحرينية باتت اليوم وأكثر من أي وقت مضى قادرة على الإمساك بزمام الأمور وفي الدفاع عن حقوقها والوصول إلى سبل الانتصاف والعدالة في ظل منظومة تشريعية نوعية ترتقي إلى مستوى تطلعاتها وآمالها، وفي ظل ثقافة مؤسسية تتنامى يوماً بعد يوم لتتواكب مع تشريع يهدف إلى تحقيق الاستقرار الأسري والحفاظ على مكتسبات المرأة وإنجازاتها.
ورأى في ورقة علمية طرحها أمس في ثاني أيام الملتقى الحقوقي الثاني بالجامعة أن المرأة البحرينية وصلت إلى مرحلة متقدمة في التمكين السياسي والاقتصادي والقانوني. وذكر أن المراسيم بقوانين التي صدرت مؤخراً في مجال الأسرة تواكب أحدث النظريات والمعايير المعمول بها في مجال القضاء الأسري والمنازعات الأسرية.
وبحث الملتقى، الذي يقام في نسخته الخامسة، اليوم الأربعاء (4 مايو/ أيار 2016)، بعنوان "المرأة والشباب في ظل القانون" محورين: المراسيم النوعية ذات العلاقة بالمرأة والأسرة، وقراءة في أهم التشريعات ذات العلاقة.
وتحدث المصري في الجلسة الأولى التي أدارها رئيس قسم القانون الخاص في كلية الحقوق بالجامعة محمد العنزي عن المرسوم المتعلق بإلزامية اللجوء إلى مكتب التوفيق الأسري، وتعديل بعض أحكام قانون محكمة التمييز الذي قضى بالسماح بالطعن في الأحكام الشرعية أمام محكمة التمييز.
وقال: "إن إلزامية الإحالة إلى مكتب التوفيق الأسري يهدف بشكل أساسي إلى حل المنازعات الأسرية بطريق الصلح أو التسوية في القضايا التي يجوز فيها الصلح"، مشيراً إلى أن "ذلك يجنب الزوجين عناء اللجوء إلى المحكمة والتقاضي لفترة طويلة، ويجنبهم مشكلات التنفيذ، ويوفر على المحاكم عدداً كبيراً من القضايا".
ونبه إلى أن المشرع البحريني حدد مدة 10 أيام لإنهاء التسوية بمكتب التوفيق الأسري بدءاً من تاريخ تقديم الطلب، ويمكن أن تمدد 10 أيام أخرى بناءً على طلب الأطراف. وفي حال غياب أحد الأطراف عن جلسة التسوية تمنح له مدة يومين، فإذا لم يحضر للمرة الثانية اعتبر رافضاً للتسوية، فيحيل المكتب الملف للمحكمة الشرعية للفصل بالدعوى.
ولفت المصري إلى أن القانون ألزم الطرفين باللجوء إلى مكتب التوفيق الأسري، لكنه لم يجبرهما على قبول الصلح أو التسوية.
وأشار إلى أن من بين مزايا مكتب التوفيق الأسري الصلاحية التي منحت له في حال الاتفاق والتسوية، إذ يستطيع المكتب منح محضر الصلح أو التسوية المبرم بين الأطراف والموقع من قبلهم الصفة التنفيذية ليصار إلى تنفيذه مباشرة من دون إحالة الملف إلى المحكمة الشرعية.
كما أشار إلى أن من بين خصائص مكتب التوفيق أن القضايا تبحث بسرية تامة، وبحيادية، وفي وقت قصير، فضلاً عن ذلك فإنه مدعم بأخصائيين قانونيين ونفسيين واجتماعيين لكل منهم دوره وأهميته في حل النزاع الأسري.
وعن معدل الإنجاز في المكتب وانسياب العمل، أوضح أن التجربة مشجعة بحسب الأرقام المعلنة حيث تشير إلى أن المكتب أنجز نسبة مرتفعة من القضايا التي وصلت إليه في المرحلة السابقة، مشيراً في الوقت ذاته إلى التصاعد المستمر في عدد الحالات الواردة إلى المكتب وضرورة اتخاذ ما يلزم لضمان استمرارية العمل في المكتب من حيث النوعية والكمية على السواء.
ورداً على بعض التساؤلات، أكد المستشار القانوني للمجلس الأعلى للمرأة أن نسبة الطلاق في البحرين في انخفاض مستمر، وهي أقل النسب مقارنة بدول الخليج العربية، وأن علينا أن نعطي بعض الوقت لتجربة التوفيق الأسري الرائدة وعدم الاستسلام أمام بعض العثرات.
وتكلم محمد وليد المصري عن المرسوم بقانون بتعديل بعض أحكام قانون محكمة التمييز الذي سمح بالطعن بالأحكام الشرعية أمام محكمة التمييز والذي يعد انجازاً تشريعياً في غاية الأهمية لأنه ضمن فرض رقابة هذه المحكمة على حسن وصحة تطبيق قانون أحكام الآسرة وقانون الإجراءات أمام المحاكم الشرعية.
وفي الجلسة الثاني التي أدارها الإعلامي حسين علي بحث المشاركون قانون أحكام الأسرة وقانون الجنسية حيث استضافت الجلسة رئيس المحكمة الكبرى الشرعية القاضي حمد الفضل الدوسري، ورئيس الدعم القانوني والأسري في الاتحاد النسائي البحريني المحامية شهزلان خميس، والمحامية في دولة الكويت مريم المؤمن، وعضو هيئة التدريس في قسم القانون الخاص وفاء جناحي.
وأكد رئيس المحكمة الكبرى الشرعية القاضي حمد الفضل الدوسري أن الإسلام عنصر قوة للمرأة، فهو الذي عزّها وكرّمها تبعاً لما ورد في القرآن الكريم، مشيراً إلى أن القضاء امتداد للتعاليم الإسلامية.
وقال: "توسعت المحاكم ووضعت وقسمت القوانين لتنظيم عملية الخلاف الأسري داخل المذاهب الأربعة فقانون أحكام الأسرة ابتدأ في مواده، فلا يتم تعديله أو تبديله إلا بوجود لجنة أعضاء من القضاة، علماً بأنه وضع بما يتوافق مع المصلحة العامة".
وتابع "للأسف فإن بعض الناس بدأت تسرف في التقاضي واللجوء إلى المحاكم بكثافة في ظل وجود هذا القانون ولو قارنا بفترات خلت سنرى فرقاً شاسعاً".
من ناحيتها، أكدت رئيس الدعم القانوني والأسري في الاتحاد النسائي البحريني المحامية شهزلان خميس أن صدور الشق السني في قانون أحكام الأسرة لم يمنع التقديرات الشخصية للقضاء فلايزال القانون بحاجة إلى المزيد من التطوير.
ورداً على سؤال بشأن صدور الشق الجعفري واللغط بشأنه قالت شهزلان: "إن كل مسألة ترتبط بالمرأة دائماً يليها جدل ومعارضة، ولاشك في أن صدور قانون مسطور من شأنه أن يضع الأمور في نصابها وأن يقلل الجهد والعبء على القضاة".
من جهتها، نوهت المهتمة بالقضايا المتعلقة بأحكام الأسرة في دولة الكويت؛ المحامية مريم المؤمن، إلى أن تطبيق القانون المتعلق بأحكام الأسرة جديد في الكويت إذ جرى العمل بتنفيذه منذ شهر فقط.