اتّهم رئيس مجلس إدارة جمعية الفنيين البحرينية، علي المالكي، جهات حكومية بصد الأبواب أمام الجمعية، وعدم التعاون معها من أجل استمرار عمل الجمعية، معبّراً عن خشيته من استمرار وضع العقبات أمامهم، وهو ما سيؤدي إلى غزوٍ أجنبي لمهنة «فني» التي تعد من أهم المهن في القطاعين العام والخاص.
المالكي، وبلغة متشائمة ويائسة، تحدث، في لقاء مع «الوسط»، عن الجهود التي بذلتها الجمعية قبل تأسيسها رسميّاً في العام 1992، في تنمية مهارات الفنيين البحرينيين، وفي الدورات التدريبية الخارجية التي بدأت في العام 1997، وتوقفت في العام 2010، إذ لم تعقد الجمعية أية دورة تدريبية خلال الأعوام الخمسة الماضية، بعد أن كانت تتوج كل عام بإنجاز 7 دورات رفيعة المستوى.
وكشف المالكي عن زيادة إيجار مقر الجمعية، الواقع في منطقة الجفير، وهو ضمن العقارات الحكومية، زاد الإيجار بنسبة 100 في المئة، إذ تطالبهم شركة «إدامة» بدفع مبلغ 2400 سنويّاً نظير إيجار المبنى، بعد أن كانوا يدفعون 1200 دينار، مشيراً إلى أن موازنة الجمعية لا تسمح بدفع هذا المبلغ، ولم تفلح محاولاتهم حتى الآن في إقناع الشركة أو وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، بالإبقاء على مبلغ الإيجار السابق.
وفيما يأتي تفاصيل لقاء «الوسط» مع رئيس مجلس إدارة جمعية الفنيين البحرينية.
أولاً، لنتعرف على تاريخ تأسيس الجمعية؟
- تأسست الجمعية فعليّاً قبل العام 1992، إلا أنها أُشهرت رسميّاً في العام المذكور، وكانت تضم عدداً بسيطاً من الأعضاء، واجتماعاتنا كنا نعقدها في بيتي، وواجهنا بعض التحديات قبل التأسيس، إلا أننا تجاوزناها، وبعد الإشهار رسميّاً، قمنا بزيارات للأمير الراحل سمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة، ورئيس الوزراء صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، وعاهل البلاد جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عندما كان وليّاً للعهد آنذاك.
وفي زيارتنا لسمو الأمير الراحل، قدم لنا دعماً ماديّاً كان بذرة انطلاق أعمال الجمعية، وكان المبلغ المقدم لنا 10 آلاف دينار، تمكننا من البدء في مشاريع للجمعية، وإقامة الدورات وورش العمل للفنيين في البحرين.
كيف انطلقت الدورات التدريبية وورش العمل؟
- بدأنا بإقامة دورات مصغرة في الجمعية للأعضاء والمنتسبين وغير المنتسبين لها، حتى نشجع الفنيين، ونكسب حضورهم وعضويتهم في الجمعية، إلى جانب إبراز قدرتنا على إقامة الدورات، وخلال ذلك زرنا عدداً من الشركات الكبرى، من بينها شركة نفط البحرين «بابكو» وشركة ألمنيوم البحرين «ألبا»، لنعرفهم بقدرات الجمعية في تقديم الدورات التي تسهم في تطوير مهارات الفنيين العاملين في الشركات.
من تقصد بالفنيين؟
- الفنيون هم الأشخاص الذين حصلوا على شهادة الدبلوم من جامعة البحرين أو ما يعادلها من جامعات أخرى، أو معهد، ويطلق عليهم في وظائف مسمى «فني»، وهو ليس موظفاً عاديّاً كبقية الموظفين، غير أنه لا يمتاز بأية امتيازات مختلفة عن الموظف، ولا يملك أية صلاحيات.
هل هناك اهتمام بهذه الفئة من البحرينيين، سواءً أكانوا في القطاع العام أم الخاص؟
- للأسف، لا يوجد اهتمام بالفنيين في الخليج بشكل عام، وليس في البحرين فقط، بينما نجد الاهتمام بهم كبيراً في الدول الغربية، فلهم مكانتهم، ويُحترمون.
هل تعتقد أن هناك نظرة دونية لوظيفة الفني؟
- هذا ما تنظر إليه الجهات الرسمية، على رغم أن أهمية الفني في أية جهة. ونحن في الجمعية نرفض ضم أي فني لا يمتلك شهادة الدبلوم.
ما هي المعوقات التي يواجهها الفنيون في أعمالهم؟
- هناك عدة معوقات يواجهها الفني، منها أنه لا يمتاز بالصلاحية الكاملة في العمل، ولا يحصل على اهتمام الحكومة، ذلك إلى جانب عدم وجود كادر خاص للفنيين على رغم عددهم الكبير.
ما الذي دفعك لتأسيس جمعية للفنيين البحرينيين؟
- كنت أعمل فنيّاً في هيئة الكهرباء والماء، ووجدت أن هذه الفئة من الموظفين لا يحصلون على حقوقهم كاملة، ولا يُنصفون، ويتلقون أوامر من مسئوليهم ويقومون بها على أكمل وجه، في حين أن المسئولين لا يعرفون القيام بالعمل الذي يقوم به الفني، ولذلك أسست جمعية لأرفع الوعي بأهمية الفنيين، وتقيم دورات لتطوير مهارات الفني.
كم يبلغ عدد أعضاء جمعية الفنيين البحرينية؟
- لا يمكنني تحديد عدد الأعضاء؛ لأنه قليل، وهذا يعود إلى الفنيين الذين رأوا أن الجمعية لا تقوم بدورها المفروض منها، بسبب عدم تعاون الجهات الحكومية، فعندما يأتي إلينا الفنيون لتسجيل العضوية يوردون سؤالاً واحداً: ما الذي ستقدمونه لنا.
ونحن نرى أن الجمعية يجب إعطاؤها مسئولية أكبر، تصل إلى تحديد الوظائف للفنيين الخريجين من الجامعات أو المعاهد، وخصوصاً مع وجود فنيين يعملون في مجالات بعيدة عن المهنة التي يجب عليهم العمل فيها، فهم يعزفون بسبب عدم اهتمام الحكومة بهم، وفي المقابل الاهتمام بالأجانب، الذين يحصلون على السكن وتذاكر السفر والحوافز.
كم تقدر عدد الفنيين في البحرين؟
- العدد كبير جدّاً، وقد يتجاوز 10 آلاف فني، في القطاعين العام والخاص، وعلى رغم هذا العدد، لا يحصلون على الاهتمام المطلوب من قبل الجهات الرسمية.
إذن، ما هي المعوقات التي تواجهونها في عملكم بالجمعية؟
- هناك معوقات كثيرة، وخصوصاً من وزارة العمل والتنمية الاجتماعية، فنحن لا نحظى باهتمام منها، وحاولنا الوصول إلى مسئوليها لكن دون جدوى، والوزارة تعاقب عليها 3 وزراء، ووجهنا إليهم خطابات وطلبات للجلوس معنا، لم نحصل على رد منهم.
ما هي مشكلتكم في مقر الجمعية، وخصوصاً بعد أن ذكر وزير المالية أن إيجار المبنى 1200 دينار سنويّاً.
- مشكلة المبنى تتمثل في أن شركة «إدامة» رفعت قيمة الإيجار بنسبة 100 في المئة، فبعد أن كان الإيجار 100 دينار شهريّاً، أصبح الآن 200 دينار، ونحن في ظل الظروف المادية التي تعيشها الجمعية، لا يمكننا دفع هذا المبلغ، وموازنتنا ضعيفة جدّاً، والقيود المفروضة علينا في عمل الدورات تسببت في انخفض إيرادات الجمعية، وحاليّاً لا نمتلك سوى 6 آلاف دينار في البنك.
وأريد التوضيح أننا كنا ندفع إيجاراً لا يتجاوز 600 دينار في السنة، وارتفع إلى 1200 دينار، والآن يريدون منا دفع 2400 دينار، وهو أمر مخالف لأنظمة وقوانين العقارات في البحرين. ووجهنا خطاباً إلى وزير المالية، لكن دون جدوى. وأؤكد أننا على مدى الأعوام الماضية، ومنذ تأسيس الجمعية، التزمنا بدفع إيجارات المبنى، وتوقفنا عندما رفعت قيمة الإيجار، وهناك خطابات موجهة من شركة إدامة تطالبنا بدفع مبالغ الإيجارات المتأخرة. وأشير أيضاً إلى أن المبنى يحتاج إلى صيانة، فبعض جدرانه متصدعة.
لنتحدث عن الدورات التي كانت تقيمها الجمعية منذ تأسيسها وحتى الآن، متى بدأتم إقامة الدورات؟
- بدأنا الدورات الخارجية في العام 1997، وسبقتها دورات داخل مقر الجمعية عن الكهرباء وعن الضغط العالي، وعن التناطح العكسي، وكيفية التعامل مع الطوارئ في المنازل، والهاتف العمومي، ودورة خاصة للمكفوفين عن الكهرباء، وكيفية تنظيف المكيف وصيانة سخانات المياه، والأفران، ودورات في صيانة السيارات بشكل عام، وغيرها.
وفي العام 1997 أقمنا دورات على مستوى أعلى، وكنا نستقطب خبراء ومتحدثين من داخل وخارج البحرين، وتجاوزت عناوين الدورات التي أقمناها 25 عنواناً، وكان يصل عدد الدورات في العام الواحد إلى 7 دورات، ونحرص على إقامتها في فنادق راقية، من أجل تحفيز الفنيين للحضور والمشاركة، والاستفادة من هذه الدورات.
استمر عقد الدورات حتى العام 2010، وبعدها توقف، وتوقفت أعمال وأنشطة الجمعية، وطوال 5 الأعوام الماضية لم تعقد اجتماعات مجلس الإدارة بشكل منتظم، وعاد الوضع في تحسن خلال الأشهر القليلة الماضية، وعادت اجتماعات مجلس الإدارة.
هل تعني أن سجل دوراتكم التدريبية يساوي صفراً خلال 5 أعوام؟
- نعم، لم نعقد أية دورة خلال 5 أعوام، فوزارة التنمية الاجتماعية (سابقاً) ترفض السماح لنا عقد دورات بحجة عدم وجود مكان خاص بالجمعية، في حين أننا نقيمها في فنادق، وهو الحال نفسه بالنسبة للشركات الكبرى. ونحن نسعى إلى إقامة الدورات، إلا أن الجهات الرسمية توصد أبوابها أمامنا، ولا تحاول الجلوس معنا والسماع لمشكلاتنا.
هل أنت متفائل بعودة نشاط الجمعية كما كان سابقاً؟
- لسنا متفائلين بعودة الدورات؛ لأن الجهات الحكومية ترفض التعاون معنا.
ألا تخشون من عزوف البحرينيين عن مهنة الفن؟
- بالتأكيد، نحن نرى أن هذه المهنة ستزول، وخصوصاً في ظل تزايد عدد الأجانب، فنحن نخشى من غزو الأجانب لهذه المهنة، في حين يجب أن يبقى البحريني متصدراً لمهنة الفني؛ لأن الأجنبي لن يهتم بوظيفته كالبحريني. ونحن نتطلع إلى الاهتمام الرسمي بالبحرينيين؛ لأن الفني يعتبر عالميّاً هو الشخص الوحيد المؤهل للعمل الإداري والفني في آن واحد، فهو يعمل بيده وعقله.
ألا يوجد بصيص أمل في عودة نشاط الجمعية؟
- أنا أشك في ذلك، ولذلك قدمنا مقترحاً لمجلس النواب بشأن إنشاء كادر الفنيين، وهو ليس بالأمر الجديد، فالفكرة تعود إلى مجلس النواب في العام 2006، وكانت هناك اجتهادات من بعض النواب لتحريك الملف، لكن دون جدوى، وأعدت المقترح مرة الآخر لمجلس النواب الحالي.
متى الوعد المقرر لانتخابات مجلس إدارة الجمعية؟
- الانتخابات المقبلة نهاية العام الجاري (2016).
هل سترشح نفسك لرئاسة الجمعية مرة أخرة؟
- للأسف، لا يوجد شخص يتقدم للرئاسة، ولأنني لا أريد للجمعية أن تسقط أتحمل هذه المسئولية، وأتقدم للترشح لرئاسة الجمعية. وأتمنى أن يأتي أحد غيري ويحمل هذه المسئولية؛ لأنني كبرت ولم تعد لدي القدرة على رئاسة الجمعية. وللأسف أيضاً حتى مجلس الإدارة الحالي يريد التخلي عن الجمعية، ولكنني أرجو منهم البقاء، ومواصلة العمل؛ لأننا نحن من الجمعيات التي رفضت التحول إلى جمعية سياسية، ولم نتدخل في السياسة، ولا نريد التدخل في السياسة، وهدفنا واحد، هو إفادة الفنيين البحرينيين.
بعد هذا العمل الطويل في الجمعية، ما هي رسالتك إلى الجهات الرسمية والمجتمع والفنيين؟
- رسالتي للفنيين بأن يُعطوا اهتماماً أكبر بالقطاع الفني في البحرين، وحمايته من الغزو الأجنبي، وأريد التأكيد على أن ولد البلد هو الذي سيخدم البلد، والفني البحريني سيعمل بإخلاص واهتمام؛ لأنه يقوم بالعمل لبلده، خلافاً للأجنبي الذي يعمل لجني الأموال.
وأدعو الفنيين إلى المواظبة على عملهم، وبإذن الله سيكون لهم مستقبلاً جيّداً إذا ما نظرت الحكومة إليهم بعين الرأفة.
وأقول للمجتمع، لابد أن ينظر إلى الفني أنه في مستوى عالٍ عالميّاً؛ لأنه يعمل بيده وعقله.
أما للجهات الرسمية، فأقول إن الفنيين هم الأشخاص المهمون في البلد، ويجب الاهتمام بهم، الفني البحريني سيعمل بإخلاصٍ وتفانٍ، أما الأجنبي فسينسى البحرين، ولذلك نأمل دعماً ومساندة واهتماماً بالفنيين والفنيات، الذين يعملون في مختلف الجهات الحكومية، وكذلك الشركات الخاصة.
العدد 4988 - الثلثاء 03 مايو 2016م الموافق 26 رجب 1437هـ