كل إنسان معرض للخطأ ولارتكاب الحماقات، ولا وجود للمعصومين من البشر في يومنا هذا، ولكن يستطيع أي منا أن يكرّس مسألة وجود أخطاء في حياته وكأنه لا يعيش من غيرها أو أن تكون هذه الأخطاء مجرد هفوات عابرة يعرفها وينتبه إليها ويعتذر عنها فيصلحها ويتجاوزها ولا يكررها.
في علاقاتنا مع الآخرين كثيراً ما نرتكب حماقاتٍ وأخطاء تكون في بعض الأحيان سبباً في انكسار من نحب، وسببا في ألم من حولنا، وعيشهم في حالٍ من الحزن والقلق والخوف والشك والخذلان.
أخطاء ننساق وراءها في لحظات ضعف أو تيه أو غرور، لكنها تحتاج إلى وقت كبير كي تصلح ما انكسر بداخل من أخطأنا في حقهم، وقد لا تنفع بعدها أية محاولة لترميم ما هُدِم في هذه العلاقة أو تلك، وخصوصاً حين تكون علاقات صداقة أو محبة أو زواج لا علاقة قرابة ودم، على رغم أنَّنا نعرف أنَّ في مجتمعنا علاقات قرابة آلت إلى التفكك بسبب أخطاء تكررت وكانت عصية على الصفح، فبعض الأشخاص لا يعرفون الاعتذار أبداً، يجادلون كي يثبتوا أن أخطاءهم كانت مبررة، يمعنون في جرح الآخرين حتى بعد اكتشاف أخطائهم، وكأنهم يسعون إلى خراب ودمار هذه العلاقة أو تلك، ثم يتباكون على عدم فهمهم أو عدم اهتمام الآخرين بهم.
بعضهم لهم قدرة خيالية على خلق مزيد من الأخطاء، ومزيد من المواقف الجارحة والكلمات القاسية وكأنهم جبلوا على هذا الفعل، وكلما أعطوا فرصة للتغيير وإعادة وجودهم في حياة من حولهم، عادوا إلى الأمر ذاته ليثبتوا أنهم غير جديرين بالثقة أو بالحصول على فرصة أخرى، وهو ما نجده في واقعنا؛ فكم من علاقة زوجية تفككت، وكم من صداقة انهارت، وكم من معرفة انتهت، والسبب كثرة تكرار الأخطاء ذاتها والتعالي عن الاعتذار وكأنه ذنب أو أمر مخجل.
لكن بعض المخطئين يمعنون في الاعتذار بعد اعترافهم بأخطائهم، يحاولون جاهدين أن يكونوا عند حسن ظن غيرهم، ليعيدوا إليهم الثقة بهم وبالعالم من حولهم، يفعلون المستحيل؛ كي يرضى عنهم الطرف الآخر، ويثبتون حسن نواياهم ورغبتهم في التغيير، فلا يبررون خطأً ولا يجادلون بباطل، لكنهم يتصرفون بما يرضي الآخر حتى يرضى عنه؛ لأنهم يعرفون حجم ما أقدموا عليه من خطأ، وأن هذا الشخص لن يتكرر في حياتهم، وخسرانه يعد خسارة فادحة في حياتهم.
يقول ديل كارنيجي: إن أي شخص يمكنه أن يحاول الدفاع عن أخطائه - وهو ما يفعله الكثيرون - ولكن ما يضيف إلى قيمة الشخص ويعطيه شعورا بالنبل والبهجة أن يعترف بأخطائه، وهو ما يحدث عند من يرغب بالفعل في تغيير نفسه والمحافظة على علاقته بغيره.
والأهم من هذا ألا يلقى من اعتذر الصدَّ الذي تطول مدته ويطول عقابه، بل أن يقابل بالتسامح والغفران؛ كي لا يعود إلى ما فعله؛ لأنه لم يجد من يحتويه. يقول الإمام الشافعي: «وعاشرْ بمعروفٍ وسامحْ من اعتدى …ودافعْ ولكن بالتي هي أَحْسَنُ».
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4984 - الجمعة 29 أبريل 2016م الموافق 22 رجب 1437هـ
المنافق كل يوم يخطىْ ويعتذر والمؤمن لا يخطىْ ولا يعتذر
مع السلامة اخت سوسن نورتينا
المؤمن لا يخطيئ ولا يعتذر ؟؟؟
أي مؤمن اللي تتكلم عنه حضرتك ؟
في مؤمن لا يخطيئ ولا يعتذر !!!
أخشي أن يكون إختلط عليك الأمر وأصبحت تقّدس نفسك ؟
من هم خير الخطّائين التوابون إذاً ؟
( لوجدوا الله تواباً رحيما ) ومن هم هؤلاء الذين يتوب الله عليهم ؟
وما معني توّاب ؟
أحسنتي أختِ
مقال جداً ممتاز