وجهت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو) نداء عاجلاً لجمع المال لمساعدة المزارعين في أثيوبيا على زرع حقولهم والحؤول دون استفحال الجوع وانعدام الأمن الغذائي في المناطق التي أصابها القحط والجفاف، قبل ستة أسابيع فقط من بدء الموسم الزراعي الرئيسي في ذلك البلد.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة اليوم الجمعة (29 أبريل/ نيسان 2016) إنه إذا لم يتم تسليم البذور في الوقت المناسب، فإنّ المساعدات قد تصل بعد فوات الأوان ولن تسهم في ضمان حصاد كافٍ والاستفادة من موسم مهر الوشيك الذي تنتج البلاد خلاله 85% من محاصيلها الغذائية.
ورغم استفحال انعدام الأمن الغذائي في البلاد، لا تزال الاستجابة لتوفير الموارد المالية لمواجهة الأزمة مخيبةً للآمال، إذ لم تتم تغطية سوى 15% من حجم نداء 2016 الذي وجهته منظمة الفاو من أجل إثيوبيا.
وقال أمادو ألاهوري ديالو، ممثل منظمة الفاو في إثيوبيا "إن موسم مهر سيكون حاسماً لتحسين الأمن الغذائي والاكتفاء الذاتي للعائلات في العام 2016. وينبغي أن يمثل توزيع البذور وتمكين المزارعين من زراعة المحاصيل وإنتاج الغذاء واحدة من أولويات الإغاثة الإنسانية." وأضاف أن تقليل الاعتماد على برامج الإغاثة الخارجية سوف يقلل من تكاليف المساعدات الغذائية.
وتحتاج الفاو إلى نحو 10 ملايين دولار خلال الأسبوعين المقبلين لتوزيع البذور على العائلات الإثيوبية المعرضة لخطر الجوع وفقدان سبل عيشها. ويعاني نحو 10,2 ملايين شخص في إثيوبيا من انعدام الأمن الغذائي بعد البوار المتعاقب للمحاصيل، ونفوق الماشية على نطاق واسع بسبب الجفاف الناجم عن ظاهرة النينيو المناخية منذ أوائل العام 2015. كما ينذر تأخر وعدم انتظام الأمطار الربيعية هذا العام بمفاقمة الوضع في المناطق الأكثر تضرراً، ولا سيما في الشمال.
وقد خصصت الحكومة الأثيوبية بالفعل موارد كبيرة لمواجهة ظاهرة النينيو، وهي تعمل بشكل وثيق مع منظمة الفاو لتعزيز الجهود المشتركة.
مناطق محرومة
تعاني اليوم ثلث مناطق أثيوبيا بمجملها تقريباً – حوالي 224 منطقة- من انعدام الأمن الغذائي، وهذه النسبة أعلى بنحو 20% عما كانت عليه قبل ثلاثة أشهر فقط.
وتشير التقديرات الأخيرة للمكتب الإثيوبي للزراعة إلى أن نحو 1,7 مليون من عائلات المزارعين تعاني من نقص البذور، وهذا يعني أنها لا تملك العناصر الضرورية لزراعة المحاصيل في موسم مهر الذي يبدأ في وقت مبكّر من منتصف حزيران/يونيو بالنسبة لبعض المحاصيل، مع استمرار موسم الزراعة حتى شهر آب/أغسطس بالنسبة للبعض الآخر.
ولا يتلقى أكثر من 90% من المناطق في الوقت الراهن أي شكل من أشكال الدعم الطارئ بالبذور أو أنها غير مشمولة بما فيه الكفاية، وفقاً لقائد فريق الاستجابة السريعة لدى الفاو بيير فوتييه. وقال فوتييه "هذه المناطق المنسية هي التي تستهدفها الفاو -- ولكن مع غياب الدعم المالي الفوري ستفقد حوالي 150 ألف أسرة الفرصة المثلى لزراعة المحاصيل التي يمكنها الاعتماد عليها على مدار السنة".
استفاد احتياطيات البذور
لقد استنفدت الكثير من العائلات الإثيوبية احتياطيات البذور إلى حد كبير بعد بوار المحاصيل وإعادة الزرع في العام 2015، في حين اضطرت العائلات في معظم المناطق الأكثر تضرراً إلى استهلاك البذور كغذاء.
وانخفض دخل المزارعين وتراجعت قدرتهم الشرائية نتيجةً لضعف موسم الحصاد في العام 2015، الأمر الذي حدّ من قدرتهم على شراء البذور والمدخلات التي يحتاجونها لإنتاج المحاصيل الأساسية مثل الذُّرة والذرة الرفيعة والتف والقمح والنباتات الجذرية.
ونظراً لعدم انتظام أمطار الربيع في البداية وتأخرها، فقد تعذّر كذلك على المزارعين الذين يملكون بذوراً زراعة ما يكفي لسد احتياجات أسرهم المعيشية، لا سيما في الشمال.
وفي حال كان موسم مهر جيداً فإنه يحسّن توفر الغذاء على الصعيد الوطني، ويعزز من فرص الحصول على الغذاء ويحدّ من الاعتماد على المساعدات الإنسانية الخارجية على المدى المتوسط.
خطة الفاو للاستجابة لظاهرة النينيو
وزعت منظمة الفاو بالتعاون مع الحكومة و الشركاء هذه السنة بالفعل البذور ومستلزمات زراعة الذرة والبطاطا الحلوة والبطاطس الإيرلندية والخضراوات في بعض المناطق الأكثر تضرراً، وتستمر في دعم رعاة الماشية من خلال توزيع العلف الضروري للإبقاء على الحياة الحيوانية. وتساعد المنظمة أيضاً المزارعين على إنتاج الأعلاف وتحسين فرص الحصول على المياه لسقاية المواشي. وقد استفادت القطعان في جميع أنحاء البلاد أيضاً من حملات التطعيم والعلاج لمعالجة حالة الضعف التي تجعلها عرضة بصورة متزايدة للإصابة بالمرض نتيجة للجفاف.
وقال أمادو ألاهوري ديالو "إن الفشل في تقديم مساعدات البذور الآن سوف يعني بشكل شبه مؤكد بوار موسم مهر بالنسبة للفئات الأكثر ضعفاً، مع عواقب وخيمة على الأمن الغذائي. فإذا أردنا أن نحدث فرقاً، يجب أن تصل الأموال الآن".