العدد 4981 - الثلثاء 26 أبريل 2016م الموافق 19 رجب 1437هـ

جيهان تواجه الشلل بالحب والإبتكار

نظن دائماً أن المريض يضعف أمام العلل فجسمه مرهق بأثقال الآلام، وفكره مشغول بأوجاع الجسد، وحياته مرهونة بمتابعة العلاج. الظن أو ما نعتقده حيال هذا المريض أو ذاك ما هو إلا ضرب من الأوهام تبددها الحقائق والأشخاص الذين يعيشون بيننا.

جيهان الفتاة الموهوبة ذات الـ 17 ربيعاً تجلي سحب الأوهام بمجرد النظر إليها فرغم إصابتها بشلل دماغي ونمونيا الرئة (التهاب رئوي) إلا أنها ترسم، وتطبخ وتحب تحضير الكعك، وتعزف على الجيتار أيضاً، مواهبها لاتتوقف هنا فهي ماهرة في استخدام الحاسوب والأجهزة الذكية، وتجيد اللغة الإنكلينزية وشيئاً من الفلبينية والإندونيسية.

مواجهة المرض ومضاعفاته أمر متعب مهما كانت مقاومة الفرد، لكن مع جيهان المسألة تختلف فقد جمعت بين قوة الإرادة وبين قوة مساندة لا مثيل لها أكبر من أن تقاس أو أن تتصورها. الأمومة هي القوة غير المحدودة التي تساعدها هي وأمها على المجابهة بسلاحي الحب والإبتكار.

أم جيهان جندت نفسها منذ اللحظات الأولى لمساعدة ابنتها والأخذ بيدها، وقالت: «جيهان ابنتي الثالثة وآخر العنقود، تعاني من شلل دماغي منذ ولادتها بسبب عدم وصول الأوكسجين لها بشكل كافٍ فماتت بعض خلايا المخ، وأُصيبت بـ «نمونيا الرئة» في عام 2009».

وبيّنت أن تسلُحَها بالمعرفة مَكَّنها من التعامل بشكل جيد مع حالتها، إضافة للتجاوب الكبير لخدمات الرعاية الصحية التي يقدمها الأطباء والممرضات والفريق الطبي في كل من مجمع السلمانية الطبي والمستشفى العسكري.

أم جيهان تبتكر

اخترعت أم جيهان الكثير من الأشياء التي تناسب حالة ابنتها فقدمت مخططاتها للنجارين لصنع الأثاث المناسب، وكذلك ورش الحدادة، ومع كهربائيي السيارات لتزويدها بمصدر طاقة لجهاز التنفس لتصبح سيارتها مجهزة لنقل جيهان لأي مكان.

الإبتكارات والاختراعات لم تظل في البيت بل تبرعت بها أم جيهان لمن يحتاج إليها بعد أن انتهت حاجة جيهان لها.

وأكدت رفضها لفكرة تقييد حركة جيهان، قائلة: «احرص على الترويح عن جيهان في جولات خارج المنزل وفي سبيل ذلك هيأت السيارة وجهزتها بمحول كهربائي لشحن جهاز التنفس إذا نفذت بطاريته».

17 سنة لم تنفصل الأم عن ابنتها لدرجة أنهما تتواصلان عبر برامج التواصل الاجتماعي إذا كانت الأم في الخارج لجلب الأدوية والمعدات الطبية لجيهان.

العزم و الإصرار واضحين جداً في لهجة أم جيهان وهي تتحدث للوسط الطبي عن رعايتها لجيهان في المنزل. فكشفت عن مقدرة كبيرة في التعامل مع الأجهزة الطبية التي تحتاج إلى تغيير شهرياً من قبيل قطعة «التركستويومي» التي تركب في بلعوم البنت لمساعدتها على التنفس و»الأنجي تي» وتعقيمهما.

وأشارت إلى مواجهتها لصعوبات في الحصول على القطعتين لأن المسؤولين في المستشفى يترددون في إعطاءها لخشيتهم من عدم إجادتها لتركيبهما، وهو أمر قد اتقنته لكثرة الممارسة.

العلاج الطبيعي اليومي والمكثف لحالة جيهان كان عقبة أخرى تخطتها مع أمها، فقد وفرت على نفقتها جلسات لمدة عام، خصوصاً أنها خضعت لعملية في الظهر.

الأم المعلمة

من الواضح أن الأم وابنتها تخطتا الكثير من العقبات، لكن أم جيهان تتألم لآلام ابنتها وتتمنى أن تحصل على منحة علاج في الخارج لتتخلص من الألم الذي لا تجدي الأدوية المسكنة معه نفعاً. وتتمنى أن توفر الحكومة خدمات تعليمية منزلية لتدريس الأطفال المصابين بحالات شبيهة لحالة جيهان، فقد اقعدها الألم والوضع الصحي عن المؤسسات التعليمية منذ العام 2009.

ولكن الأم القوية واصلت تدريس ابنتها سريعة التعلم فأجادت اللغة الإنكلينزية وشيئا من الفلبينية والإندونيسية، ونمّت مواهب الرسم والعزف، والطبخ. ومدت جسورالتواصل مع مجموعة من الأمهات اللاتي يتشاركن ذات الهم في جماعة دعم شكلت أول لبناتها في مجموعة على برنامج التواصل «واتس آب» للاستفادة من الخبرات الموجودة لدى الجميع.

وعبّرت عن سعادتها لمساعدة الأخريات ومدّهن بالمعرفة والخبرة اللازمة في التعامل مع أولادهن المرضى. وكشفت عن سعي وأمل في تحويل الجماعة لجمعية أهلية تُعنى بالأمراض النادرة، مطالبة الجهات المختصة بمساعدتهن في التعجيل بتأسيس المؤسسة التي تهتم بالأطفال المصابين بالأمراض النادرة.

العدد 4981 - الثلثاء 26 أبريل 2016م الموافق 19 رجب 1437هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً