أتساءل دائما عند حدوث أي تطور مبهر في الصناعة الحديثة، هل هناك جانب آخر من هذا الإنبهار ولكن بصورة عكسية تماما كما يحدث في ثورة البلاستيك العظيمة التي غزت كل مكان حتى في منازلنا وفي أبسط تفاصيل حياتنا؟ أتساءل دائما عند شرب كوباً من الماء، هل من المعقول أن يتفاعل جدار هذا الكوب البلاستيكي البسيط مع جزيئات الماء مكوناً جزىء جديد ومختلف بنظرة كيميائية بحتة بالطبع؟
يتعدد استخدام البلاستيك في مختلف مجالات الحياة وتحديداً الاستخدام اليومي في المنزل والعمل، فنحن نستخدم الأكواب والأطباق البلاستيكية وقنينات الماء والعلب البلاستيكية لحفظ الطعام والتوابل. وقد يتعجب القارىء أن هذة القطعة البسيطة المفيدة جداً قد تسبب ضررا كبيراً على صحة الإنسان والبيئة. حيث يعتبر البلاستيك من أكثر المواد الصناعية المفضلة في العالم الصناعي ولكنه كما يؤثر على صحة الإنسان فضرره على البيئة أكثر، حيث أنه صعب التحلل بيولوجياً ويحتاج من 100 إلى 1000 سنة حتى يتحلل!
إذ يحتوي البلاستيك على مادة “الديوكسين” الكيميائية السامة والتي تعتبر مادة أولية في صناعة البلاستيك، والتي قد تتحرر نتيجة سوء استخدام الإنسان لهذه العلبة، مثلاً قنينة الماء التي تحتوي على علامة المثلث رقم 1 وتكتب غالبا في قاعدة القنينة ويشير إلى إنه من المستحسن استخدامها مرة واحدة فقط, فمن الأخطاء الشائعة إعادة استخدامها وتعبئة قنينة الماء والبعض يضعها في الفريزر فعند وجود بيئة مناسبة كإنخفاض درجة الحرارة يتفاعل سطح القنينة مع الماء و بذلك يتحرر “الديوكسين” السام مختلطاً مع الماء. ومن الأخطاء الشائعة أيضا تحضير الطعام أو تسخينه في الأطباق البلاستيكية بحيث أن الحرارة العالية والدهون الموجودة في الطعام تسمح للمواد السامة بالتحرر والامتزاج بالطعام. كما وتسبب مادة الديوكسين السرطان أيضاً وخاصة سرطان الثدي وتؤثر كذلك على الجهاز التناسلي لدى الجنسين.
و يشير الرقم المكتوب في المثلث تحت قاعدة أي علبة بلاستيكية إلى مادة معينة والحروف هي اختصار لإسم البلاستيك المرادف للرقم في المثلث. فالرقمان 1 و 2 آمنان و قابلان للتدوير ولا يستخدمان إلا لمرة واحدة فقط. أما الرقم 3 فهو ضار وسام وفي الغالب يستخدم في لعب الأطفال فيجب الحذر من هذا النوع وتفحص ألعاب الأطفال قبل شرائها. رقم 4 يعتبر آمن نسبياً وقابل للتدوير. أما الرقم 5 فهو من أفضل أنواع البلاستيك وأكثرها أماناً حيث يناسب السوائل والطعام الساخن والبارد كما وإنه غير ضار حتى هذة اللحظة. أما البلاستيك رقم 6 فهو خطر وغير آمن وللأسف فهو يستخدم بكثرة في مطاعم الوجبات السريعة لعلب البرغر والبطاطا. الرقم 7 لا يقع تحت تصنيف معين وهو عبارة عن خليط منها ويفضل تجنبه تماما.
ومما يستدعي الانتباه أيضاً رضاعات الأطفال، إذ يحتوي بعضها على مادة (BPA) وهي مادة كيميائية تستخدم لتغليف سطحها من الداخل وقد أثبتت الدراسات على أن هذة المادة مضرة جداً بصحة الطفل. و يفضل أن يكون الآباء أكثر حرصا في اختيار الرضاعات المناسبة التي لا تحتوي على هذة المادة BPA free)) أو استبدالها بالرضاعات الزجاج واختيار حلمة الرضاعة من مادة السيلكون عوضا عن الأنواع المصنوعة من مادة لاتيكس Latex)).
وأخيراً، انطلاقاً من مبدأ “لكل منفعة مضرة”، يجب على الفرد أن يكون واعِ وأن يساهم في نشر ثقافة الوعي في مجتمعه وتحديداً ثقافة استخدام الأداة فيما ينفعه والابتعاد عن ما يضر بصحته واستخدام البدائل المتوفرة قدر الإمكان.
العدد 4981 - الثلثاء 26 أبريل 2016م الموافق 19 رجب 1437هـ