منذ الساعات الأولى للوليد يهفو قلب الوالدين لسماع كلمة ماما أو بابا منه ولا يهم أيهما سبق، الأهم أن يسمعا صوته يناديهما، والأكثر أهمية استعداد الوالدين لتعليم ابنهما على نطقها.

يتسلح الوالدان بخبرات الأجداد والجدات في تعليم وتطوير مهارات الطفل في أرضية يختارونها في الأوقات التي تناسبهما، فهما من يديران عملية التنشئة. وتبدأ عملية ليست بالشاقة وليست سهلة أيضاً بتنمية مدارك الطفل حتى سن الروضة فالمدرسة برعاية الوالدين.

التدرج السالف لا ينطبق على الطفل المتوحد، فهو من يختار الوقت والمكان وطريقة التواصل، وما يزيد العملية صعوبة غموضه فهو لا يعطي أي إشارة لما يناسبه، فقط على الوالدين و الآخرين الاجتهاد في معرفة أفضل طرق التواصل معه.

ويطرح الجميع التساؤل التالي كيف نتواصل معه؟

المختصين بالتوحد يجيبون: العبوا معهم.

ويؤكد المختصون أن اللعب ليس عبثاً، فهو طريقة تعلم، علينا فقط الوقوف مع المتوحد على أرضية مشتركة، ونلعب لنشخص حالته، ونقدم له العلاج.

د. ستانلي جرينسبان صاحب نظرية التعلم على الأرض “Floortime – DIR” -المقصود بها الألعاب التي تمارس على الأرض - وهي أحد نظريات التعلم، يقول أن اللعبة الناجحة يجب أن تهتم بالفروق الفردية لدى المتوحدين، وتطورمهاراتهم، وتخلق حلقة من التواصل بينهم وبين الآخرين وتنميتها.

ويشدد د. جرينسبان المتوفى في 2010 على ضرورة الإنكباب على الأرض للعب مع الطفل سواءاً في المنزل أو المدرسة، ولنجاحها يجب إدراك أن اللعب يجب أن لا تقل مدته عن 20 دقيقة، وأن التفاعلات تحقق أهدافها من قبيل علاج النطق أو العلاج الوظيفي أو أهداف تعليمية أخرى.

وعدّ شرطين آخرين للنجاح وهما اتباع ميول الطفل في اللعب أي أن تلعب معه اللعبة التي يميل إليها، الإنضمام لعالم الطفل بالكامل لإيجاد أرضية مشتركة تستطيع من خلالها جذبهم إليك ومساعدتهم على إتقان كل من القدرات التنموية العاطفية الوظيفية الخاصة بهم.

وحدد ستة أهداف تنميها تقنية اللعب على الأرض عند المتوحد، الأول مهارة الإصغاء، وخلق العلاقة، والتواصل الفعّال، وحل المشاكل، بالطرق المبتكرة، والمنطقية. وقال أنه نجح في استخدامها وفي نقل الأطفال لمرحلة أخرى طور فيها التفكير التأملي وتعريف الطفل بكل جديد.

وأشار جرينسبان إلى أهمية معرفة البيئة المحيطة بالطفل المصاب بالتوحد لتصميم ألعاب تمكنه من الاتصال بها بنجاح.