يعتبر التوحد حالة غامضة، فقد اختلف الأطباء في مسبباته وندر التوصل إلى المسبب الرئيسي الذي يؤدي للإصابة به، حيث تتنوع الأعراض من تأخر في النطق، إلى الإنعزال، وصعوبة التواصل الاجتماعي، و التمسك الحاد بالروتين اليومي.
ولذلك تزداد أهمية الدراسات الطبيبة للتوحد والبحث المتواصل لمعرفة ما يجري داخل الدماغ وطرح العلاجات الواعدة التي بامكانها أن تساعد المصاب بالتوحد على كسر حاجز العزلة واغتنام الفرص التي تطور من حياته وتخلق له مستقبل زاهر.
يثني الدكتور دوجلاس براون، المتخصص في الأعصاب وعلاج العمود الفقاري، على العلاج بالتحفيز المغناطيسي Transcranial Magnetic Stimulation كعلاج واعد يجب متابعته وتطويره، كما صرح في اليوم الأول للمؤتمر الرابع للتوحد في مركز الشيخ عيسى بن ابراهيم المنعقد في أبريل الجاري.
قال براون، إن الطرق الأخرى العلاجية، مثل طريقة ميلر، تحقق نتائج ممتازة وخاصة مع الأطفال الصغار دون الخامسة وهي من الفئات العمرية التي لا يعالجها بشكل يومي.
واستدرك: «لكن الطريقة الواعدة جداً هي التحفيز المغناطيسي الدماغي، والتي أتحمس لها شخصياً. وذلك لأننا كأطباء وبصورة عامة نستطيع التمعن في الجانب الأيضي، وهو من المهارات التي يدرب عليها الغالبية من الأطباء، ونفهمها جميعاً».
وأوضح: «معظمنا لا يستطيع النظر إلى التفاصيل غالباً، ولكن بالإمكان تعلم هذه المهارة بسرعة. كما أن التحفيز المغناطيسي علاج يصعب على معظم الأطباء فهمه، واستخدامه مقتصر على أطباء الأعصاب والعلاج النفسي، ولكنني أؤكد أنها طريقة واعدة بالمقارنة مع غيرها».
والتحفيز المغناطيسي طريقة غير جراحية تستخدم نبضات مغناطيسية لتحفيز الخلايا العصبية الدماغية، ومن خلال وضع أنابيب ممغنطة على جمجمة المريض من الخارج وترسل طاقتها إلى الطبقات الدماغية.
وبدأ العلماء باستخدام هذا العلاج في فترة الثمانينات، ثم تطورت اليوم ليستخدم في علاج حالات الاكتئاب والتوتر، والعلاج ما بعد الاصابة بالجلطة، والآن التوحد. ويهدف التحفيز إلى مساعدة الجزء من الدماغ المعني بفهم مشاعر الآخرين على العمل، ومن ثم كسر الحاجز المتواجد بين المصابين بالتوحد وبين ذويهم.
ويفسر براون التوحد ضمور في الفص الأيمن بالدماغ، والذي يكون ردود فعل نفسية تجاه المؤثرات الخارجية. ولذلك يصعب على المتوحدين فهم مشاعر الآخرين أو تفكيرهم.
أما سونيا ماسترانجلو الأستاذة بجامعة لايكهيد، ومتخصصة في التربية الخاصة والتدخل المبكر، فتحدثت عن أهمية دعم الأهل للطلاب ومشاركتهم العملية التعليمية.
وهي الآن تقوم باجراء بحث عن التوتر وأثرها على المدرسين الذي يدرسون طلاب متوحديين، إلى جانب طرقهم المتنوع في التأقلم مع التوتر.
قالت ماسترانجلو: «نحن نعرف بأن المدرسين عندما يركزون على عملهم باطمئنان ويقظة، يصبحون مستعدون لتدريس 1-4 طلاب في آن واحد». وحذرت من أن توتر حياة المدرسين الشخصية أو داخل الصف، والذي يسبب انكساراً داخلياً يعيق عطاءهم الفعّال.
ولدى ماسترانجلو ابنة شخصت بفرط الحركة ADHD والذي يؤثر على الدراسة بسبب صعوبة التركيز أثناء الحصة وعلى الواجبات. وقد حرصت على تغذيتها الأطعمة العضوية، والتي لا تحتوي على ألوان صناعية أو مضافات، إلى جانب التقليل من تناول السكر الأبيض. وذلك عندما رأت التأثير السلبي للنظام الغذائي المليء بالكربوهيدرات والسكر على ابنتها.
بذلك تطرح من خلال هذا المثال التوجهات العديدة والعوامل المتنوعة التي تؤثر على التربية الخاصة والتي بالإمكان الآباء البحث والاستفسار عنها.
وهذا موضوع يتطرق إليه براون كذلك فيما يتعلق بالتوحد، ويقول بأننا يجب أن نحرص على التغذية الجيدة للدماغ وهذا يشجع على التغذية الجسدية السليمة. وطرح انخفاض فيتامين د على العمل الذهني كمثال على ذلك.
ويقول بروان إنه يحب طريقة المتوحدين المميزة في التفكير و هو لا يطمح الى تغيير شخصياتهم الفريدة، ولكنه يبحث عن وسائل تساعدهم على الاندماج في المجتمع.
حيث أضاف: كل ما أريد فعله هو مساعدتهم على التفتح.
العدد 4981 - الثلثاء 26 أبريل 2016م الموافق 19 رجب 1437هـ