السيد محمود السيد علوي شبر، من جيل روّاد التعليم الأوائل في البحرين. التحق بالدراسة وهو في السادسة، وعاد إلى العمل في مجال التعليم في نهاية الخمسينات، وبقي يتنقل في عددٍ من المدارس، من النويدرات إلى الرفاع، إلى المنامة وجدحفص والبلاد القديم، حيث تخرّج آلاف الطلبة في المدارس التي عمل فيها مدرساً فمديراً لما يقارب أربعين عاماً.
التقته «الوسط» للتعرف على المحطات الرئيسية في حياة هذا المعلم الفاضل.
بدأ الحديث عن الأسرة بقوله: يعود نسبي إلى السيد سلمان القاروني الملقب بقارون المال، وتعود الأسرة إلى السيد إبراهيم المجاب حفيد الإمام الكاظم (ع). من مواليد المنامة، فريق الحطب، العام 1929، وإن كان أصل العائلة من البلاد القديم، التي جاء منها جدّي ربما قبل 100 عام. وهذه الفترة (نهاية العشرينات) شهدت كساداً في الاقتصاد العالمي، وبعده بسنوات تعرّض سوق اللؤلؤ للاضطراب، بعد إنتاج اللؤلؤ الصناعي في اليابان، كما شهدت تلك المرحلة قلة السيولة وشح المواد الغذائية. وحاول الوالد أن يتجاوز تلك المرحلة، وعلى رغم فاقته فإنه كان محسناً، وكان يعطينا بعض المال للمرضى ممن لا يستطيعون العمل.
كيف بدأت رحلتك مع التعليم؟
- على رغم أن الوالد كان أميّاً، فإنه حرص على إلحاقي وإخواني وأخواتي بتعليم القرآن، فتعلمت على يد المعلمة شرف في بيت العريّض، ثم انتقلت إلى المعلمة رحمة الصفار، وكان تعليم القرآن مختلطاً. بعدها نقلني ابن عمي السيد ابراهيم شبر للمدرسة الجعفرية بالمنامة وكان مديرها سالم جواد العريض (تغيّر اسمها للغربية ثم أبوبكر الصديق)، وكانت المدارس بنيت من قبل الأهالي كما يحدث في كثير من البلدان آنذاك. وكان المنهج لبنانيّاً ويمتد 8 سنوات، ومن يتخرج يمكنه العمل مدرساً، أو الالتحاق بالجامعات السورية أو العراقية والمصرية.
من تذكر من الأسماء؟
- كان من معلمينا عارف محمود حسين، وهو فلسطيني من رام الله، وصلاح الدين فارس ومحمد الشربيني، وحسن الجشي وعيسى الجودر، وفي العام 1943 حضرت البعثة التعليمية المصرية في عهد الملك فاروق، مبتعثة على حساب الحكومة المصرية، لكن حكومة البحرين كانت تكافئهم على عملهم أيضاً. وكان جل البعثة من خريجي دار العلوم، وقد أبلت البعثة بلاءً حسناً في مهمتها.
أما من الزملاء فأذكر الكثيرين، أذكر منهم حسين منديل وعبدالكريم العريض ومحمد صالح عبدالرزاق القحطاني وسلمان الصفار وسلمان الصباغ وأحمد المهزع وخليفة غانم الرميحي ويوسف زباري، وعلي محمد فخرو، ويوسف حمزة، ويوسف خنجي ويوسف البوفلاسة وحميد طرادة ومحمود بهلول، وسلمان الدلال ومصطفى القصيبي والصرّاف نونو، وأحمد ومحمد كانو والصحافي محمود المردي.
وماذا اخترت بعد تخرجك؟
- في الفصل الثالث الثانوي ألحقنا بقسم المعلمين، حيث ندرس صباحاً، وفي المساء نتلقى تدريباً عمليّاً، من طرق تدريس وعلم نفس والطرق التربوية القديمة عند اليونان، إلى جانب النظريات التربوية. وانتهيت العام 1949، وقدّموا لنا امتحانين، وحصلت على الدبلوم.
كان وزير المعارف حينها المرحوم أحمد العمران، الذي اهتم بتدريس البنين والبنات، وكانت الوزارة في القضيبية، ولم يكن يترك الطلاب في الشارع، ويحرص على إلحاقهم بالمدرسة.
وكيف التحقت بالتدريس؟
- قبل التدريس عملت في البنك الشرقي (تشارترد بنك)، وقُدّم لي امتحان ونجحت، وكان ذلك في العطلة الصيفية، وكان العاملون فيه من الانجليز، مع هنود ويهود وبحريني واحد، وكانت العملة يومها الباي (الآردي)، والبيزة والآنة والروبية. وبعدها عملت في شركة بابكو، ثم انتقلت بعدها للتدريس، حيث عملت في المعامير والنويدرات والرفاع والعكر، وكنا ندرّس العمال في تلك الفترة.
وهل درست في الخارج؟
- ابتعثت للدراسة في بريطانيا لفترة وجيزة العام 1961، لدراسة اللغة والإدارة المدرسية، وقضيت شهراً في لندن و3 أشهر في نوتنغهام، لزيارة المدارس، وكانت بريطانيا في تلك الفترة مازالت محافظة، وكانوا يعيّنون مدرسين كبار سن لتدريس الفتيات. كما كان الطلاب يجلسون في جهة وتجلس الفتيات في جهة أخرى من الصف.
كيف كانت لندن في الستينات؟
- زرت خلال تلك الفترة المتاحف والمعالم السياحية الرئيسية، بما فيها حديقة هايد بارك، كان أبناء المستعمرات يخطبون هناك ضد المستعمر البريطاني، وأذكر أن أحدهم خطب عن «السيد المسيح (ع) الذي جاء من السماء بينما جاء الرجل الأبيض ليسرق أرضنا من تحتنا» كما قال. وفي استراليا حاول الرجل الأبيض إبادة السكان الأصليين، وفي أميركا سرق أراضي السكان الأصليين وسلبهم الأسبان الذهب على رغم أنهم قابلوهم مقابلة طيبة.
كولومبوس طلب مساعدة إيطاليا والبرتغال، فزوّده ملك إسبانيا بالمال والبحارة، وأخرج السجناء ليبحروا معه إلى العالم الجديد. كان الاكتشاف بظنّ أنه جزء من الشرق فاكتشفوا عالماً جديداً وأرضاً جديدة، وكانت هذه الحركة للحصول على طرق جديدة للهند، تجنّبهم دفع الضرائب والرسوم على البضائع لدول الشرق، في مصر والشام والعراق.
ما هي المدارس التي عملت بها خلال واحد وأربعين عاماً؟
- عينت أولاً في مدرسة الرفاع الشرقي في (اكتوبر/ تشرين الأول 1949)، وقمت بتدريس كل المواد تقريباً، بنصاب يفوق 35 حصة. وكلفني مديرها فالح العبدالله وهو عراقي بدروس تقوية للطلاب بعد الدوام، وكذلك تدريبهم على الألعاب والقوى البدنية. وبعد عامين انتقلت إلى مدرسة ابو بكر الصديق لخمس سنوات، وفي 1956 عينت مديراً لمدرسة النعيم التحضيرية. وفي العام 1957، عينت بمدرسة المعامير الابتدائية لمدة عامين، وفي (أكتوبر 1959) نقلت إلى مدرسة الإمام علي حيث بقيت فيها عشر سنوات، وكانت تضم حوالي ألف طالب، وفي 1969، نقلت إلى مدرسة جدحفص الإعدادية، التي كانت أكبر مدرسة قدتها، بهيئة تعليمية وإدارية تصل إلى 120 شخصاً، وكانت تضم حوالي 1400 طالب. وعملت فيها على فترتين، ثم انتقلت إلى مدرسة الخميس في 1974 حتى 1977، وكانت تضم 1200 طالب، وقد شيدت هذه المدرسة بجهود أهلية في 1927، وسميت بـ«المباركة العلوية»، ولاحقاً ألحقت بالمدارس الحكومية.
بعد مدرسة الخميس، انتقلت للعمل خمس سنوات أخرى في نفس المنطقة، وذلك بمدرسة البلاد القديم، التي تعود إليها أصول عائلتي، وبقيت أعمل هنا لمدة بلغت 20 عاماً، ثم عدت إلى مدرسة جدحفص، وأخيراً انتهى بي المطاف للعمل في مدرسة القضيبية، وكانت أصغر مدرسة عملت فيها، إذ كانت تضم 400 طالب فقط، وبها ختمت مشواري مع التعليم.
ماذا تبقى من ذكريات طريفة؟
- من أطرف المواقف التي مررت بها، في تجربة تعليم الكبار، حيث فتحنا صفّين في البلاد القديم في السبعينات، وبدأت أول فصل بإطفاء الأنوار، وكان الوقت مساءً، وبدأته بعبارة: «العلم نور»، وسمعت بعضهم يتهامسون بقولهم: «أكيد هذا المعلم مجنون»! لكني قلت لهم: هذا هو الفرق بين الظلام والنور، والعلم والجهل.
وما هو الفارق بين تعليم الأمس واليوم؟
- اليوم عندهم أجهزة وكمبيوترات وأدوات ووسائل تعليمية أفضل مما كان عندنا، لكن الفارق أن وسائل التسلية المتوافرة لدى الأجيال الجديدة، تشغل أغلب أوقاتهم وتسرق منهم الوقت الذي لا يمكن أن يعوّض. فالوقت ثروة (Time is money) كما يقول الأميركان، وكما نقول نحن العرب: «الوقت من ذهب»؛ لأنه لا يمكن أن تسترجعه عندما يضيع منك.
والفرق بين مدارس اليوم والأمس؟
- في التدريس، ينبغي أن يكون المدير قدوة، ويجب أن يكون كذلك في ملبسه وسلوكه ومظهره، وكذلك المدرسون، لكن بالتأكيد ليس كل من يعيّن في هذا المجال يصلح كقدوة، أو يقوم بواجبات المهنة. وفي إحدى المرات جمعت المدرسين ونصحتهم بأمرين: ترك السجائر الذي كان شائعاً آنذاك، والأمر الثاني الزواج، حيث كان أكثرهم شباباً عازبين، فضحكوا فقلت لهم: الزواج يشعركم بالمسئولية والحنان، وأنتم لا تشعرون بذلك لعدم وجود أولاد أو زوجة في حياتكم.
وماذا بشأن معاملة المعلمين؟
- التدريس هو قمة الوظائف المحترمة، ويجب معاملة المدرّس باحترام، فإذا لم تحترمه وتقدّر جهوده لن ينتج النتاج المطلوب، فهو ليس كأي موظف عادي، فالأطباء والمهندسون والصحافيون والمذيعون من الذي خرّجهم؟
وماذا تقرأ استاذنا؟
- أهتم بقراءة كتب الأدب والتاريخ، وخصوصاً عن البحرين وتاريخها. كما أقرأ في السياسة، ولا أنسى العام 1967 الذي شهد النكسة، التي سببت لي نوعاً من الكمد والحزن لعدة أيام؛ لأن مصر غالية غالية جداً على قلوب العرب والبحرينيين. كما حزنّا كثيراً على وفاة الرئيس جمال عبدالناصر.
العدد 4981 - الثلثاء 26 أبريل 2016م الموافق 19 رجب 1437هـ
الله يعطية الصحة والعافية وطول العمر
نعم المربي الفاضل الأستاذ محمود العلوي ابو باسل
درسنا على يديه ونعم الجار في منطقتنا الله يطول في عمره
ونتمنا بمدرسين هذا الجيل الحدو بحدوه
تتلمذ نا على يديه في مدرسة الوسطى الإمام علي لاحقا نعم المربي الله يعطيه العافية والصحة وطولت العمر.
صباح الخير
تلاميذ الان مع الأسف مدرسيهم كل اجانب متعلمين على العنف والغضب
اما في الماضي كان شي تاريخي
نعم المعلم الاستاذ ابوباسل .. الله يطول في عمرة ويعطي الصحة والعافية
مفخرة تاريخ التعليم في البحرين
لا يوجد احد من جيل الخمسينات والستينات في البحرين الا ويدين بالفضل للاستاذ والمربي الفاضل السيد محمود. الله يديم عليه الصحة وطول العمر .
كان مربيا فاضلا ومديرا مقتدرا اطال الله في عمره