قد يرى الوالدان أحياناً أن صديق ابنهم أو من يماشيه في مستوى سلوكي سيء أو متدنٍ، وأنتم كوالدين ترفضون هذا الشخص أو الوضع الذي فرض عليكم، فكيف يمكنكم التعامل معه بإيجابية ومنع استمراره؟
يكون ذلك بحيطة وحذر وذكاء، بحيث لا يسهم في إفلات الزمام، لأن المنع وفرض القرار قد يكون ضرورة؛ لكن ليس حلاً أحياناً، وبالتأكيد ليس حلاً لابن في مرحلة المراهقة ومرحلة التعود على اتخاذ القرار. هنا التأثير عليهم يكون بتحويل اهتماماتهم بطرح البدائل، مع النقاش المرن والحوار حتى يحيدوا تدريجياً لا بالعنف وفرض القرار، فقد يلجأ بعض الأطفال إلى التحدّي والعناد، وأحياناً أخرى إلى ترك المنزل اعتراضاً على قرار الأب أو الأم أو قد يلجأ الوالدان إلى العنف باستخدام الضرب أو تكرار التعنيف، ففي واقعة وردت للنيابة أساء فيها الوالدان التعامل مع انحرافات سلوكية بسيطة ظهرت على ابنهما، فكان العنف الشديد هو القرار، فدفع الإبن إلى الهرب من منزل أسرته ليلتقي ببالغٍ في الطريق العام، قام باستدراجه إلى منزله بذريعة أنه سيؤويه ليلاً، فهتك عرضه ومرّ بتجربة قاسية، نالت من استقراره النفسي، وانعكست على سلوكياته التي أصبحت منحرفة.
مما لا شك فيه أن الصداقة مهمة في حياة المراهقين، ذلك لأن المراهقين يهمهم جداً أن يكونوا مقبولين عند أصدقائهم، وبالتالي تراهم يتأثرون بهم، حتى ينالوا إعجابهم، فشاركوهم التواصل مع الأصدقاء، وبحذرٍ أبعدوا من ترون أن سلوكياته يشوبها سلوك انحرافي بإحلال زميل أو صديق آخر وبحذر .
ربّوا الأبناء منذ الصغر على الاستقلال والثقة بالنفس من خلال دمجهم في الأندية والأنشطة الطلابية، ليتعلم حدود التعامل، وكيف يكون واعياً عندما يتعامل مع أصدقائه، وبحدود وبمتابعتهم وتوجيههم من خلال تبادل الآراء، كوالدين أو كمعلمين، ونعودهم كيف ومتى يستطيع أن يقول بسهولة «لا».
ربما يرى الآباء أن أبناءهم مهما كبروا لا يزالون صغاراً، فيتفادون تحميلهم أية مسئولية، لكن الواقع غير ذلك. فهم يدركون أنهم بالغون وكبار، فهم يعدون الوقت لهذه المرحلة، وبأنهم قد أصبحوا في سن يكفي ليكون مسئولاً عن نفسه، ويتحمل المسئولية في كثير من الأمور، فليكن ذلك، لكن اجعلوهم جزءًا من متحمّلي مسئولية حل الخلافات بين الإخوة داخل الأسرة، وتحمل مسئولية حلها بالقدر الذي ترين أنه يستحمله، ثم ناقشيه فيها واسأليه عن حلوله.
مما لاشك فيه سيكون قريباً من والديه، وسيقدر ثقتهم فيه من ناحية، ومن ناحية أخرى سيتعلم كيف يتحمل المسئولية، وحل الخلافات بآلية النقاش وليس التسلط والعنف. فمتى ما كان تبادل الاحترام هو المعيار، سيتعلم الأبناء أن الاحترام هو المعيار وليس العنف والتسلط. هذه قواعد أعتقد أنه من السهل اتباعها والعمل بها، لكن يجب التمسك بها، ولا يسمح بتجاوزها كأن يسب الأب أو الأم الأبناء أو حتى العاملين في المنزل وبحضور الأبناء، ليحرج كلٌ منهم الآخر، ثم يطلبون من الأبناء الالتزام.
وهذا التناقض عادةً ما يخلق الاختلاف والعنف والنزاع بين الآباء والأبناء وامتداده وعلوها هنا، أما أن تكون الآليات والحدود غير واضحة وأخل بها البعض أو غير صريحة. فالتعليمات وما يتبع لابد أن تكون واضحة وصريحة، فعندما تضع آليةً يتفق عليها يجب أن لا تقبل معنيين، ونحن نعرف أن الثقة تختلف في درجاتها من ابنٍ لآخر، فمنهم المندفع والمتهور، ومنهم الهادئ البار المتعقل؛ لكن لابد أن نبدأ بالثقة فهي أساس القبول.
إقرأ أيضا لـ "الشيخة نورة بنت عبدالله آل خليفة"العدد 4978 - السبت 23 أبريل 2016م الموافق 16 رجب 1437هـ