في متابعة المشاكل التي تمتلئ بها المجتمعات العربية، والمجتمعات الإنسانية، اكتساب لخبرات قد لا يلاحظها كثيرون. الوقوف على المشكلات، ومتابعة الحلول التي تقدم من قبل الاستشاريين والاختصاصيين وذوي الشأن يراكم تلك الخبرات، ويصبح المتابع قادراً مع مرور الوقت على التعامل مع ما قد يعترضه منها، أو ما يعترض المحيطين به، من غير أن ينسى أنه ليس من ذوي الاختصاص، لكن ذلك لا يمنعه من تقديم رؤية أولى أو حلول مبدئية بناءً على ما تراكم من الخبرات والدراية تلك.

المشكلات بطبيعتها تحصن الإنسان بطريقة أو أخرى، وتمنحه قدرة على التكيف مع طبيعة ما يدور من حوله، سواء كان في صالحه أو على الضد من ذلك. من دون تلك المشكلات، ومحاولات الخروج منها ووضع حلول لها، يظل هشاً وقابلاً للانهيار، ومع مرور الوقت يصبح عالة على المحيط من حوله، وعلى المجتمع عموماً.

من بين تلك المشكلات التي ليس من طبيعتها الأذى الكبير على النفس إذا ما تم تفهمها، وخصوصاً إذا كانت من طبيعة النفس البشرية: حب الاستحواذ، أن ترى في أي موقف خوفك من أن يأتي بديلٌ ليزاحمك وينافسك، ولو كان الأمر خارج إرادته وخياره. أعني المشكلات الاجتماعية غير المركبة التي تحتاج أولاً إلى الهدوء في التعامل معها، وتحييد العاطفة، وتوظيف العقل لتجاوزها والتغلب عليها.

ومن المشكلات التي تتكرر نادراً في مجتمعاتنا على سبيل المثال أن يتقدم أخ لخطبة فتاة فترفضه لأسباب ليس مطلوباً منها أن تقدمها أو تسردها، بعد فترة يتقدم شقيق الأخ نفسه لخطبة الفتاة فتوافق عليه، ربما ارتياحاً، انسجاماً، أو باعتباره أكثر ملاءمة وتوافقاً معها. هكذا ترى الشخص، وذلك حقها. تنشأ بين الأخوين مشكلات، تصل إلى حد المقاطعة، وربما العداوة والحقد، ومنها ما يخرج على السيطرة بحيث تمتد لتشمل أفراداً آخرين في الأسرة، فتصطف أطراف مع هذا، وأطراف مع ذاك، والسبب: التعامل مع القضية بروح انفعالية، في ظل غياب العقل واستبعاد الهدوء والتأني، ما يوفر بيئة ومناخاً قابلاً لأن يؤجج المشكلة ويدفعها على مزيد من التعقيد.

بحسب سارد مشكلة شبيهة بهذه، فقد اتخذ الأخ موقفاً من أخيه بسبب خطبته للفتاة نفسها التي رفضته، لأنه يرى الأمر متعلقاً بكرامته، وكان يرى أن على أخيه عدم التفكير أساساً في التقدم لخطبتها، عدا الإقدام على الخطوة.

المستشار مبروك رمضان بدأ في الرد على المشكلة التي وصلته تفاصيلها مكتوبة، بأن الرسول (ص) نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، حتّى يترك الخاطب قبله، أو يأذن له.

أن يتقدم الشاب لخطبة الفتاة بعد رفض أخيه، أمر جائز شرعاً، والأهم من وجهة نظري هو فيما جاء في الرد أن علاقة الأخ بأخيه أهمّ من خطبته لفتاة تقدّم لها أخوه، ما قد ينتج عن ذلك من شقاق ونفور يتطور بعد ذلك إلى ما هو أسوأ، بسبب الفتاة، فلو قُدر له أن يبحث عن فتاة غيرها لكان ذلك أولى وأدعى لسلامة العلاقة بينهما. مثل ذلك الرد لا غبار عليه، وهو ما يرتاح له قلبي وعقلي، ولكن ماذا لو وجد الشخص في الفتاة ما يحقق متطلباته، وتوافقها مع نفسيته؟ ماذا لو أحبها أو كان يحبها قبل خطبة أخيه لها؟ أما كان أجدر من ناحية أخرى أن يتفهم الأخ الآخر طبيعة العلاقات بين البشر، وأن سعادة أخيه أيضاً أولى أن تؤخذ في الحسبان والنظر؟ يجب أن ينظر إلى المشكلة بعينين لا عين واحدة.