يتوجه الرئيس الاميركي باراك أوباما إلى الرياض اليوم الثلثاء (19 ابريل/ نيسان 2016) وسط توتر ناجم عن مشروع قانون للكونغرس يجيز مقاضاة هذه المملكة العربية السعودية أمام المحاكم الأميركية بشأن اعتداءات 11 سبتمبر/ أيلول 2011.
ومشروع القانون الذي قدمه الجمهوريون والديمقراطيون لم يصل إلى مرحلة التصويت بعد، لكنه يثير غضب الرياض ويهدد بالمزيد من التدهور في العلاقات المتوترة أصلا بين واشنطن وحليفتها الخليجية.
ويحاول البيت الابيض بكل قواه عرقلة مشروع قانون "العدالة ضد رعاة الارهاب" الذي من شأنه ان يسمح للعائلات التي فقدت احبائها في اعتداءات 11 سبتمبر مقاضاة الحكومة السعودية. وردا على سؤال أمس بشأن مشروع القانون خلال مقابلة مع شبكة "سي بي اس نيوز"، أجاب أوباما "بالضبط، أنا أعارضه".
وقال أحد رعاة مشروع القانون السناتور جون كورنين، الرجل الثاني في الحزب الجمهوري في مجلس النواب إن من شأن مشروع القانون الغاء مبدأ الحصانة السيادية والتأكيد أنه "إذا كنت تمول وتقوم برعاية هجمات ارهابية على الاراضي الاميركية فانك مسئول عن الاضرار".
يذكر أن 15 من أصل 19 شاركوا في اعتداءات 11 سبتمبر كانوا سعوديين. لكن لم يتم اثبات وجود تواطؤ رسمي سعودي في هجمات تنظيم "القاعدة". وتحذر السعودية من انها قد تبيع اصولاً اميركية قيمتها مئات المليارات من الدولارات إذا أقر الكونغرس مشروع القانون.
وبحسب صحيفة "نيويورك تايمز" يوم الجمعة الماضي، فان وزير الخارجية السعودي عادل الجبير حذر برلمانيين أميركيين خلال زيارة الى واشنطن في مارس/ آذار الماضي من التداعيات المكلفة على الولايات المتحدة في حال إقرار المشروع.
وأكدت الصحيفة أن الجبير هدد خصوصاً باحتمال ان تقدم الرياض على بيع سندات خزينة أميركية بقيمة 750 مليار دولار فضلاً عن أصول أخرى تملكها في الولايات المتحدة.
ويتيح مشروع القانون لعائلات ضحايا اعتداءات 11 سبتمبر 2001 ان تلاحق امام القضاء الاميركي الحكومة السعودية لمطالبتها بتعويضات. لكن البيت الابيض يؤكد أن أوباما لن يتوانى عن استخدام "الفيتو" ضد مشروع القانون إذا أقره الكونغرس.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الاميركية جوش ارنست إن "مبعث قلقناً من هذا القانون لا يتعلق بتداعياته على علاقاتنا مع دولة محددة بل لارتباطه بمبدأ مهم من مبادئ القانون الدولي الا وهو حصانة الدول".
وأضاف انه إذا تم المس بهذا المبدأ "يمكن لدول أخرى أن تقر قوانين مماثلة الامر الذي قد يشكل خطراً كبيراً على الولايات المتحدة، وعلى دافعي الضرائب لدينا، وعلى جنودنا وعلى دبلوماسيينا". وأكد ارنست أن هذا المبدأ "يتيح للدول ان تحل خلافاتها عبر الطرق الدبلوماسية وليس عن طريق المحاكم".
ويصل أوباما الى الرياض غداً (الأربعاء) حيث سيلتقي الملك سلمان بن عبدالعزيز ومسئولين آخرين. وليس من الواضح ما إذا كان مشروع القانون الذي تم تقديمه في سبتمبر الماضي ويحظى بدعم كبار أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين، سيكون في صلب محادثاته هناك.
من جهته، قال السناتور السابق بوب غراهام الذي كان رئيساً مشاركاً للجنة الكونغرس للتحقيق في اعتداءات 11 سبتمبر في مقابلة مع قناة "سي ان ان" يوم السبت الماضي إنه "غاضب وليس متفاجئا" ازاء تحذير السعودية من انها ستبيع اصولاً أميركية.
وفي فبراير/ شباط، كشف زكريا موسوي الذي يعرف عنه بانه الخاطف العشرون لمحامين أميركيين ان بعض أفراد العائلة المالكة السعودية تبرعوا بملايين الدولارات لتنظيم "القاعدة" ابان التسعينات. ونفت السفارة السعودية ادعاءات موسوي. لكن اتهاماته اعادت إطلاق الجدل بشأن ما اذا كان يتعين على ادارة أوباما السماح بإلغاء صفة السرية عن 28 صفحة من تقرير لجنة التحقيق التابعة للكونغرس.
ويعتقد أن هذا الجزء الذي يسعى غراهام لإلغاء صفة السرية عنه يركز على دور الحكومات الاجنبية في الاعتداءات.
واعرب كورنين عن اعتقاده أن الرياض تبالغ في رد الفعل ازاء مشروع القانون، لكنه شدد على انه لا يريد تغيير المشروع بسبب تهديدات اقتصادية. وقال في هذا السياق "لا اعتقد اننا ينبغي ان نسمح لدول اجنبية بان تملي علينا السياسة الداخلية للولايات المتحدة". لكنه يحاول ايضا الاقتراح بان مشروع القانون لا يستهدف السعودية.