يحدث وأن نشعر أن توازننا يختل، أن أرواحنا بحاجة لمن يأخذ بأيديها، ويجعلها تشعر بالسلام، فيشع هذا السلام على كامل أجسادنا وأذهاننا ومشاعرنا. يحدث أن نشعر أن الأمور من حولنا غير مستقرة، وأننا نعاني زعزعة نفسية وعاطفية لا نستطيع فهمها.
قرأتُ ذات مرة، أن رجلاً شكا لمعلّمه الحكيم جفاف قلبه، وانعكاس ذلك برودةً في إحساسه، وضعفاً أمام التجربة والمغريات، ونقصاً في التعاطف مع الآخرين، وجفافاً روحياً. فقال له الحكيم: كانت في روما عواميد كثيرة تسمى المسلات، وكانوا يستخدمونها في القصور والمعابد، ولضخامتها كانوا ينصبونها ويثبتونها بإستخدام الحبال الكبيرة.
وذات يوم وبينما كانوا يرفعون إحدى هذه المسلات، وكان الطقس شديد الحرارة، بدأت الحبال بالتآكل والتمزق من شدة الجفاف، فبدأت المسلّة تتفلّت، وعلا الصراخ وقلق البناءون وكاد اليأس يسيطر عليهم، لولا أن جاء الحلُّ من أحد المهندسين قائلاً: إن ما يجعل الحبال تتمزّق هو جفافها؛ لذا بلّلوها بالماء جيداً، وعندها ستتماسك وتصبح أقوى وأكثر تحمّلاً للأثقال. وبالفعل تم إنقاذ الموقف بهذا المقترح.
ولما انتهى الرجل من سرد قصته التفت إلى الشاكي قائلاً: يحتاج قلبك إلى البلل، إلى الطراوة، بلّله بالحب والخير والعطاء، وسيصبح أكثر قوةً وتماسكاً وستواجه به الشرور وتنتصر.
الحب والخير والعطاء هي أدوية الشعور بعدم الاستقرار؛ فحين نشعر بالحب لما أو لمن حولنا، حين نحاول العطاء من غير انتظار مقابل أو التفكير بمردود، حين نسعى لأن نكون كائنات من مشاعر تعطي وهي سعيدة، لابد أن نشعر بالرضا والسعادة والاتزان، خصوصاً حين تكون هذه المشاعر، وهذه الرغبات نابعة من القلب فعلاً، وليست وليدةً لغرض في أنفسنا، أو تمثيلاً أو مجرد محاولةٍ لا جذور لها في أعماقنا.
فللحب قدرةٌ كبيرةٌ على اختراق أرواحنا، يجعلنا نشعر وكأن الدنيا تقبل علينا بكامل زينتها، ذلك حين نراها بعين الحب لا الذي يجعلنا نتنفس الجمال وننطلق به ونتعلق بكل لمحة منه. فحين تحب وطنك تشعر بأنه جنة الله على الأرض، ترى في كل زواياه معنى للجمال. وحين تحب عائلتك لا تقوى إلا أن تكون جزءاً من العطاء بداخلها، فتنصهر معها وتفيها حقها طالما كنت فرداً منها، من غير أن تكون أنت نفسك، وتسعى لأن تحقق أحلامك وأمنياتك تحت مظلتها. وحين تشعر بالحب تجاه أصحابك فإنك تسعى لأن تقدم لهم كل ما يحتاجون قبل أن يطلبوه؛ لأنك تعلم أن ذلك سيشعرهم بالسعادة.
الحب ليس نقيضاً للاستقلالية، والعطاء لن يكون أبداً رديفاً للغفلة أو منافياً للكرامة، المهم أن نعرف كيف ولمن ومع من ومتى نعطي ونحب، ومن الأولى بمحبتنا، وأن كل ما سنفعله لابد أن ينعكس خيراً على حياتنا وحياة من حولنا حين يكون صادقا وخالصاً لوجه الله .
إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"العدد 4972 - الأحد 17 أبريل 2016م الموافق 10 رجب 1437هـ
مقال مهم
بالفعل القلب هو الذي يستطيع ان يجعلنا اقوياء وهو من يمنحنا الضعف حين يخذله اعز الناس
شكرالقلمك استاذة ولقلبك
الحب ليس نقيضاً للاستقلالية، والعطاء
الحب ليس نقيضاً للاستقلالية، والعطاء لن يكون أبداً رديفاً للغفلة أو منافياً للكرامة، المهم أن نعرف كيف ولمن ومع من ومتى نعطي ونحب، ومن الأولى بمحبتنا، وأن كل ما سنفعله لابد أن ينعكس خيراً على حياتنا وحياة من حولنا حين يكون صادقا وخالصاً لوجه الله .
وإن كان قلبا مكسورا
خذله اقرب المقربين او كان قلبا يمتلك ارقى مشاعر العطاء ولكنه يواجه بلا شي عندها سيكون مصدر ضعف وانكسار ولكن الله قادر على تغيير الحال .. سبحانه وتعالى انما سماه قلبا لتقلب المشاعر فيه