«ادخلْ الكوخَ... وافترشني حصيرَا... واكسرْ القرصَ حيثُ كنتُ شعيرَا... أوقد الشمعَ... خذْ يديْ للهيبِ الحبِّ، أيقظْ بالكيِّ فِيّ الشعورَا»، بهذه القصيدة المعنوَنة بـ «ما في الجُبّة إلا علي»، توِّج الشاعر محمود القلاف بالمركز الأول في مهرجان أبي تراب الشعري التاسع بـ «جائزة الشيخ الجمري للشعر العربي»، وذلك مساء أمس الأول الجمعة (15 أبريل/ نيسان 2016) في مأتم سار، وهو الجهة المنظمة للمهرجان.

المهرجان الذي امتد لثلاث ليالٍ، حصد فيه 4 شعراء سعوديين المراكز من الثاني إلى الخامس، وهم: هادي رسول (المركز الثاني)، حسين آل عمار (المركز الثالث)، أحمد الرويعي (المركز الرابع)، سيدأحمد الماجد (المركز الخامس).

ومن خلال تقييم لجنة تحكيم متخصصة للنصوص الشعرية تضم (سيدمحمد مجيد، علي بحراني، حسين السندي، جعفر آل طوق)، تأهل 10 شعراء وشاعرتان، من أصل 35 شاعراً وشاعرة قدموا نصوصهم الشعرية للمشاركة في المهرجان، وألقى الشعراء الـ 12 قصائدهم على خشبة المسرح. واختارت لجنة التحكيم 5 منهم لتتويجهم بالمراكز الخمسة الأولى.

ووفقاً لتصويت الجمهور في ليالي المهرجان الثلاث، حاز محمود القلاف جائزة شاعر الجمهور في الليلة الأولى، وفي الليلة الثانية الشاعر السعودي أحمد الرويعي، فيما حصد الشاعر السعودي هادي رسول أعلى الأصوات ليكون شاعر الجمهور في الليلة الثالثة.

وفي تفاصيل المهرجان، قال رئيس اللجنة المنظمة، سيدصالح تقي، إن المهرجان بدأ مساء يوم الأربعاء الماضي، واختتم مساء يوم الجمعة، وشهدت الليلة الأولى منه منتدى أدبياً شارك فيه الشاعران محمد مرهون وعقيل القشعمي، إلى جانب الناقد زكريا رضي، إذ تحدثوا عن المهرجانات الشعرية وأثرها على الساحة الأدبية.

وذكر أن الليلة الثانية من المهرجان شهدت فقرة نوعية وجديدة، وهي تمثيل لشخصية الشاعر الشيخ جعفر بن محمد الخَطّي، الملقب بأبي البحر الخطي، مبيناً أن استعراض الشخصية تم من خلال تمثيل مباشر على المسرح. وأشار إلى أنهم اختاروا هذه الشخصية كونها من بين أبرز شعراء الخليج القدامى، فهو ولد في العام 1572، وتوفي 1618 بقرية التوبي بمحافظة القطيف السعودية، وانتقل للعيش في البحرين، وكتب عن بعض قراها، قبل أن ينتقل إلى مدينة أصفهان الإيرانية، ومن ثم شيراز، حيث توفي ودُفن هناك.

وعن الليلة الختامية، أفاد بأنها تضمنت لقاءً مع رئيس ملتقى ابن المقرب الأدبي في الدمام بالمملكة العربية السعودي، الشاعر زكي السالم، والذي استعرض بداياته الشعرية، ودور المهرجانات الشعرية في تنمية تجارب الشعراء. ورأى السالم أن المهرجانات والمسابقات الشعرية تعد ظاهرة صحية، إلا أنها قد تحتاج إلى تقنين، وخصوصاً في ظل تقارب فترات انعقادها.

هذا، وأوضح رئيس اللجنة المنظمة أنهم يحرصون في كل عام على إضافة فقرات جديدة، لتخرج عن الإطار المتعارف عليه في المهرجانات والمسابقات الشعرية، مشيراً إلى أن مهرجان أبي تراب الشعري لا يقتصر على فقرات إلقاء النصوص الشعرية وتحكيمها فقط، بل يشتمل على لقاءات ومنتديات. وأفاد بأنهم دشّنوا في العام الماضي (2015) ديوان أبي تراب الشعري، الذي يضم جميع القصائد التي شارك بها الشعراء طوال نسخ المهرجان، من الأول إلى الثامن.

ولفت إلى أنهم أشركوا نقاداً وشعراء من غير المشاركين في المهرجان، في تقييم القصائد الـ 12 التي ألقيت، إلى جانب تقييم لجنة التحكيم الرئيسية، وهي الخطوة التي لاقت رضا واستحسان الجمهور، وتعد إضافة جديدة للمهرجان.

وأثنى على المجهودات التي بُذلت من خلال اللجان العاملة في المأتم، وأسهمت في إبراز المهرجان بصورة جميلة، وسط إشادات وثناء من مختلف الشخصيات التي شهدت المهرجان، فيما نوّه بدعم ومساندة مختلف الجهات، ومنهم الوجيه الحاج جواد الحواج الذي حرص على الحضور في ليلتي الافتتاح والختام، وصحيفة «الوسط» التي تعد داعماً إعلامياً للمهرجان.

يشار إلى أن الشاعر كريم رضي حصد المركز الأول في المهرجان الأول، والشاعر جعفر الجمري في المهرجان الثاني، فيما حصد الشاعر مجتبى التتان المركز الأول في المهرجان الثالث والرابع والثامن. وفي الخامس والسابع نالت المركز الأول الشاعرة إيمان دعبل، والشاعر السعودي هادي رسول في السادس، وأخيراً الشاعر محمود القلاف بالمركز الأول في المهرجان التاسع.

المركز الأول: ما في الجُبّة إلا علي

ادخلْ الكوخَ

وافترشني حصيرَا

واكسرْ القرصَ حيثُ كنتُ شعيرَا

أوقدْ الشمعَ،

خذْ يديْ للهيبِ الحبِّ،

أيقظْ بالكيِّ فِيَّ الشعورَا

واعجنْ الأفقَ في يديْكَ رغيفًا علويًّا،

وأشعلْ التنورَا

المساكينُ بعضُ أصداءِ يتمي

وعلى بابِكَ ارتميتُ

أسيرَا

ولأني التصقتُ «بابَكَ»

نبضي يطرقُ البابَ...

يستحثُّ الصريرَا

محمود القلاف

المركز الثاني: الجهة الأخرى للسماء!

يُغمضُ الوقتُ أجفانَهُ

والدكاكينُ تغفو

وأرصفةُ الليلِ تفتحُ كرّاسةَ الفقراءِ

وأنتَ هناكَ...

تعدُّ البيوتُ خطاكَ

وحُلمِ السنابِلِ ترصدهُ أعينُ الراقدين

وتفتحُ آذانَها...

حيثُ أنتَ تمرُّ، وتطرقُ أبوابَ أحلامِها

كي تمدَّ صواعَ الحقيقةِ

والكوفةُ الآن سيدةٌ عاشقةْ

راحتْ تُهيئُ غُرفتَها بالسكون

وتُطفئُ أعينَ جُدرانِها

كي تراها على زينةِ الفقرِ!

كي ما تحيطَ ذراعاكَ دهشتَها العارية

هادي رسول

المركز الثالث: وأيدنا بروح الحب

عُمرنا الرّث والسنينُ العِجاف

حاصرانا وليس ثمَّ ائتلاف

كلما ارتدَ طرفنا صاح ثغر الحب:

إنا وحق طوبى نخاف

إن في دجلة اختمار الدمع

تجلى ولم تعيه الضفاف

أبصرتنا لواحظ الأمنيات السمر

لما طغى بهن الكفاف

واشتهتنا مواسم الكوفة الحلم

حصيلاً تقاسمته الضعاف

حسين آل عمار

المركز الرابع: ثقبٌ آخر في حجاب التأويل

كبزوغِ فجرٍ لا يَرَونَ سحابَهُ

عَبَر المَجَازَ غَدَاةَ أَغلَقَ بَابَهُ

فَرَشَ السكِينَةَ

شجَّرَ الأشياءَ حتى،

أَطلَقَ القَفَصُ / الفُؤَادُ غُرَابَهُ

يَمشي

وفي كَفيهِ خُبزٌ منْ يَقينٍ،

والحنانُ مُعَلِقَاً أَعَنَابَهُ

حتى بناتُ الفقرِ يُقبِرُهُنَّ أَحياءً،

وينفثُ للفَقيرِ تُرَابَهُ

حَولَ اليَتيمِ

بَنَى حَدَائِقَ منْ صلاةٍ،

كي يُفَصِّدَ للثغورِ عُبَابَهُ

أحمد الرويعي

المركز الخامس: ما تيسر من قباب علي

وفمُ الربيعِ ملطخٌ بالصمتِ

حتى مَرَّ والخِصبُ المؤجلُ منصتٌ...

يبدو عليٌّ... والزمانُ مرصعٌ بخطاهُ

حيثُ أزقةُ العشقِ العتيقةُ

والمسافةُ حقلُ أفئدةٍ وقمحٌ شتَّتَتْهُ زُنودُهُ

يجتازُ ما بينَ الهوى والغيبِ جفنَ يتيمَةٍ

تغتابُ فيه خشونةُ الكفينِ أرهفَ شهقةٍ

مَرَّتْ على رِئَةِ السماءْ

يبدو عليٌّ... سجدةً في شمْعَدَانِ الوقتِ

يُضوِيْ الليلَ بَهْوًا

والسنابلُ في يديهِ خرائطُ الأبوابِ

تبدو تَحتَ قبةِ عطرِهِ ألفٌ

تسافِرُ بالحروفِ المستَمِرَّةِ

سيدأحمد الماجد