رفضت المعارضة السورية اقتراحاً نقله إليها الموفد الدولي، ستافان دي ميستورا ينص على بقاء الرئيس بشار الأسد في منصبه بصلاحيات محدودة في المرحلة الانتقالية مع تعيين ثلاثة نواب له تختارهم المعارضة، وفق ما أكد عضو مفاوض في جنيف لوكالة «فرانس برس» أمس السبت (16 أبريل/ نيسان 2016).
ميدانياً، تصاعدت حدة الأعمال العسكرية في محافظة حلب في شمال سورية، حيث أحرز تنظيم «داعش» تقدماً على حساب الجيش السوري والفصائل المقاتلة تزامناً مع اكتظاظ مخيمات النازحين قرب الحدود التركية.
وقال عضو مفاوض في وفد الهيئة العليا للمفاوضات الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة السورية لـ «فرانس برس» في جنيف، رافضاً كشف اسمه «طرح السيد دي ميستورا خلال اجتماعنا به (الجمعة) فكرة أوضح أنها ليست وجهة نظره الشخصية من دون أن يحدد مصدرها» تنص على «أن يعين الأسد ثلاثة نواب له وقال لنا (أنتم من تختارونهم) على أن ينقل صلاحيات الرئاسة السياسية والعسكرية إليهم».
وأضاف «بمعنى إبقاء الأسد (في منصبه) وفق المراسيم البروتوكولية» في مرحلة الانتقال السياسي.
وأوضح أن دي ميستورا نقل هذه الأفكار في محاولة «للخروج من دوامة الحلقة الفارغة التي ندور فيها بمعنى تشكيل هيئة الحكم الانتقالي قبل الدستور أو وضع الدستور قبل هيئة الحكم الانتقالي».
وأكد المصدر أن الوفد «رفض هذه الفكرة رفضاً قاطعاً... وقلنا له إن هيئة الحكم الانتقالي هي الجهة المكلفة وضع المبادئ الدستورية على غرار تجربة ليبيا والعراق والكونغو».
وفي تغريدة على موقع «تويتر»، كتب المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات، رياض حجاب «نناقش في جنيف شيئاً واحداً فقط، هو تشكيل هيئة حكم انتقالي خال من الأسد وزمرته التي تلطخت أيديهم بالدماء»، مضيفاً أن «بشار أساس المشكلة ولا يمكن أن يكون جزءاً من الحل».
ويأتي اقتراح دي ميستورا بعد استئناف جولة صعبة من المحادثات غير المباشرة بين ممثلين للحكومة السورية والمعارضة، قال إن جدول أعمالها يركز على بحث الانتقال السياسي ومبادئ الحكم والدستور.
ويشكل مستقبل الأسد نقطة خلاف رئيسية بين طرفي النزاع، إذ تطالب المعارضة بتشكيل هيئة انتقالية كاملة الصلاحيات تضم ممثلين للحكومة والمعارضة، مشترطة رحيل الأسد قبل بدء المرحلة الانتقالية، في حين ترى الحكومة السورية أن مستقبل الأسد ليس موضع نقاش وتقرره صناديق الاقتراع فقط.
وبحسب المصدر، فإن دي ميستورا برر نقل هذا الاقتراح بوصفه قد يشكل «المخرج لنقل صلاحيات الرئيس إلى نوابه في ظل الدستور الحالي الذي لا ينص على تشكيل هيئة حكم انتقالي».
وكان الرئيس السوري ذكر في مقابلة مع وكالة «ريا نوفوستي» الروسية نقلتها وكالة الأنباء السورية «سانا» نهاية مارس/ آذار أن الكلام عن هيئة انتقالية «غير دستوري وغير منطقي» موضحاً أن «الحل هو في حكومة وحدة وطنية تهيئ لدستور جديد»، الأمر الذي ترفضه المعارضة بالمطلق.
وقال العضو المفاوض في وفد المعارضة، خالد المحاميد، لوكالة «فرانس برس» إن ما عرضه دي ميستورا يشكل «خروجاً عن مقررات جنيف 1 والقرار الدولي 2254».
وأضاف «أكدنا له أنه لا يمكن القبول بذلك، وجئناً إلى جنيف بموجب قرار مجلس الأمن الذي وضع خريطة طريق للحل السياسي في سورية»، مضيفاً «لم نأخذ الاقتراح بجدية ولم نناقشه ولن نناقشه».
ويأتي تداول هذه الاقتراحات في وقت يكرر وفد الهيئة العليا للمفاوضات اتهام الوفد الحكومي بعدم إظهار جدية للتوصل إلى حل في سورية، مطالباً الدول المعنية بممارسة مزيد من الضغط على دمشق، التي يتهمها أيضاً بتكرار انتهاك وقف الأعمال القتالية، الساري في مناطق عدة بموجب اتفاق أميركي روسي تدعمه الأمم المتحدة منذ 27 فبراير/ شباط.
وتحمل المعارضة السورية على ما تعتبره تراجعاً في الموقف الأميركي الداعم. وأبدى المصدر المعارض لـ «فرانس برس» الانزعاج جراء «ما نلاحظه من خطوات إلى الوراء من جانب الأميركيين ودول داعمة أخرى لناحية التراجع عن دعم مطالبنا بشأن رحيل الأسد ورفع الحصار عن المناطق وإدخال المساعدات الإنسانية والتعامل مع تكرار انتهاك وقف إطلاق النار».
ميدانياً، سيطر تنظيم «داعش» أمس على قرى وتلال عدة كانت تحت سيطرة قوات النظام في محيط بلدة خناصر الاستراتيجية في ريف حلب الجنوبي الشرقي، والتي تقع على طريق اثريا خناصر وهي طريق الإمداد الوحيدة لقوات النظام بين حلب وسائر المناطق تحت سيطرتها.
وفي ريف حلب الشمالي، وتحديداً قرب الحدود التركية، قال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن لـ «فرانس برس»: «تمكن تنظيم داعش من الفصل بين مناطق سيطرة الفصائل المقاتلة بين مدينة اعزاز، معقلهم في ريف حلب الشمالي، وبلدة دوديان إلى الشرق منها»، مضيفاً «باتت الفصائل المقاتلة في دوديان بحكم المحاصرة».
من جانبه، قال جيري سمبسون من منظمة «هيومن رايتس ووتش» الموجود على الجهة التركية من الحدود لـ «فرانس برس»: «لم يتأثر 30 ألفاً فقط بتقدم تنظيم داعش، فمن قبل كان هناك 120 ألف نازح على الأقل في هذه المنطقة».
ولا تزال الحدود التركية مقفلة أمام النازحين، الذين يفترش بعضهم العراء.
العدد 4971 - السبت 16 أبريل 2016م الموافق 09 رجب 1437هـ