قبل أسبوع من انعقاد القمة بين الرئيس باراك أوباما وزعماء دول «مجلس التعاون الخليجي» في الرياض الجمعة المقبل، أكد المسؤولون في البيت الأبيض أن جزءا من القمة سيركز على مواجهة نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة وكرروا موقف بلادهم القاضي بضرورة رحيل الرئيس السوري بشار الأسد عن السلطة كجزء من الحل السياسي ، حسبما قالت صحيفة الراي الكويتية اليوم الجمعة (15 أبريل/ نيسان 2016).
وقال نائب مستشارة الأمن القومي بن رودز، في حوار مع الصحافيين شارك فيه مسؤول الشرق الوسط في «مجلس الأمن القومي» روب مالي، ان لدى الولايات المتحدة «قلقا جديا من نشاطات إيران المزعزعة للاستقرار في المنطقة، ان كان عبر دعمها للتابعين لها في اليمن، أو دعمها نظام الأسد في سورية، أو دعمها لحزب الله (اللبناني)، أو تهديداتها لدول مجلس التعاون».
وتابع رودز: «نحن نعمل لمواجهة هذه التحديات، ولقد فرضنا عقوبات اضافية بسبب نشاطات ايران بالصواريخ الباليستية، واعترضنا شحنات أسلحة مصدرها ايران، وجعلنا من الواضح ان جزءا من حوارنا مع دول مجلس التعاون سيتمحور حول مواجهة نشاطات ايران المزعزعة للاستقرار في المنطقة».
ومن المتوقع ان يصل أوباما الرياض الخميس المقبل، في رابع زيارة له الى المملكة (وهو أكبر عدد زيارات قام به رئيس أميركي)، حيث يعقد لقاء ثنائيا مع خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، ثم يعقد الجمعة ثلاث جلسات مع قادة مجلس التعاون: الأولى ستتمحور حول الاستقرار في المنطقة، اي الأوضاع في سورية والعراق واليمن وليبيا، والثانية ستركز على الحرب ضد تنظيم (داعش)، والثالثة ستبحث في كيفية مواجهة نشاطات ايران «المزعزعة للاستقرار» في المنطقة.
ويغادر أوباما الرياض الجمعة متوجها الى بريطانيا حيث يلتقي ملكتها اليزابيث الثانية بمناسبة عيدها التسعين. كما يعقد لقاء مع رئيس حكومة بريطانيا ديفيد كاميرون، قبل ان يتوجه الاحد الى ألمانيا للقاء مستشارتها انجيلا ميركل. وستتمحور لقاءات أوباما في بريطانيا والمانيا حول الأزمتين السورية والاوكرانية والحرب في افغانستان.
وعن قمة الرياض، قال مسؤولو البيت الابيض ان أوباما يأمل في ان يؤسس تقليدا سنويا يجتمع بموجبه الرئيس الاميركي مع زعماء دول مجلس التعاون.
واوضح مالي ان أوباما باشر بهذا التقليد العام الماضي عندما استضاف هؤلاء الزعماء في منتجع كامب ديفيد الرئاسي في ضواحي واشنطن.
وسيسبق وصول أوباما الى الرياض لقاء الاربعاء على مستوى وزراء الدفاع بين الأميركي آشتون كارتر ونظرائه الخليجيين، في اشارة من واشنطن الى ان التعاون الأمني الأميركي مع الخليج سيستمر، وسيزداد متانة.
وفي هذا السياق قال رودز: «لقد جعلنا من الواضح ان جزءا من حوارنا في الخليج سيتركز حول سبل مواجهة نشاطات ايران المزعزعة للاستقرار، ما يعني اننا لن نشيح بنظرنا بعيدا ابدا عندما يتعلق الموضوع بالتهديدات التي تشكلها ايران». وأضاف: «في الواقع، احد اسس حوارنا في الخليج هو حول كيفية تعزيز قدراتنا لمواجهة اي نشاطات مزعزعة لاستقرار (الخليج)».
على ان المسؤول الاميركي اعتبر ان التوصل الى حلول سياسية بين الخليج وايران من شأنه كذلك ان يعزز الاستقرار، معتبرا ان واشنطن وردتها «وجهات نظر مختلفة من ايران حول كيفية حل النزاعات، خصوصا في سورية». وتابع: «نحن نعتقد ان على بشار الأسد ترك السلطة كجزء من الحل السياسي».
وشدد رودز على انه عندما تقول واشنطن وطهران ان في مصلحتيهما التوصل الى حل سياسي في أي مكان، لا يعني ذلك بالضرورة ان العاصمتين تتفقان حول كيفية التوصل الى هذا الحل، بل ان الرؤية للحل قد تتضارب بين البلدين، والدليل الأبرز هو سورية، مضيفا: «لكننا نعتقد انه في نهاية المطاف، لا توجد حلول عسكرية لتحديات المنطقة».
على ان ما لم يقله رودز، ربما لأنه اكثر اختصاصا بشؤون اوروبا وكوبا، قاله مالي، الذي ردد، ربما من دون ان يتنبه للمشكلة في ما يقوله، ان الصراع الأهم في منطقة الشرق الاوسط هو الحرب ضد «داعش».
واوضح مالي ان «القتال في اليمن شتت الانظار عن القتال الأهم ضد داعش والقاعدة»، معتبرا انه مع الاقتراب من حلول سياسية في اليمن، يمكن للاطراف ان تركز اكثر على القتال ضد «داعش» و«القاعدة»، مضيفا: «هذا هو ما سنناقشه معهم (الزعماء الخليجيين)، لذلك نعتبر ان هذه الصراعات التي تحمل نكهة طائفية عليها ان تتراجع».
على ان ما لم يتنبه له مالي، وما لا تراه ادارة أوباما مجتمعة، يكمن في ان السعودية وبعض دول الخليج لا تميز بين خطر «داعش» و«القاعدة»، من جهة، وخطر ايران و«حزب الله» اللبناني، من جهة اخرى، اذ في خضم الحرب ضد «داعش»، تخوض الدول الخليجية صراعات ضد حلفاء ايران في المنطقة، كان آخرها قيام هذه الدول بإعلان «حزب الله» تنظيما ارهابيا.
وكما تعتقد تركيا ان أميركا ترى مصلحتها فقط ولا تلتفت الى مصلحة حلفائها، من قبيل تحالفها مع الاكراد خصوم تركيا فقط من اجل الحرب ضد «داعش»، كذلك تبدو بعض العواصم الخليجية قلقة من الفشل الاميركي في لإدراك ان الخطر على الخليج، حسب رأي الخليجيين، لا يأتي من «داعش» وحده، حسبما يعتقد الأميركيون.
أما قمة الرياض، فلا شك أنها ستكون فرصة لزعماء الخليج أن يكرروا أمام الرئيس الأميركي، مرة جديدة وقبل أشهر من خروجه من الحكم، ما دأبوا على شرحه له على مدى السنوات الماضية.