نظّمت هيئة البحرين للثقافة والآثار بالتعاون مع الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي "ملتقى التراث الخليجي" على مدى يومي (14 و15 إبريل/ نيسان 2016)، حيث تضمن الملتقى ندوة فكرية في قاعة محاضرات متحف البحرين الوطني شهدت حضور مديرة إدارة الثقافة والفنون بهيئة الثقافة الشيخة هلا بنت محمد آل خليفة وممثلين عن دول الخليج والأمانة العامة لمجلس التعاون. وأدار الندوة جاسم حربان.
جاء ذلك على هامش مهرجان التراث السنوي الرابع والعشرين، والذي يعقد في خيمة خاصة إلى جانب متحف البحرين الوطني حتى تاريخ (21 إبريل الجاري) بعنوان: "موجات صوتية من بحريننا".
واستهل جاسم حربان حديثه بتوجيه الشكر إلى رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار الشيخة مي بنت محمد آل خليفة، قائلاً: إنها كرست عملها من أجل استعادة التراث الصوتي لمملكة البحرين وتعزيز دوره في إثراء المشهد الثقافي البحريني والهوية المحلية.
بعد ذلك، تطرق حربان إلى تجربة مملكة البحرين في الحفاظ على واحد من أهم الفنون الموسيقية البحرينية، وهو فن الفجري، حيث قال إن هذا النوع من الفنون الصوتية مارسه البحارة والغواصون بعد انتهاء موسم الغوص الذي يمتد لأربعة أشهر وعشرة أيام.
وأشار كذلك إلى أن فن الفجري له خمسة أنواع هي: البحري، العدساني، الحدادي، المخلوفي والحسّاوي، موضحا أن الفجري كذلك يرتبط بكل مراحل رحلة الغوص من مرحلة التقصيرة (رفع المرساة) حتى الوصول إلى قلب البحر حيث المغاصات. كما وتوقف جاسم حربان عند الرقصات المختلفة لفن الفجري وآلاته الموسيقية المختلفة. وخلال عرضه لتجربة فن الفجري، قدّم جاسم حربان مقاطع مغنّاة برفقة إيقاعات موسيقية أصيلة.
وكانت خلال الندوة الفكرية مشاركات من ممثلي دول مجلس التعاون، متوقفين عند أهمية الحفاظ على التراث الصوتي في دول الخليجي.
وسلط الملتقى الضوء على العناصر الصوتية المتنوعة والمشتركة بين دول مجلس التعاون، لتكريس مبدأ الهوية الخليجية المشتركة، حيث إن التنوع الثقافي يشكل أرضية خصبة لتعزيز الانتماء الوطني والخليجي. كما ناقش ملتقى التراث الخليجي مجموعة أسئلة متعلقة بالتراث الصوتي لدول الخليج.
وتطرق الملتقى أيضًا إلى جهود الشباب في إعادة صياغة الموروث الصوتي بشكل عصري. فعلى سبيل المثال، دعمت هيئة البحرين للثقافة والآثار بالتعاون مع أكاديمية "ريد بل" مشروع الباحث الموسيقي الشاب حسن حجيري، بعنوان: "سيمفونيات الذات"، والذي هدف إلى تسليط الضوء على إرث الملحن البحريني الراحل مجيد مرهون، من خلال تسجيل أعماله بالتعاون مع فرقة البحرين للموسيقى وكوكبة من الفنانين. وتمكّن المشاركون في ملتقى التراث الخليجي من التفاعل مع الفرق الشعبية المشاركة في مهرجان التراث السنوي 24، بالإضافة إلى الفعاليات المصاحبة المتعلقة بالموجات الصوتية وذلك من خلال زيارات لمقر المهرجان تضمنها جدول الملتقى.
وأوصى ملتقى التراث الخليجي بزيادة الاهتمام بالتراث غير المادي في دول الخليج وتوثيقه، إضافة إلى دفع وزارات التربية والتعليم إلى الاهتمام بالتراث الصوتي من خلال إعداد مادة تعليمية تقدم في المدارس من أجل تحقيق التواصل بين الموروث والثقافة الشعبية الأصيلة والجيل الجديد.
وكان من بين التوصيات كذلك الحث على إنشاء معهد متخصص بالفنون الشعبية يمثل مرجعا للباحثين. كما تضمنت توصيات الملتقى أهمية أن تعمل الجمعيات الفنية على تأهيل أجيال جديدة من الفنانين المتخصصين في الفنون الشعبية، إضافة إلى حث مسئولي الإعلام في دول الخليج على وضع الفنون الشعبية في الوسائل المسموعة والمرئية والمكتوبة.
ويواصل مهرجان التراث السنوي اشتغاله الثقافي حيث يقدم يوم غد السبت الموافق (16 إبريل 2016) العديد من الأنشطة لكل أفراد العائلة. فالمسرح الخاص في داخل الخيمة الخاصة بالمهرجان يستضيف ما بين الساعة 4:00 و9:00 مساء فرقة محمد بن فارس الموسيقية. كما يقدم ركن الأطفال ورش عمل في تشكيل الصلصال صناعة القوارب والآلات الموسيقية. وسيكون زوار المهرجان أيضا على موعد مع الحرف اليدوية التي يقدمها حرفيون من مملكة البحرين، وسوق يحتوي على العديد من المنتجات البحرينية الأصيلة ومحلات لبيع الأطعمة والمشروبات التقليدية التي تناسب جميع الأذواق.
يذكر أن مهرجان التراث السنوي اكتسب سمعة عالمية مرموقة منذ إطلاقه في العام 1992. ويعد احتفالية سنوية يتم فيها استعراض التقاليد البحرينية، تحت رعاية من عاهل البلاد حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، الذي يحرص على هذا الحدث، ويكرّس رعايته من أجل الحفاظ على التراث الإنساني الغني لمملكة البحرين، وصونه للأجيال المقبلة. ويمكّن المهرجان الذي يقام تحت عنوان: "موجات صوتيّة من بحريننا" الزوار من معايشة ذاكرة مكتملة عبر مجموعة من الفضاءات والتجهيزات التي تستخدم عنصر الصوت للانهماك في تجربة تمتدّ على مدى مختلف مراحل موسم الغوص.