لم يشفع نصف قرن هو عمر جمعية الثقافة والفنون في الأحساء، ليبقيها صامدة أمام عاصفة كان عمرها فقط نصف الساعة، في الوقت الذي كانت الجمعية تواجه عواصف المنافسات العربية والخليجية والمحلية بثبات وبابتسامة الواثق بتحقيق الإنجازات من دون خوف، وسابقت دموع أعضاء وإداريي الجمعية زخات المطر، بعد أن انهارت أجزاء منها، وتحولت إلى حطام ، وذلك وفق ما نقلت صحيفة "الحياة" اليوم الجمعة (15 أبريل / نيسان 2016).
ورفع إداريو الجمعية وأعضاؤها راية التحدي من جديد في أن هذه الظروف لن توقف الجمعية ولن تنهي مسيرتها، على رغم الأضرار التي لحقت بها بشكل كبير، وهي التي تستعد مساء اليوم (الجمعة) لإقامة أمسية جماهيرية لأمير الشعراء حيدر العبدالله، الذي كان من المزمع أن يوقّع ديوانه الجديد في مسرح الراحل عبدالرحمن المريخي، بيد أن اللجنة المنظمة أعلنت أن «الأنشطة ستستمر ولن تتوقف حتى ولو كانت في الصحراء».
هذه الظروف الحرجة التي تعرضت لها الجمعية أعادت إلى الأذهان التساؤل الذي لم يغب عن أروقة الجمعية «أين رجال الأعمال ودورهم تجاه مؤسسة ثقافية كانت أول بذرة لجمعيات الثقافة والفنون في المملكة قبل نصف قرن؟ ألا تستحق مقراً خاصاً بها؟ ليس لعمرها الطويل ولا لإنجازاتها التي لا تتوقف فحسب، بل لدورها الريادي في تصدير الثقافة والفنون في شتى المجالات، وأسماء فنية مهمة كانت النبتة التي زرعت داخل جدران الجمعية».
تعيش جمعية ثقافة وفنون الأحساء تحدياً عمره 50 عاماً، كان آخره بناء مسرح كبير لا يتسع للجمهور المتعطش للفن الراقي الذي تقدمه الجمعية، وكان بناؤه بأيدي الأعضاء وبأعلى المستوى بحسب ما هو متوافر، ومن يرى النتائج التي تحققها الجمعية على مختلف المستويات الدولية والعربية والخليجية وأيضاً المحلية، لا يمكن أن يصدق أنها جمعية بمقر مستأجر ومتواضع البناء، يتزاحم فيه الجمهور بشكل كبير ما أن تعلن الجمعية عن أي نشاط.
في حين أظهرت العاصفة السريعة، التي كانت آثارها أقوى مما كان متوقعاً، الألم الذي يعتصر الجمعية التي لم تهرم على مر السنين، على رغم التجاعيد التي تسكن جدرانها، وأنها وبحسب ما هو ظاهر لا تموت وإن ضعف بنيانها، والألم كان أقوى من أن يسمح لبعض إدارييها بالتصريح والحزن يكتنز وجوههم على بيتهم الأول بحسب تعبيرهم.
وكانت الأحساء بصورة عامة تعرضت إلى عاصفة قوية جداً، أحالت شوارعها وبعض منازلها إلى حطام، نتيجة للرياح القوية والمطر الغزير المصحوب بكميات كبيرة من البرد، إذ سقطت على إثرها أعمدة الإنارة، ورافعات لمشاريع الجسور في الأحساء، وأسقف الصفيح لبعض المنازل، وتضرر سيارات وممتلكات نتيجة للعاصفة.